التنين :
استُمد من مصر القديمة إذ كان عنصراً من عناصر الإله أوزوريس إله الموتى ،
وفى الفن اليونانى الرومانى كان من خواص البطل هيراكليس ، وفى المسيحية جعلوه قوى
الشر الكامنة ، ووصفوه عدوا للرب ، ويُعَّد التنين من الحيوانات الخرافية التى نسج
الإنسان حولها الروايات والأساطير ، وقد حظى بصفات خيالية اسطورية ، فهو يجمع بين
الزواحف والطير ، ويزعمون أنّ له مخالب أسد ، وأجنحة نسر و ذَنَب أفعى ، ويتخذ فى
بعض البلاد رمزاً قومياً .
وقد ورد عنصر التنين بالأساطير البابلية ، والآشورية ،
واليونانية القديمة ، والحيثية ، وأصبح من العناصر الزخرفية التى انتشرت بشرق ووسط
آسيا وانتشر استعماله بالفن الصينى منذ عصوره الأولى .
حيث يرمز فى الصين إلى صفات
الخير، والقوة ، والخصب ، واتخذ شعاراً للأسرة الإمبراطورية ، ويُنظر إليه فى
أساطير الشرق الأدنى على أنّه نوع من الحيات أو الأفاعى الضارة ، لهذا كان يُعد رمزاً
للشر ، وفى المصادر العربية رآه البعض حيواناً مخيفاً ، والبعض الآخر رآه رياحًا مدمرة
، أمّا فى التراث الإيرانى فقد جُعل نوعاً من الأفاعى الضخمة واستخدم رمزاً للشر،
سواء فى الأساطير القديمة أو حتى فى
الشاهنامة ، وتعددت أشكاله التى ظهر عليها فى الفنون الإسلامية والتصوير .
فهو يأخذ
شكل الثعبان الضخم الذى يغطى جسمه قشور السمك أو شكلاً قريباً من التمساح ، وأحياناً على هيئة السحب ، وقد تضاف إليه
أجنحة ، أمّا رأسه فمتنوع تشبه رأس التمساح أحياناً أو الثعبان أو الذئب ،
وأحياناً يشبه رأس الطائر الجارح ، ويظهر مفتوح الفم ، تبرز أسنانه ، ويخرج منه
اللهب .
ويرى البعض أنّه حيوان أسطورى يُشبه التمساح ، و يجمع فى شكله صفات النسر ،
والصقر، والأسد ، له أجنحة و يُصدر أصواتاً مرعبة ، وينفث ناراً ودخاناً يعيش قرب
الأنهار والبحيرات ، نراه ممثلاً فى مخطوط عجائب المخلوقات ، له رأس وحش أسطورى
و بدن طويل ملتو تمتد منه أربع أرجل تشبه أرجل الأسد .
وقد ذكر الكتاب المقدس (
التكوين 1: 31 ) فى بدء الخلق أنّ الله قد
خلق التنانين العظام ، وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بها المياه ، وكما
جاء فى رؤيا دنيال ( دانيال 7 : 3 – 7) أنّه قد صعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة ،
الأول يشبه الأسد ، و له جناح نسر ، انتصب فوق الأرض كإنسان ، و الثانى يشبه الدب ،
والثالث مثل النمر على ظهره أربعة أجنحة طائر ، وكان للحيوان أربعة رءوس ، والرابع
حيوان قوى شديد ، له أسنان من حديد كبيرة و أظافر من النحاس ، وعشرة قرون.
تناول
العهد الجديد بعض صور وأشكال للتنين ، كما فى رؤيا يوحنا اللاهوتى ( رؤيا 13 :1 - 2) ، حيث
رأى تنيناً عظيماً أحمر له سبعة رءوس وعشرة قرون ، وعلى رأسه سبعة تيجان ، وذنبه
يجر نجوم السماء طرحها على الأرض ، ثم ذكر صورة أخرى ، فقال رأيت وحشاً طالعاً من
البحر ، له سبعة رءوس وعشرة قرون ، وعلى قرونه عشرة تيجان ، فالوحش الذى رأيته كان
شبه نمر ، وقوائمه كقوائم دب ، وفمه كفم أسد ، وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناَ
عظيماَ .
