recent
موضوعات

الأيقونة فى الفن القبطى وعلاقتها بالمجامع المسكونية


تعريف الأيقونة :

الأيقونة هى كلمة يونانية وتعنى صورة ، أو صورة شخصية ، وفى المسيحية أخذت معنى خاصا بأنها مقدسة ، و لكى تُسبغ عليها فكرة التقديس تُدشن بزيت مقدس " زيت الميرون " ،أو يُصلى عليها فهى لا تصبح فعَّالة قبل أن تكرس لله ، بالطريقة نفسها التى تكرس بها حوائط الكنيسة ، والمذبح ، وأوانى الإفخارستيا" التناول" ، وجرن المعمودية ، والكاهن نفسه . 
 
وأثناء التناول نفسه توضع الأيقونة على المذبح ، وبعد الصلاة عليها يمسحها الأسقف بزيت الميرون ، وبعد إتمام التناول مباشرة ينفخ فيها ثلاث مرات قائلاً " اقبلى الروح القدس " ، وهكذا تصبح الأيقونة مؤهلة للتبخير أمامها ، والتقبيل ، واللمس بأى شكل آخر من أشكال التكريم . 
 
كما تعنى الأيقونة فن التصويرعلى اللوحات ، فصار المرادف لكلمة أيقونة هواللوحة المصورة ، وفى معناها الشامل قد تعنى فسيفساء ، أو سطحاً مزخرف البناء أو الرسوم الجدارية " الإفرسك " .  
 
والأيقونوغرافية هى كل ما يختص بموضوع فنى مصور تصنيفاً ووصفاً ، حيث تَجمع الأيقونوغرافية المسيحية بين عدد من الرموز ، مع شرحها والإبانة عما تشير إليه ، وتدل هذه الكلمة على البورتريهات ،والصور، واللوحات المطبوعة ، التى تعرض لشخصية بارزة فى أحوالها المختلفة . 
 
كذلك هى عبارة عن كيانات حية تصور للعابدين أسس وأُصول وجوانب إيمان الكنيسة ، فيما يتعلق بشخص المسيح ، والعذراء ، والرسل ، والشهداء ، والقديسين ، ويمكن تعريفها على أنها نموزج تصويرى ، لشخص مات وانتقل بأعماله الخيّرة الإيمانية إلى العالم الآخر ، ومن ثم صار قدوة ، وصارت أعماله مثلاً يُحتذى به عبر العصور. 
 

وظيفة الأيقونة

من اللافت للنظر أنّ الأيقونات لم يُقصد بها أن أعمالاً فنية عظيمة ، لأنها تُعبّر ببساطة عن عقيدة وأحاسيس المسيحيين البسطاء ، وتعكس موقفاً متشددًا اتخذته الكنيسة المصرية ، وتمسكها بالنماذج النسكية ، ولايستطيع أحد ان يدّعى أنّ معظم العمال الفنية الخاصة بالأيقونات تدل على موهبة عظيمة ، لأن النجاح والفشل لا يجب إقراره بتطبيق المعايير الحديثة ، ورؤية الأيقونات حسب خلفية تلك الفترة الزمنية التى أنتجت هذه الأعمال والغرض منها . 
 
ففن  الأيقونة  القبطى هو أحسن ما خلفّه الأقباط المسيحيون ، لأنه المرآة التى تعكس اعتقاد هذا الشعب ،وسجل حضارى يوضح الوسط الفكرى الذى عاش فيه ، ووسيلة ناجحة من وسائل التأثير الدينى القوى التى لا تستغرق وقتاً ، كما يستغرق الوعظ أو التعليم أو القراءة فى الكتب المقدسة .
 
وظهرت الأيقونات كعمل جليل له مكانته وأهميته ، ففكرة الرجوع إلى الصور رغم تحريم الآباء الأوائل لها عادت تطغى وتفرض نفسها ، بدعوى أنّ العامة من الشعب عجزت عن فهم العقيدة المسيحية ، وإدراك تلك العقيدة .
 
وخصوصاً وهم فى مستهل العهد الذى تركوا فيه عبادة الوثنية ، وتقديس الأباطرة وفترة اعتناق الديانة المسيحية ، فقد رأى زعماء الدين الجديد الألتجاء إلى وسائل يمكن الاستعانة فى شرح وتفسير هذا الدين بطريقة سهلة ، تفهمها عقول أولئك العامة من افراد الشعب ، فأباحوا فكرة تصوير الأيقونات التى تُمثّل السيدالمسيح،والسيدة العذراء،والرسل، والقديسين ، والشهداء من مختلف العصور.
 
فالغرض من الأيقونات هو خدمة الكنيسة تماماً مثل الفن المصرى القديم ، الذى كان يهدف لخدمة الديانة القديمة ، فهو ليس فناً يُقصد منه الارتقاء بالفن فى حد ذاته ، ولكن لخدمة الكنيسة وعقيدتها وتعاليمها ، حيث تقوم الأيقونة بالكثير فى حياة الكنيسة وفى الصلاة ، لأنها وسيلة ناجحة وسريعة من وسائل التأثير الدينى القوى ، لا تستغرق وقتاً كما يستغرق الوعظ ، والتعليم ، أو القراءة ، فى الكتب المقدسة .
 
 كما أنّها وسيلة مناسبة لمن يجهل القراءة والكتابة،فيقرأ بعينيه ما أودعه الفنان فى الصورة من معان مقدسة ، تريد الكنيسة تبليغها إلى أبنائها ، ولأن الكلام يؤثر فى السمع فهكذا الأيقونة تؤثر فى البصر ، ويتم الإدراك فى كلا الأمرين عقلياً ، ولا يخفى علينا أنّ الإنسان لا تؤثر فيه إلا المحسوسات .
 
 ولمّا كانت الصور من الموضوعات المحسوسة التى تمثّل أمام أعيننا حقائق تاريخية إذا رأها الإنسان ،انطبعت فى مُخيّلته تلك الحقائق التى ترسمها ، وأعادت إلى ذهنه شيئاً من آثار من تمثّلهم ، فكان الهدف من وضع الصور والأيقونات داخل الكنيسة أن يقرأ الشعب حياة القديسين وسيرهم .
 
 وأن يقتدوا بأعمالهم الصالحة ويتذكروها ويغيروا من سيرتهم الحسنة والتشبه بهم ، فالأيقونة ليست نافذة على الطبيعة ، ولاعلى مكان محدد ،ولكنها العالم الذى يتفتح ، ويصبح كله بوابة موصلة إلى الحياة الروحية ، كذلك وضعت الكنيسة الأيقونات لتكون تاريخاً وذكراً دائمين لحقائق الحوادث المؤثرة فى الذهن . 
 
كما أنّ العاية من وضعها فى الكنائس هو تزيينها ، وهذا أمر صرح الله به لموسى ، كما جاء فى سفر الخروج ( 25 : 9- 18 ) وسار عليه داوود وسليمان ، إذ وضع بأمر الرب وحسب الرسم الذى أعطاه الله لداوود كثيراً من صورالملائكة ، والثيران ، والأسود ، والزهور ، والخيل ، وكل البيت كان منقوشاً بالصور المغشاة بالذهب كما جاء بالكتاب المقدس ( مل 1: 6 - 18) ، ( أي 28 : 28 – 29 ) ( أى 3 : 5 - 6 ) .  
 
وللأيقونة دور مهم فى الكنيسة ، حيث صارت عنصراً أساسياً بدورات الأعياد السيدية ، فى دورة عيد الشعانيين ، وعيد الصليب ، وعيد القيامة ، وكذلك فى ذكرى القديسين توضع أمام الهيكل،وتوقد أمامها الشموع ، كما توجد أيقونات للأيام والأسابيع ، تسمى " الهيكساميرون " وهو ترتيب أصيل يُنسب إلى عدة آباء ، أمثال القديس باسليوس الكبير ، والقديس يوحنا ذهبى الفم  . 
 

 المجامع المسكونية وعلاقتها بالأيقونات :

قبل ظهورالمسيحية كانت الحالة الدينية فى مصروالعالم الرومانى تموج بالديانات المختلطة ، المصرية ، والإغريقية ، والرومانية ، بجانب اليهودية التى انتقلت إلى مصر مع بداية الحكم البطلمى ، ولقد كان لهذا الاختلاط فى المفاهيم الدينية والسياسية أثره فى ان يفقد المصرى إحساسه بالعقيدة ، والروحانية ، والعدل ، والقيم الأخلاقية .
 
وعندما جاء المسيح بديانته الجديدة فى الشرق فى ظل الإمبراطورية الرومانية كانت هى الوسيلة التى لجأ إليها المصريون ، فقد عرفت المسيحية طريقها إلى مصر منذ منتصف القرن الأول للميلاد ، على  يد أحد تلاميذ المسيح ، وهو القديس  مرقس  الرسول ، أول من اُرسل إلى  مصر ، ونادى بالإنجيل الذى كتبه ، وأسس الكنائس فى الإسكندرية ، واتخذها مقرًا لنشر المسيحية . 
 
حيث كانت الإسكندرية مركزًا حضارياً وملتقى للتجارة العالمية ، تمتلىء بالمصريين ، والنوبيين ، واليهود ، واليونانيين ، وسرعان ما اعتنق الأقباط المسيحية ، جذبهم إليها اعتبار أفكارها سلاحاً للفقراء فى مواجهة السيطرة الغربية ، وجبروت الإمبراطورية الرومانية الوثنية . 
 
ثم انتشرت المسيحية فى جميع أنحاء مصر فى القرن الثالث الميلادى ، و تعرض الأقباط المسيحيين لقسوة الاضظهاد الدينى ، الذى  يمكن تقسيمه إلى  فترات ثلاث : الأولى تمثل اضطهاد الرومان الوثنيين من بداية القرن الأول الميلادى حتى ( سنة 313 م ) ، والثانية من ( سنة  313 م  - 451 م ) بينهم وبين المناصرين للهرطقة المسيحية ، أما الفترة الثالثة فهى من ( سنة 451 م - 641 م) حيث أخذت العلاقة بين الكنيسة فى مصر والأباطرة البيزنطيين تدخل فى أعنف صورها حول طبيعة المسيح ، الذى أدى إلى انقسام العالم المسيحى  .  
 
كما أن ّ المسيحية أيقظت الشعور الوطنى عند المصريين ، وعبّرت عن شخصية مصر فى العضر البيزنطى ، ولم يلبث الشعب أن سار وراء زعامته الروحية والدينية ،وأظهر كراهيته لكل ما هو أجنبى ، وظل وثيق الصلة بتقاليده و موروثاته الوطنية ، وكان لانتصار المسيحية الرثوذكسية على الوثنية أثر كبير فى ارتفاع  شان ومكانة هذه المدينة من الوجهة الروحية .
 
ولم تقبل بيزنطة هذا الوضع  ، ومن هنا نشأ نزاع مذهبى كبير ، بين بيزنطة والإسكندرية من اجل الزعامة الدينية ، يستتر هذا النزاع السياسى وراء الجدل المذهبى حول طبيعة المسيح ، ومنذ القرن الرابع الميلادى كانت ثمّة أقلية بين رجال الفكر والطبقة العليا داخل الإمبراطورية البيزنطية ، تُعارض مبدأ الأيقونات ، وما يرتبط بها من عادات ، فضلاً عن الأقاليم الشرقية من الإمبراطورية التى كانت تمور بميول قوية معادية للتصوير  . 

حيث رفض القديس بولينوس أسقف نولا استخدام الأيقونات فى بداية الأمر ، ثم أدرك أهمية الأيقونات فى الحياة الكنسية،كما اهتم بالأيقونات كل من القديس باسيليوس الكبير ، والقديس غريغوريوس أسقف نيصص ، والقديس يوحنا ذهبى الفم ،أما القديس أبيفانيوس فقد كان من مقاومى الأيقونات فى القرن الرابع  الميلادى ، كما ورد فى أحد قوانين ألفيرا بأسبانيا المنعقد  ( سنة 301 م ) والذى جاء فيه " عدم وضع الأيقونات فى الكنائس ولا ينبغى  رسم ما نعبده على الجدران  "  . 
 

