recent
موضوعات

تحنيط الحيوانات والطيور فى مصر القديمة

 


 الحيوانات والطيور المقدسة :

" لقد منحت الجائع خبزًا ، والظمان ماءً و، والعريان ثياباً ، لقد سهرت مع طيور أبى منجل والصقور والكلاب الإلهية ، ودفنتها على حسب ما تقتضيه الشعائر ودهنتها بالزيوت ودثرتها بالأقمشة " نقلاً عن الترجمة الفرنسية . لا يوجد اختلاف بين طبيعة كل من البشر والحيوان والألهة ، لأن قصص الخلق تحكى أنّ الإله خلق جميع الأنواع من جسده وتمثلت الألهة بأشكال الحيوانات ، وأشكال الكائنات الحية الخرافية ذات الشكل الحيوانى والأدمى .

وقد قّدس المصرى القديم الحيوانات وأطلق أسمائها على كثير من الأقاليم مثل مدينة "هيليوبوليس " وتعنى الثور الأسود ، ومدينة " كينوبوليس " وتعنى الكلب الأسود ، ومدينة " المنيا " وتعنى الوعل ، و" هيرموبوليس " وغيرها من المدن والأقاليم وفى العصور المصرية المتأخرة تم تكريس المعابد الرئيسة لألهة مرتبطة بأشكال حيوانية مثل معبد إدفو الخاص بالصقر حورس ، ومعبد دندرة للبقرة حتحور ، ومعبد اسنا للكبش خنوم ، والكبش إله مدينة منديس ، والتمساح الإله سوبك في كوم امبو ومعابد الفيوم وقبل ذلك كان العجل أبيس في منف ومنفيس في هليوبوليس .

ولكن الأمر المختلف هو الاهتمام بتربية الحيوانات المقدسة في حرم المعابد ، لذلك فقد اهتم المصرى القديم بتحنيط هذه الحيوانات التي تُعد صورة للإله ، وكان هناك كذلك حيوانات وطيور لها صفة القداسة اهتم المصرى بتحنيطها مثل الصقور وطائر أبى منجل والقطط والقردة  حيث تم العثور على الألاف من مومياوات القرود ،وكانت هذه المومياوات تُوضع داخل سراديب الموتى  متجاورة بجوار بعضها البعض مثل سراديب طيور أبى منجل ، والنسانيس في تونا الجبل ، وسراديب القطط في بوباستيون .

وكانت توقف الأراضى على كل نوع من الحيوانات المقدسة لرعايتها واطاعمها، وعندما يموت حيوان منها يُلفّ بالكتان الرقيق ويتم تحنيطه باستخدام راتنجات شجر الأرز ، ومواد ذات رائحة ذكية للحفاظ على جسده ثم دفنه في صندوق فعلى سبيل المثال تم تحنيط القردة  وهى صورة الإله " تحوت " ، وتم دفنها في جبانة قريبة من معبد الإله تحوت في تونا الجبل ، وجبانة سقارة الشمالية ، وهناك أيضًا مقبرة وادى القرود القريبة من وادى الملوك في طيبة لكنها غير مرتبطة بوجود معبد .

وقد لجأ المصرى القديم إلى تحنيط الحيوانات لإيمانه أنّ الحيوان مثل الإنسان عند الموت حيث ينفصل جسده عن روحه وسوف تعود روحه عند الدفن إلى جسده فيتم تحنيطه حتى تتعرف عليه ، كما يُعد الحيوان المحنط نوع من النذور التي تقدم للألهة في المعابد ، الأمر الثالث هوارتباط المصريين بهذه الحيوانات وحبهم لها وخاصة الأليفة منها مثل قطة الأمير تحتمس ، والقرد المدلل للأميرة " ماعت كارع " في القرن العاشر ق.م . 

أما من ناحية طريقة التحنيط فقد اختلفت عن تحنيط الجسد البشرى ، فقد استخدم المحنطون الحقن الشرجية وبها زيت الأرز لحقن جسد الحيوان ،وتُترك عدة أيام داخل الجسد لتنظيف الجسد من الداخل ويتم التخلص من الزيت وبقايا الجسد المتهالكة ، وبعد ذلك يقوم المحنط بتجفيف الجسد بملح النطرون ويلفه باللفائف ،وفى بعض الأحيان يُوضع قناع على الحيوان المحنط مثل الإنسان ويتم دفته داخل تابوت ، وبعد انتهاء عملية التحنيط تتم عملية الدفن في قبور مخصصة لها وتُقام شعائر الدفن مثل الأدميين .