ووصف صورة أخرى ( رؤيا 13 : 11 ) عبارة
عن وحش طالع من الأرض ، له قرنان ، شبه خروف ، و كان يتكلم كتنين ، و بالرغم من ذلك
فلم يلجأ الفنان القبطى إلى تصوير بعض من هذه الأشكال التى وردت بالكتاب المقدس ،
ورسم صوراً من خياله ، حيث تميزت صور التنين بالتنوع من خلال ابتكار أشكال مرعبة ،
غير واقعية حسب الأسلوب الفنى لكل فنان ، رمزاً إلى الشيطان .
حيث يذكر الكتاب المقدس
" وحدثت حرب فى السماء : ميخائيل و ملائكته حاربوا التنين وحارب التنين
وملائكته، ولم يقووا فلم يود مكانهم بعد ذلك فى السماء " ( رؤ 12 : 7 - 8 ) ،
فقد وصف الكتاب المقدس الشيطان بالتنين زيادة فى التنفير منه ولقبح منظره ، لما
يظهر منه وما يمثله من شكل مفزع ومخيف عند
رؤيته وقد سماه أيضاً الكتاب المقدس بالحية القديمة ، وأنّه إبليس والشيطان وذلك
فى سفر الرؤيا ليوحنا " فقبض على التنين الحية القديمة الذى هو إبليس
والشيطان ، وقيده ألف سنة " ( رؤ 20 : 2 )
.
مارجرجس والتنين والمرأة :
يميل الفنان القبطى إلى التركيز على أحد القديسين فوق ظهر جواد ، معروف
جيداً من خلال أسطورة شعبية يحارب الشر ، ويُرسم القديس راكباً جواده الأبيض ،
ولابساً ثيابه العسكرية ، بيده حربة ، يطعن بها تنيناً ، وخلفه فتاة كإحدى الأميرات ،
قد نالت الخلاص من ذلك التنين ، وهذا
الرسم رمزى .
فالتنين يُمّثل الشيطان ، أو" الملك الرومانى دقلديانوس " ،
والفتاة الأميرة تُمّثل المسيحية ، أوالكنيسة ، فالشيطان يحارب الكنيسة ، والقديس
مارجرجس طعن الشيطان ، المقصود به الملك ، وقد قال القديس قبل قتله بالسيف ، لقد
هزمت التنين ، وأنقذت الفتاة من خطره ، لذلك يرسمان معه فى الصورة الرمزية .
الملاك ميخائيل يدوس على شخص :
ويرسم الفنان شخصاً مستلقى على ظهره يدوس عليه الملاك بقدميه ، ذو وجه قبيح
طويل بعين واحدة مطموسة فى وضع الاستسلام والخضوع ، ويمسك بيده الميزان رمز
العدالة ، والميزان وشكل آدمى فى قماط يرمز إلى روح المتوفى .
ومن المعروف أنّ
المصريين القدماء قد رمزوا لآلهة العدالة بالألهة " ماعت " تجلس أوتقف بجوار الميزان المخصص لمحاكمة الأرواح
عقب الموت فى الأسطورة الدينية القديمة ، وكانت الموازين تؤلف رمزاً شائعاً فى
الحياة المصرية ، حتى صارت كفتا الميزان تظهران فى النقوش بمثابة رمز مجسم لتصوير
محاكمة كل روح فى عالم الحياة الأخرة .
والحقيقة أنّ ذلك الرمز ترجع نشأته إلى ظهوره بين رجال الفكر فى العهد الإقطاعى بمصر ، منذ أربعة آلاف عام ، ولم يكن الأمر مقصورًا على تصوير الميزان بأكمله بمثابة رمز للاستقامة فى ذلك العهد الإقطاعى .