أنواع المجامع :

تنقسم إلى المجامع المكانية وهى التى يجتمع بها الأسقف والقسوس والشمامسة فى مركز الإيبارشية لتدبير أمورهم الخاصة ،والمجامع الإقليمية وكانت تجتمع برئاسة مطران الإقليم أى أسقف مجمع نيقية ، المدينة الأولى فى الإقليم ، والمجامع المسكونية تعرف بالمسكونية نسبة إلى الكرة الأرضية حيث يطلق عليها المسكونة ، والمقصود أنّ هذه المجامع تضم جميع الكنائس الموجودة على الأرض ، واجتمعت هذه المجامع العامة لضرورات حتمية تختص بالإيمان والعقيدة ، والكنائس الأرثوذكسية تعترف بثلاثة مجامع عامة فقط هى مجامع نيقية ( سنة 325 م ) ،والقسطنطينية (سنة 381 م ) ، وأفسس الأول (سنة 431 م ).  

مجمع نيقية ( سنة 325 م ) :

عقد هذا المجمع الإمبراطور قسطنطين من أجل تأمين الوحدة الدينية للمسيحيين فى الإمبراطورية،ومناقشة هرطقة أريوس الذى أنكرلاهوت المسيح،وترأس البابا الكسندروس بابا الإسكندرية هذا المجمع الذى تكون من ثلاثمائة وثمانية عشر بطركاً ، واتفقو على حرمان أريوس ونفيه .  
 

مجمع القسطنطينية الأول ( سنة 381 م )  :

عُقد هذا المجمع ضد مقدنيوس بطريرك القسطنطينية وأُنوميوس ، لأنهما قالا على روح القدس أنّه مخلوق وإن الأب والأبن من جوهرواحد، وذلك فى أيام الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير فى السنة السابعة عشرة ومائة لدقلديانوس،حيث حضره مائة وخمسون من البطاركة ، وأقروا ما نتج عن مجمع نيقية و قالو نؤمن بروح القدس المنبثق عن الآب الممجد مع الآب و الابن . 
 

 مجمع افسس الأول ( سنة 432 م ) :

عقد هذا المجمع المسكونى فى مدينة افسس ، بأمر الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى ،وقد شارك فيه مائتا أسقف ، وكان البابا كيرلس بطريرك الإسكندرية رئيساً لهذا المجمع ، حيث ناقش بدعة نسطورس بطريرك القسطنطينية الذى نادى بأن فى المسيح اقنومين وشخصين وطبيعتين ، وقرر المجمع العقيدة المسيحية ، وتمت المصالحة بين كرسى الإسكندرية الذى يمثله البابا كيرلس وكرسى أنطاكية ويمثله يوحنا الأنطاكى ، بعد مجمع افسس  سنة 433 م ، على أساس صيغة الإيمان التى قبلها الجانبان .
  

 مجمع افسس الثانى ( سنة 449 م ) :

عندما أعلن الراهب أوتيخا عن مذهبه بمدينة القسطنطينية ، أثار عضب فلافيان بطريرك القسطنطينية ، فأعلن حرمانه من الكنيسة ، وتدخل البابا ديسقورس بابا الإسكندرية وطلب من الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى مخاطبة جميع البطاركة لعقد مجمع مسكونى فى افسس سنة 449 م ، لمناقشة هذا الخلاف الدينى والعمل على تسويته ، وأسندت رئاسة المجمع إلى ديسقورس بطريرك الإسكندرية الذى كان سكرتيراً للبابا كيرلس وخلفه على كرسى الإسكندرية . 

ونادى مذهبه أنّ للمسيح طبيعة واحدة حتى بعد التجسد ، وليست طبيعتين متحدتين ، وأضاف أنّ الناسوت تلاشت فى الطبيعة الإلهية ، فصار المسيح بطبيعة واحدة ممتزجة ، وأثناء انعقاد المجمع دافع أوتيخا عن مبدأ الطبيعة الواحدة ، وحذف اعتقاده بأن للمسيح طبيعة واحدة ممتزجة ، فتقرر صحة ما نادى به واعتبار قرار حرمانه من فلافيان باطلا.

وقد ارتبط ما جاء بالمجامع المسكونية بتصويرالأيقونات ارتباطاً وثيقاً حيث قام الفنانون بتنفيذ صور العذراء تحمل المسيح المعروفة بالثيوتوكس ، وأرادو ايصال مفهوم عقائدى ردًا على ما حدث من خلافات مذهبية وفكرية وتمجيد العذراء ، كما رسموا صور المسيح كضابط الكل " البنتوكراتور، وبعض الرموز التى تشير إلى الطبيعة الناسوتية واللاهوتية مثل ايماءات البركة ، والكرة الأرضية ، والقلم ، ورسم الملاك ميخائيل ملاك السيد ، والملاك غبريال ملاك الرب .
 
وقد أراد الفنان إيصال مفهوم عقائدى رداً على ماحدث من خلافات مذهبية ، وصراعات فكرية فى القرون المسيحية الأولى ، وما أسفرت عنه بعض قرارات المجامع المسكونية ، مثل مجمع خلقدونية وإفسوس ، ورداً على نسطورس الذى نادى بأن العذراء هي والدة المسيح الإنسان ، وليس الإله ، كما رسم الفنان عقدًا نصف دائرى يمثّل الشرقية ، لما لها من ارتباط عقائدى ، لدى الإنسان المسيحى بالهيكل المقدس ، الذى يتجه إليه فى صلواته وأعياده وطقوسه.
 
وأراد توصيل رسالة أنّ السيدة العذراء تتوسط هذه الشرقية بصفتها والدة الإله ، وهى تشبه صورالحنايا التى يطلق عليها صور حنايا حضن والدة الإله ، حيث وظفت صورة العذراء وطفلها لتمجيد المذهب المنوفيزيتى وتمجيد شخصية العذراء وإثبات علاقة الأم بالابن ، من خلال تسابيح ترتل فى الصلوات اليومية، مما لزم معه وجود صور تحاكى تلك التسبيحات ، لتعطى رؤية أعمق للمسيحى المتعبد وكان للتأثير اللاهوتى فى الدين المسيحى دور مهم فى ظهور تلك الصور داخل الحنايا ، منذ منتصف القرن الخامس عقب قرار مجمع خلقدونية ، حيث وظفت معظم الموضوعات لخدمة المذهب المونوفيزيتى  . 
 
وأضاف الفنان اثنين من الملائكة فى حالة الطيران ، يمسك كل منهما بتاج العذراء، والعذراء تجلس على كرسى العرش ، ورسم بجانب العذراء والمسيح الملاك غبريال، يرتدى الملابس الكهنوتية ، يمسك بالبشارة ، وأزهار الزنبق ، والملاك ميخائيل بالجانب الأيسر يمسك بالسيف والصليب ، ومن المعروف أنّ الملاك غبريال بالجانب الأيمن هو ملاك الرب ، والملاك ميخائيل بالجانب الأيسر هو ملاك السيد ، حيث يُشير هذا الموضوع إلى أنّ العذراء تحمل كينونة السيد المسيح وبجانبها ملاكان أحدهما خاص بلاهوت المسيح ، والأخر خاص بناسوته .

  مجمع خلقدونية ( سنة 451 م ) :

 بعد وفاة الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى تزوجت اخته أوجستا بلوخاريا من الإمبراطور مرقيان،وعقد الاثنان مجمع خلقدونية ضد أوتيخا وتعاليمه وضد ديسقورس بابا الإسكندرية ، وتم عزل ديسقورس من كرسيه ونفيه إلى غاغوراء جزيرة البربر،واتفق المجمع أنَّ المسيح إله وغنسان بطبيعتين مختلفتين وإقنوم واحد باللسان لا بالاعتقاد ، وقالوا الكلمة يفعل ما يليق بافعاله ، والجسد يفعل ما يليق بأفعاله ، واحد يفعل العجائب والأخر يصبر على الآلام .
 
ولكن البابا ديسقورس لم  يقبل ما أقره مجمع خلقدونية ، وكذلك مسيحو مصر فأطلقو على أنفسهم الأرثوذكسيين ، وهى كلمة يونانية معناها أتباع الدين الصحيح ، وهم أتباع مذهب الطبيعة الواحدة ، ويعرفون بالمونوفيزيت واليعاقبة ، ويتبعون كنيسة الإسكندرية ،أما أتباع الكنيسة البيزنطية  وهم أصحاب مذهب الطبيعتين فيعرفون بالدوفيزيت او الملكانيين ، بعد أن كان لفظ أرثوذكسى ، وكاثوليكى يطلقان على الكنيسة عامة ، باعتبارها كنيسة واحدة ذات إيمان قديم  . 

وقد تمسك المسيحيون المصريون بمذهبهم المناهض لمذهب الأباطرة ، فكان من شأن ذلك ان أُسبغ على الحركة المسيحية فى مصر طابعاً قومياُ ، وأصبح رجال الكنيسة زعماء المصريين فى الحركة الروحية والوطنية معاً ،وضعفت صلة مصر بالعالم المسيحى الخارجى ، وبدأت تتجه نحو الأراضى المقدسة بعيداً عن الإمبراطورية البيزنطية لتستلهم وحيها الفنى ، وابتعدت الأيقونات عن وحشية الفن السورى ، واحتفظت بالجوانب الصادقة فى الأماكن التى حدثت بها أحداث الإنجيل ، وابتعد فنانوا الأيقونات عن الفن الهلينستى .




المصادر :

المقريزى : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ، ج 3 ، مكتبة مدبولى ، 1998
ابن سباع ( يوحنا زكريا )  : الجوهرة النفيسة فى علوم الكنيسة ، مكتبة المحبة ، 2001
 القيصرى ( يوسابيوس )  : تاريخ الكنيسة ، الكتاب الثانى ، القاهرة ، 1998

المراجع :

المصرى ( إيريس حبيب ) : قصة الكنيسة القبطية ، الكتاب الأول ، الطبعة الثامنة ، 2003
المصرى (إيريس حبيب )  : قصة الكنيسة القبطية ، الكتاب الرابع ، 1992
السريانى ( القمص يوساب ) : الفن القبطى ودوره الرائد بين فنون العالم المسيحى ، الطبعة الأولى ، 1995
الأنطونى ( القمص كيرلس ) : عصر المجامع ، الطبعة الأولى ، 2002
الكاشف ( سيدة اسماعيل ) : موسوعة تاريخ مصر عبر العصور ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1993
الحويرى ( محمود محمد ) : مصر فى العصور الوسطى من العصر المسيحى  حتى الفتح العثمانى ، 2002
الرافعى ( عبد الرحمن )  : الحركة القومية المصرية فى مصر القديمة من فجر التاريخ حتى الفتح العربى ، 1989
أمين ( حكيم ) :  دراسات فى تاريخ الرهبنة والديرية المصرية ، 1963
باسيلى ( القمص بولس ) :  الصخرة الارثوذكسية ، الطبعة الخامسة ، 1985
جبر ( القس ابراهيم ) : طقوس الكنيسة ، الكتب الأول ، ( ب - ت )
زخور ( فرج توفيق ) : قصة الأقباط ، الطبعة الأولى ، لبنان ، 1993
سلامة ( القمص يوحنا )  : اللآلىء النفيسة فى شرح  طقوس ومعتقدات الكنيسة  ، ج2 ، 1966
سليمان ( حامد ) : قصة فتح مصر من القبطية إلى الإسلام ، القاهرة 1988
سالم ( السيد عبد العزيز سالم ) : تاريخ الإسكندرية وحصارتها فى العصر الإسلامى ، 1991
سعيد ( بولا ساويرس ) : دير السيدة العذراء مريم - براموس بوادى النطرون ، القاهرة 1995 
عوض الله ( فكتور جرجس ) : اللوحات المصورة بالمتحف القبطى ( الأيقونات )  ، 1965   
عبد الحميد ( رأفت ) : الدولة والكنيسة ، ج2 ، الطبعة الثالثة ، 1999
عكاشة ( ثروت ) المعجم الموسوعى للمصطلحات الثقافية : مكتبة لبنان ، 1990
غوريغوريوس ( الأنبا ) : الكنيسة القبطية وسالاتها وعقائدها ، ( ب - ت )
قادوس ( عزت زكى حامد ) ، السيد ( محمد عبد الفتاح ) : الآثار القبطية والبيزنطية ، الإسكندرية ، 2002
مسيحة ( حشمت ) موسسوعة من تراث القبط ، المجلد الثالث ، الطبعة الأولى ، 2004
يوأنس ( الأنبا ) : محاضرات فى التاريخ الكنسى " المجامع الكنسية " ، الطبعة الأولى ، 2005

 المراجع المعربة:

 لانجن ( لندا ) : فى الفن والثقافة القبطية ، القاهرة ، 1991
 والترز ( ك. ك ) : الأديرة الأثرية فى مصر  ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2005

author-img
نشأت للمعلومات التاريخية والأثرية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent