الحلى :
عرف المصرى القديم
الحلى حيث كان الغرض الرئيس منها هو الزينة والزخرفة ، وقد اهتمت المرأة المصرية القديمة بالزينة والحلى ، وتنافس معها الرجل
لكنها تفوقت عليه حيث لجأت إلى الكثير من وسائل التجميل والزينة، كما استخدمها المصرى القديم فى السحر والأغراض الدينية ، فقد اعتقد المصرى القديم وجود بعض أنواع من الحلى لها قدرة
سحرية تساعد على حمايته وحفظه من الأذى وكافة أنواع الشرور .
كما أنها تساعده فى
إبطال السحر الموجه ضده ،وكانت أنواع الحلى المستخدمة فى هذا الشأن عبارة عن تمائم
لها صفة القوة والحظ السعيد والبركة وحسن الطالع لكل من يحملها ، وتزين الإنسان
بالحلى منذ العصور القديمة وعصور ما قبل التاريخ ، فقد تم العثور على الكثير من
أنواع الخرز، والأساور، والخواتم ،والدلايات البسيطة المصنوعة من الحجر ،أو العظم ،أو
العاج ،أو من الطين الملون ،وذلك فى مقابر العصر الحجرى الحديث فى الفيوم، وفى
مرمدة بنى سلامة .
وفى حضارة البدارى تم العثور على أكاليل للرأس أو أحزمة للوسط مصنوعة من الجلد ، كما اُستعمل الذهب
والنحاس فى صناعة الحلى ، وكانت تماثيل الألهة فى المعابد تلبس الحلى وذلك أثناء
أداء الطقوس ، حيث ظهر ذلك فى المناظر المنقوشة على جدران المعابد والمقابر
والتوابيت ، وكان للحلى أسماء وقوائم ، كما كانت هناك حلى كانت توضع على الحيوانات
لتزيينها وحراستها من الحسد والشرور.
وتوجد حلى للتزين فى الحياة اليومية ومنها
ما تم استخدامه كتمائم للحراسة والحماية ، وكانت تُصنع من الذهب وتُرصع بالأحجار
الكريمة وتُزود بالمشابك ،أو المحابس ،أو بسلك ذهب ،أو خيوط رفيعة ، كما كان هناك
أيضًا حلى للتزين والحماية من العالم الأخر حيث كان لها أغراض سحرية لحماية من
يلبسها فى العالم الآخر وحماية جسده من الشرور ، وكانت تُصنع من مواد غير ثمينة
مثل الخشب المذهب والجص المذهب او الحجر والقيشانى او من العظم والعاج .
وكانت هذه
الحلى تُوضع أو تُثبت بخيط على المومياء وليس لها مشابك ، كما تم استخدام الحلى فى التكريم والهدايا فى
الأعياد والمناسبات ، وذلك من خلال شرفة التجليات بالقصر الملكى أو فى المعبد ،
كما كانت تُهدى الحلى على هيئة أوسمة ونياشين لكبار قادة الجيش وكبار الموظفين ،
وقد تبوأت صناعة الحلى والزينة فى مصر القديمة مكانة عظيمة وقد ارتكزت على ما تم
العثور عليه من خامات متوفرة ،والإمكانات المتاحة ،والتطور الصناعى .
وتميز المصري القديم بمهارته في
التنقيب عن المعادن ، حيث درس وتعلم
العلوم المهمة لتكون سبيله الواضح فى
البحث والتنقيب ، فتعلم كيف يحدد الإتجاهات وتعرّف على الدروب والوديان ، وكان
خبيرًا فى تحديد أنواع الصخور وتصنيفها وعرف أماكنها ، وتمكن من معرفة وتحديد
طبيعة المعادن وصفاتها وخواصها بصورة علمية دقيقة ، وعرف كيف يتعامل مع هذه
المعادن وخاماتها ويستخلصها .
وكان له قدرة عظيمة على اعمال البحث عن المعادن
النفيسة وتوظيفها في مختلف الصناعات ، مما كان له عظيم الأثر في ازدهار الفنون
والصناعات المرتبطة بالمعادن في مصر القديمة ، وهذا ما سجلته النصوص والمناظر
المصرية القديمة على جدران المقابر والمعابد ، بالإضافة إلى الآثار والتحف
المنقولة التي تم العثور عليها ، وكان الحصول على الذهب من أهم الأنشطة الإقتصادية
منذ بداية التاريخ المصري القديم .
ولذلك يتوفر للقدماء المصريين المعرفه
الدقيقة للمعادن والصخور ، وتمكنوا من
إحراز تقدم علمي كبير في هذا المجال حيث قاموا برسم الخرائط الطبوغرافية
والجيولوجية ، و توجد أول خريطة من هذه الخرائط حاليا بمتحف تورين بايطاليا ،
وكذلك في مجال التعدين واستخدامه في المناطق الصحراوية ، وتوجد آثار التعدين
للحصول على الذهب بالصحراء الشرقية والنوبة ، وكان أول ظهور لعلامة الذهب يرجع
لعصر نقادة الأولى .
وقد ظهرت العلامة الممثلة للذهب في ألقاب ملوك الأسرة الأولى
والثانية أمثال لقب " رن rn و nbw " والذى انبثق منه
لقب " nbw- hwr " ، وكان
مصطلح " نبو nbw " هو الإسم الوحيد
للذهب حتى النصف الثاني من عصر الدولة الحديثة ثم ظهر في الدولة الحديثة والعصر
اليوناني والروماني على وجه الخصوص مصطلحات اخرى تدل على الذهب مثل "
ktm , wy, msny , Whr , rwy " .
مناجم الذهب :
يوجد
الذهب في أماكن متفرقة في الصحراء الشرقية والنوبة ويحتوي على نسبة من الفضة
والنحاس والحديد وهو إما في صورة حصى ورمال في الوديان أو في عروق الكوارتز ، وأهم مناطق التعدين في الصحراء الشرقية في المنطقة الممتدة من جنوب طريق قنا القصير
الى حدود السودان ، ومن اشهر مناجم الذهب فى الصحراء الشرقية وادي الحمامات .
حيث
تم تحديد منجم الذهب على بردية تورين في منتصف وادى الحمامات ووادى السد على بعد
ثمانية عشرة كيلو متر من وادي عطا الله ، وكذلك في واد الفواخير على بعد 4 كيلو
متر من محجر " بخن " الذي حددته بردية تورين قرب منجم الذهب في وادي الحمامات ، وهناك
مناجم للذهب في وادى عبّاد قرب البحر الأحمر حيث
معبد الرديسية من عهد سيتى الأول .
والكثير من المناجم الأخرى التي تحيط
بهذه المنطقة كمنجم دونجاش شمال شرق ساموت ،ومناجم وادى الهودى ، ووادى العلاقى ،وهناك وثيقة تذكر أسماء مناجم للذهب في النوبة التي عرفها المصريون حيث يرمز لكل
منجم بمائدة قرابين وكتبت فوقها اسم المنجم ، وهذه الوثيقة نقشت على معبد الأقصر
من عصر رمسيس الثاني وهي من الجنوب الى الشمال عروش الأرضين ( جبل برقل ) .
وجبل
عمو ( بين صولب وكرما) ، وجبل كوش (قرب سمنة ) ، وصحراء تاستى ( منطقة واوات ) ، وجبل خنتي حن نفر ( النوبه السفلى ) ، والجبل المطهر (وادي الحمامات) ، وجبل ادفو
(مناجم وادي عباد)، وجبل قفط (شمال وادي الحمامات)،وقد ميزت النصوص المصرية
القديمة بين أنواع الذهب فهناك الذهب ، والذهب الطيب ، وذهب الجبل ، وذهب نقى .
أما عن كيفية إدارة مناجم الذهب فقد تكونت إدارته من موظفى خزانة الدولة ، ومجموعة
كبيرة من العمال المنوط بهم استخراج الذهب وتشكيله ، ومن أهم الألقاب الإدارية
التي ظهرت في بعثات مناجم الذهب لقب المشرف على أراضي ذهب آمون ، ومشرف
الخزانة ،والمشرف على خزانة الذهب والفضة
، والكاتب محصى الذهب ، والمشرف على عمال المناجم ، والمشرف على غسيل الذهب ،
ورئيس فريق غاسلى الذهب .
وقد استخدم المصرى القديم الذهب والفضة والعاج والأخشاب
والزجاج ، وكان يُعتقد أن الذهب من جلد الإله رع ورمز للشمس وهو جسد الإله ، وكان
له قيمة عظيمة عند المصريين حيث تم استخراج الذهب بكميات كبيرة من منطقة النوبة ،
وكان الذهب الخام يُصب فى قوالب ويتم طرقه لعمل ألواح رقيقة منه ، وتصنع منه
الأوانى والمرايا ، والأساور ، والقلائد ، والعقود ، وحليات الصدر ، والأقراط ،
والخواتم .
وأول ما تم اكتشافه أربع أساور
من الأسرة الأولى تُعبّر عن دقة ومهارة الصانع المصرى ، وقد وجد فى متحف برلين بألمانيا خاتم من الذهب مكتوب عليه " لأحد
المشرفين على صهرالذهب " ، وفى عهد منكاورع
تم تكريم أحد الأشخاص كان والده أحد المشرفين على الصُياّغ وهو فى طفولته ،
وقد أصبح بعد ذلك مشرفًا على الصُياّغ ، وفى الدولة الوسطى كان يُطلق عليه "
مقدمًا على غيره " .
وفى الدولة
الحديثة سُمى " المشرف على الفنانين فى مصر العليا والسفلى والعارف بأسرار
بيوت الذهب " ، وتعددت أسماء صناع الحلى وألقابه فى مصر القديمة ، ولكن لم
يتم تخصيص لقب معين لصانع الذهب بالرغم من إطلاق لفظ الحرفى عليه ، وأُطلق على
الكاهن الأعلى للإله بتاح بمنف لقب رئيس الحرفيين ، وفى الدولة الوسطى عُرف صانع
الذهب باسم " ممحص " والمقصود به الصائغ او حرفى الذهب .
وفى الدولة الحديثة ظهر لقب ( nsby
)، كما كان يُطلق على عامل الفيانس اسم (bcbc)
، وكانت هذه الصناعة تُورث من الأب إلى الإبن ومعظمهم كان يعمل فى القصر الملكى أو
فى ورش المعابد ،وأقدم منظر يُؤرخ لعمال الذهب يرجع إلى عصر الدولة القديمة من
الأسرة الرابعة على جدران مقبرة " نب – إم – اخت " كما كانت أعمال
الصياغة تتم فى الأغلب بواسطة الأقزام .
الأدوات المستخدمة فى صناعة الحلى :
أمَّا الأدوات المستخدمة فى صناعة الحلى
فهى البوتقة وتُصنع من الطين أو الفخاروأحيانًا من الخشب وأشكالها مخروطية دائرية
وتطورت لتصبح مثل الكماشة ، والملقاط كان يُصنع من البرونز ، والقوالب المفتوحة
والمعلقة ، وأداة النفخ ، والمثقاب
الأنبوبى والوترى ، والإزميل المستخدم فى
الحفر والتزجيج على الحلى ، وأدوات الطرق
وهى ذات رؤوس من البرنز ، الميزان القاعدى ذوالقائم الثابت واليدوى ، والسنج
المخروطية والأُسطوانية والمربعة والمستطيلة والبرميلية .
وفى الدولة القديمة تم
العثور على بعض الحلى والمجوهرات فى عدد قليل من مقابر الملوك والأمراء مثل مقبرة
" جر " فى أبيدوس ، و" سخم خت " فى سقارة ، وفى الدولة الوسطى تم العثور على
عدد قليل من الحلى فى مقابر الملوك والأمراء فنجد كنوز أميرات دهشور واللاهون من
خرز وأكاليل ومجوهرات ، وفى الدولة الحديثة تم العثور على مجموعة كبيرة من الحلى
مثل كنوز الملك توت عنخ آمون ، والملكة " أعح حتب " ، والأميرات الثلاثة
، وحلى السرابيوم ، والمقابرالملكية .
وكانت المرأة تضع القرط الدائرى الواسع فى
أُذنيها أو اقراطًا على شكل عناقيد العنب ، وتزين معصمها بأساور سميكة تنتهى برأس
حية من كل ناحية ، وبعضها كان مبرومًا ينتهى برأس حية من طرف وذيلها من الطرف
الأخر ، وكان بعض حليها الذهبية مرصعًا بالجواهر والأحجار الكريمة ، وتلبس الخلخال
المصنوع من النحاس او الفضة ، وتصنعه المرأة الغنية من الذهب .
وقد تم العثور فى
مقابر الأسرة الملكية بالقرب من هرم أمنمحات الثالث بدهشور بالفيوم من الأسرة
الثانية عشر على قطع وتحف فنية بديعة الصنع ، وفى غرفة دفن الأميرة " تاورت
" تم العثور على أساور من الذهب وخرز من الحجرالصلب وطوق من الذهب وقلادة من
النوع المعروف باسم " أوسخت " ، وفى مقبرة الأميرة " أتا "
عُثر على خنجر من الذهب ومقبضة من الذهب المرصع
وأساور ذات محابس من ذهب وعلى الجسم زخرفة من قطع من الحجر وخرز من الذهب .
وتُعّد
مقبرة " خنمت " من أغنى المقابر فقد عُثر على تاجين أحدهما من الذهب
الخالص المرصع بالأحجار نصف الكريمة ، والأخر يتكون من أسلاك من الذهب ومحلى بزهور
مرصعة بحجر الكرنالين ،وهذا التاج من اجمل القطع التي تُحاكى الطبيعة وتُعبر عن
الرقى والذوق الفني الذى بلغه الفنان المصرى القديم . وفى مقبرة الأميرة "
سات – حتحور – آنت " باللاهون تم
العثور على حلى دقيقة الصنع .
كما عُثر على صدريتان أحدهما لأبيها الملك سنوسرت
الثانى ، والأخرى لزوجها الملك امنمحات الثالث ، وأحزمة وأساور وخلاخيل ومرآة من
الفضة مرصعة بالأحجار الكريمة والذهب ، وتاج من الذهب مرصع بالأحجار الكريمة
للأميرة خنمت ، كما عُثر أيضًا فى مقبرة " مريت " على قلادة من الذهب
فيها حليات للصدر من الصدف ، وجُعلان من اللازورد والأحجار الأخرى ، وعقود من
الأماتيست وصدفة من الذهب تتوسطها قطعة من العقيق .
وقفلان لأسورة من الذهب المطعم
بالعقيق الأحمر عليها اسم أمنمحات الثالث ، وحليتان للصدر من الذهب المطعم بالعقيق
الأحمر ومرصع باللازورد والفيروزعليها اسم الملك سنوسرت الثالث وامنمحات الثالث ،
ومن أروع ما نقش على جدران المقابر منظر يُمثل ابنتى " أو سرحت " كبير
كهنة طيبة من الأسرة الثامنة عشر ، وقد بدت كل منهما فى أجمل زينة وترتدى الأقراط
المستديرة فى الأذن والقلائد حول الرقبة
والأساور فى المعصم .
ارتباط الشمس بالذهب :
تُعّد الشمس ذهبًا ولقد
كان الذهب و الإلكتروم يمثلان معادن النجوم ، وكان كل ما يقترب من الشمس يصبح ذهبًا
فالسماء من الذهب وذلك عندما يسطع الإله من الذهب ، وقد قام المصري القديم بتصفيح آثاره
الثابتة سواء كانت صروح أو أبواب أو أعمدة أومسلات حتى المناظر والنقوش من الذهب
وذلك لارتباط هذا المعدن بخلود الشمس خلود المعبود رع .
فالذهب والفضه يمثلان رمزا لكل ما هو خالد غير فان حتى أنّ المصرى القديم
حرص على تغطية المومياوات بصفائح من الذهب والفضه والالكتروم لكي يضمن لاصحابها
الخلود وذلك لقداسة هذه المعادن فضلا عن أن هذه المعادن النفيسة ترمز الى كل من
عظام وأجساد وأطراف المعبودات وبالتالي فإنها لا تفنى مثل أجساد المعبودات وبصفة
خاصة المعبود اوزير ولذلك فإن عملية تفضيض وتذهيب جسد المتوفى يجعله محاكيا لجسد
اوزير .
غير أن هذه المعادن من الناحية العملية غير قابلة للتأكل أو التحلل
أوالفناء ، ومن ثم فان وجودها على الجسد يحفظه من التحلل والتعفن ويضمن له الخلود
وعدم الفناء ، وقد منح المعبود " بتاح تاتتن " الملك رمسيس الثانى الخلود والحكمة والثروة والقوة
، وكل هذه الصفات مستمدة من صلابة وقوة المعادن التي يسيطر عليها المعبود " بتاح
تاتتن" ، الذي يُعّد مالكًا لكل
ثروات الأرض ، ومن بينها المعادن النفيسة وهى الذهب والفضة و الإلكتروم .
ومن بين الأفكار التى سادت في مصر القديمة بصفة خاصة وفى العالم القديم
بصفة عامة أن الفضة تماثل أوتقابل القمر ، لما لها من لون أبيض مائل الى الرمادى ،
وتميزها بالبريق والنور اللامع المنعكس من ضياء الشمس فإنها تتفق مع شكل القمر ، ومن
ثم ربط المصري القديم بين الفضة والقمر كما ربط بين الفضة والفيروز وهناك ربط من
ناحية أخرى بين اللون الأصفر لمعدن الذهب وضياءه وحيويته وبين الشمس المانحة للضوء والحرارة.
ومن ناحية أخرى ارتبطت المرايا بالقمر ، وذلك من خلال القرص الذى يشبه
قرص القمر والذى حرص المصري القديم على صناعته من الفضة علاوة على ارتباط القرص
بالشمس أيضا ومن ثم صنع من الذهب في بعض الحالات حيث أن أغلب المرايا كانت أقراصها
تصنع من الفضة ثم من الذهب بينما صنعت أحيانا
من معدن الإلكتروم ، وذلك حتى يجمع الصانع بين العنصرين الفضة والذهب من ناحية
والشمس والقمر من ناحية أخرى ، وبذلك يعكس قرص المرايا كل من ضوء الشمس ونور القمر
أو بمعنى أخر ضوء الذهب ونور الفضة.
ولا شك في أنّ
المصريين القدماء اعتبروا الذهب من أثمن المواد ، ولكن قيمته العظيمة لا ترجع إلى الناحية
الاقتصادية فقط ، ولكن لأنه مادة الشمس فهو المعدن اللامع الغير قابل للفساد ، وهو الذى
انبعثت منه الألهة وقد اعتقد المصريون القدماء أنّ الربة حتحور هي تجسيد الذهب ولا
يزال المثل العامي سائرا في عصرنا الحاضر " هاتور الشهر القبطي المشتق اسمه
الحديث من حتحور أبو الذهب المنثور " وكان أحد الألقاب الملكية عند قدماء المصريين
"حورس الذهبى" .
كما كسيت
تماثيل الألهة بالذهب الرقيق عندما لم يتوفر صناعتها كلها من الذهب ، واستعملت
رقائق الذهب في تغطية قمم المسلات ، والمعابد ، والدهاليز وأدوات الطقوس الدينية ،
والنقوش البارزة ذات الصور المقدسة ، ولما كان الذهب
معدنًا الهيًا فقد أضفى الحياة الخالدة ، فوهب الذهب توت عنخ آمون وكل من شابهه
الحياة الخالدة التي للشمس والألهة ، وامتد هذا الإعتقاد حتى صاراللون الأصفر بالغ
الأهمية في الرموز الجنائزية .
وأُطلق على المواضع التي صنعت فيها تماثيل "
القرين" والتوابيت اسم "بيوت الذهب" ، وكذلك أطلق نفس هذا الأسم على بعض بيوت التحنيط ،وحجرات التوابيت بالمقابر الملكية ، وكانت الأقنعة
التي تغطى وجوه الأطفال المحنطة إما أن تُكسى بالذهب ، أوتطلى باللون الأصفر ، أما
اقنعة الملوك وعظماء النبلاء فتصنع من الذهب النقى واستخدم الصناع المهرة نفس هذا
المعدن في صناعة العقود والأساور والخواتم والحلى الصدرية .
وغيرها من التمائم
القوية الأثر التي كانت تزين جثة الملك المحنطة ، وجثث الذين كان يحبوهم الملك
بعطفه ، ولم يقتصر إستعمال
الذهب على الأغراض الطقسية والجنائزية ، لكن كان الأحياء يبّجلونه في الدولة الحديثة حيث كان الملك يُزّين جنوده الأكفاء " ذبابات
ذهبية " ، ومنح وزرائه عقودًا ثقيلة
من الذهب ، وكان ذلك المعدن الإلهى متداولًا
كبقية المعادن منذ الألف سنة الثانية على الأقل .
وكثيرًا ما استعمله العوام نقودًا
، ولكن لم يشعر المصريون من تلقاء أنفسهم بحاجتهم لتخزين كميات من معدن بديع ذى
خواص سحرية وغير قابل الفناء ويُنجى صاحبه في الحياة الأخرة للإنتفاع به في الحياة الدنيا
، إلّا عندما رأى المصريون طمع جيرانهم فاقتنعوا بأن مناجمهم كانت مقياس قوتهم ، وتذخرالخطابات
التي أرسلها ملوك آسيا إلى آخر ملكين بإسم أمنحوتب بالطلبات البالغة القيمة "
الذهب النقي في مصر تراب على الطرق …. يجب أن ترسل لى كمية كبيرة من الذهب كما فعل
أبوك " .
ويقول ملك بابل : " لا يجب أن يعهد أخى إلى موظف بالذهب الذي يرسله
لي بل يجب أن يرى أخى بعينيه أنّ الذهب قد عُبىء وختم وسافر ،لأنّ الذهب الذى أرسله
لى أخى والذى عبّأءه وختمه موظف من عند أخى كان من نوع ردىء " ، فقد غش موظفو أمنحوتب الرابع الذهب ، ولكن جرمهم أقل من لصوص القبور في عصر أخر
الرعامسة الذين نهبوا المومياوات الملكية وسلبوا جميع حليها الخالدة .
وقد تسرب
الذهب ببطء إلى العامة والبسطاء وقال أحد المصريين الحكماء الذين عرفوا بهذا الخطر
" أما عن الذهب ، لحم الألهة فهو ليس لكم ، خذوا حذركم اذن ، الا تنطقوا
بكلام إله الشمس عندما بدأ كلامه قائلًا : إن بشرتي من الإلكتروم النقى " ، هكذا قال سيتى الأول إلى عمال المناجم فى إحدى خطبه ، وربما كان
ملك مصر أغنى ملوك بلاد الشرق في الذهب "
إنه جبل ذهبى يُضيء المملكة كلها مثل إله الأفق " .
وعندما
استولى أهل طيبة على مناجم الصحراء صار معبد آمون المزدهر مصرفًا حقيقيًا كانت مصر
وبلاد النوبة هما البلاد المنتجة للذهب ، وكان الكوارتز المحمل بالذهب وفيرًا في
قلب الجبال الشرقية والجنوبية الشرقية ، فيُكسر الصخر ويُغسل ويُجمع الذهب تبرًا فى
أكياس من الجلد ثم يُصهر ويُحوّل إلى قوالب بشكل متوازى مستطيلات أو حلقات .
فكان
الضباط والجنود المكلفون بمراقبة العمليات لصالح الدولة وحدها يتحملون مسؤوليات
جسيمة ، أمّا العمل في المنجم فكان شاق جدًا حيث يصف الكاتب الإغريقى " اجاثارخيديس Agatharchides " ذلك
العمل الشاق وظروف المعيشة المفزعة التي يعيشها المتهمون المحكوم عليهم في مناجم
الذهب البطلمية في وادى الحمامات ، حيث كان العمل مستمرًا في المناجم .
ولكى يستمرالملك
سيتى ، ورمسيس فى إنتاج التماثيل بذلا جهودًا مضنية
للمحافظة على الآبار مفتوحة فى الطرق الصحراوية من كوبان وادفو إلى مواضع الكوارتز
المحمّل بالذهب ، فعدم وجود الماء يعنى عدم وجود عمال المناجم ، ويعنى إنقطاع
الذهب من على الأرض ، وفى مجد الدولة المصرية
الحديثة كانت مصر تفرض جزية باهظة من الذهب .
ثم زاد الفرعون القابض علي مفتاح
افريقية في دخله من المناجم الشرقية وجلب الذهب من بلاد بونت بالسفن فضلا عن
الجزية التي يدفعها أهل النوبة الخاضعين لحكمه ، وكانت اثيوبيا غنية بالذهب أيضًا
حتى تخيل الأغارقة المتمصرون فى أزمنة لاحقة أنّ جميع الأسرى هناك مقيدون بسلاسل
من الذهب وهكذا كان مولد أُسطورة عظمى .
المراجع العربية :
- ثروت عكاشة : الفن المصرى القديم ، القاهرة 1975 م
- داليا ميلاد فرج :
دراسة لأدوات الزينة القبطية في مصر والتأثيرات الرومانية والبيزنطية ، رسالة
ماجستير ، جامعة حلوان ، 2008م
- سيد كريم : المرأة
المصرية في عهد الفراعنة ، القاهرة ، 1994م
- سمير أديب : موسوعة
الحضارة المصرية القديمة ، القاهرة ،
2000م
- عبد الحليم نور
الدين : الذهب والفضة فى مصر القديمة ،
الموسم الثقافي الأثرى الثالث ، مكتبة الإسكندرية
المراجع المعربة :
- أدولف ارمان : مصر
والحياة المصرية في العصور القديمة ، القاهرة ، 1993م
- ألفريد لوكاس : المواد والصناعات عند قدماء
المصريين ، القاهرة 1945م
- جورج بوزنر :معجم الحضارة المصرية القديمة ،
القاهرة ، 1996م
- دومنيك فالبيل :
الناس والحياة في مصر القديمة ،القاهرة
، 2001 م
- و.م
. فلندرز بترى : الحياة الاجتماعية في مصر القديمة ، القاهرة ، 1975م
المراجع الأجنبية :
W. M . Flinders , petrie., the arts and crafts of ancient egypt,london
,1910
Jean ,Capart.,egyptian art .introductory studies, 1920
G.Maspero., the art in egypt, new york,vol.1 , vol.2, 1921
Georges
.Perrot,Charles.Chipiez., A history
of art in ancient egypt , in two
volums , 1883