وقد تم العثور على الكثير من الجبانات المخصصة للحيوانات مثل جبانة الكباش في جزيرة الفنتين بأسوان وطهنا بالمنيا ومنديس والفيوم ، والواحات وعُثر على الكثير من السراديب التي يوجد بها مومياوات القرود وطائر أبى منجل " أبيس " والمعروف أنّ القرد وطائر أبى منجل يُعدّا رمزًا أو روحًا للإله جحوتى إله الحكمة والمعرفة ، كذلك تم العثور على جبانات للأسماك " السموس أو قشر البياض " في جبانة غرب إسنا ، وجبانة السرابيوم في سقارة والتي تم العثور فيها على مجموعة كبيرة من العجول " أبيس " والتي اكتشفها العالم الفرنسي أُوجست مارييت . 

وتحتفظ الكثير من متاحف العالم بمجموعات كبيرة من الحيوانات المحنطة ، منها حوالى 53 قطة محنطة ، وفى متحف شيكاغو يوجد حوالى 34 تمساح ، و53 تمساح محنط موزع على باقى المتاحف العالمية ، كما تضم هذه المتاحف العالمية 56 طائرأبى منجل " أبيس " منها 28 في متحف بروكلين ، كما يُعرض في متحف التحنيط بالأقصر الكبش والتمساح والسمكة والقرد وهى من أهم الحيوانات المحنطة في مصر .

وفى الأسرة السادسة والعشرين تم تحنيط العجل تحنيطًا سليمًا وقد شرحت إحدى البرديات أساليب التحنيط في تلك الفترة  حيث يتم غسل الجسد بالماء وحشوه بالأقمشة ودهنه بالزيت ثم يُلّف في الكفن  ، وكانت الأحشاء يتم استخراجها عن طريق الشرج وليس فتح البطن ، ومازالت موائد التحنيط موجودة في منف مصنوعة من الألبستر في شكل قطعة واحدة .    

الكبش : 

من المعروف أن روح الإله خنوم في الفكر المصرى القديم تصورت في شكل كبش ذو قرون أُفقية مسطحة ، ونرى ذلك في متحف التحنيط بالأقصر الذى يعرض كبشًا يُغطيه قماش الكتان وعلى الوجه والصدر قناع من الكارتوناج المذهب تم العثور عليه بجزيرة الفنتين بأسوان وتتدلى من منطقة الرقبة وتتدلى من منطقة الرقبة في القناع حلية الصدرية ويُعلّق فيها الثالوث الذى عُبد في أسوان" خنوم– ساتت –عنقت "وكتب سطر الهيروغليفية " يا أُوزير روح الإله الغنية الخاصة بخنوم ..." 

القطة : 

تُعّد القطة في الفكر المصرى القديم رفيقة الإله رع في رحلته اليومية لحمايته من الثعبان الشرير أبو فيس ، ولكن دورها الأساسى هو كونها روح الإلهة " باستت " إلهة الحنان والوداعة والمرح وتم تحنيطها لتقديمها نذرًا في معبد الإلهة في تل بسطة بالزقازيق – محافظة الشرقية  ، ويُعرض في متحف التحنيط  بالأقصر قطة يُغطى وجهها قناع ذهبى ، ومن أشهر الجبانات الخاصة بالقطط جبانة تل بسطة  مقر عبادة الإلهة باستت ، وجبانة بوباستيون في سقارة ، وكما جاء في بردية مكتوبة بالديموطيقية تم العثور عليها في طيبة ، وكان يوجد مكان غرب الأقصر يسمى " موضع راحة القطط " ، وكانت القطط تُدفن في حفرة مكسوة بالطوب اللبن .   

التمساح :

 يُعد التمساح في العقيدة المصرية القديمة روح الإله ست أو سوبك حيث عُبد في كثير من المدن المصرية بأشكال مختلفة ، فنجده في كفر الشيخ " سايس " ابناً للألهة " نيت " ، وفى الفيوم وكوم امبو الإله سوبك ، ويعرض متحف التحنيط  تمساحين أحدهما صغير والأخر كبير تم العثور عليه داخل مقصورة بمعبد كوم امبو ، وأشار هيرودوت إلى أهمية التمساح عند المصريين والذى يُعد مقدسًا فبعد موته كان يُحنط ويُدفن فى توابيت مقدسة .                                

طائر الأبيس : 

يعرض متحف التحنيط  طائرًا قدسه المصريون وهو محنط وملفوف بالكتان ومصور نفس الطائر على الكتان وهو يقف فوق زهرة اللوتس وقد تم العثور عليه بسقارة ، ويتميز هذا الطائر بمنقار قوى مقوس ولونه أبيض ذو رأس أسود ، ويُعّد هذا الطائر إلهًا للكتابة والحكمة والمعرفة ورمزًا للإله جحوتى ، ومكان عبادة هذا الطائر هو الأشمونين بمركز ملوى – محافظة المنيا  حيث تم العثور على ألالاف من الأوانى الفخارية بداخلها طيور الأبيس المحنطة .

سمكة قشر البياض : 

تم العثور عليها في اسنا وترجع إلى العصرين اليوناني والرومانى  ، وكانت هذه السمكة تُقدس في اسنا وأصبحت رمزًا للمدينة ، وتُعّد السمكة في الديانة المصرية القديمة عدوًا لأوزوريس لأنها أكلت عضو التذكير الخاص به عندما قطع ست جسد أخيه أوزوريس وألقاه في الماء ، وقد تم تحريم أكل هذه السمكة على الكهنة  حتى أن بعنخى أول ملوك الأسرة 25 عندما حكم مصر أظهر إحترامًا كبيرًا للديانة المصرية ورفض استقبال الأهالى الذين كانوا يأكلون الأسماك لعدم نظافتهم ، وكانت تحنط كما ظهر في مقبرة مروروكا في سقار. 
لقد قدّس المصريون الحيوانات لرمزيتها وليس للعبادة ، حيث كانت من وجهة نظره رموزًا وصفات للإله الخالق ، وقد حاول التقرب إلى الألهة بفطرته من خلال هذه الرموز المادية الملموسة " الحيوانات والطيور " لأن الجمال والأمومة عند الإله الخالق لم يرها إلا فى مظهر مادى ملموس أمامه وهى بقرة واحدة أطلق عليها اسم " حتحور" وبالرغم من ذلك لم يعبدها  .

المراجع : 

- أحمد صالح : التحنيط  ، فلسفة الخلود فى مصر القديمة ، الطبعة الأولى ، 2000م

- أحمد محمد عبد العال الريس : التحنيط فى مصر القديمة ،  القاهرة ، 2012 م

-  ألفريد لوكاس : المواد والصناعات عند قدماء المصريين ، القاهرة 1945م 

- أدولف ارمان :مصر والحياة المصرية في العصور القديمة ، القاهرة ، 1993م

- جورج بوزنز وآخرين : معجم الحضارة المصرية القديمة ، القاهرة ، 1996م

- حسن كمال :  الطب المصرى القديم ، القاهرة ، 1998م

- حافظ عجينة : التحنيط عند  القدماء المصريين ،  كلية السياحة والفنادق ، 2009 م

- حى راشيه : الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونية

- خزعل الماجدى : الدين المصرى ، الطبعة الأولى ، 1999 م

- دومينيك فالبيل : الناس والحياة في مصر القديمة ، القاهرة ،2001

- داليا ميلاد فرج : أدوات الزينة القبطية في مصر ، جامعة حلوان ، 2008م

- سمير غريب : موسوعة الحضارة المصرية القديمة ، الطبعة الأولى ، 2000م  

- نبيل عبيد : الطب المصرى في عهد الفراعنة ، القاهرة ، 2004م

المراجع الأجنبية :

- Borghouts, papyrus leiden I 348 in omro 51 , 1971                

 - J.H Breasted, the edwin smith surgical papyrus , vol. 1 , chicago , 1930

- J.Gardner,wilknson.,Manners and customs of the ancient egypians ,vol.1, new york

- J.Gardner,wilknson.,Manners and customs of the ancient egypians ,vol.11, new york

- J.A .Filer, if the face fits …a comparison of mummies &their accompanying portraits using computerized axial tomography,portraits&masks , burial customs in roman egypt , britain , 1956.

- J.G.Wilknson , ancient egyptians their life and customs , london , 1988

R. Ruiz , daily life in ancient egypt , london , 4004  -

- W. M . Flinders , petrie., the arts and crafts of ancient egypt,london ,1910

author-img
نشأت للمعلومات التاريخية والأثرية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent