دراسة علم الحفائر :
لايهدف علم دراسة الآثار إلى البحث عن الذهب أو الكنوز الثمينة و الخبيئة ، لكن الحقيقة أن العلماء يهدفون إلى المعرفة ، لأن الإنسان بطبيعته محباً للمعرفة ، والبحث ، والتقصى والتساول ، وأول سؤال بالنسبة له هو عن بداياته ، ومتى سكن الأرض ؟ ، وما نوع الطعام الذى كان يطعمه ؟ ، وكيف بنى الإنسان الأهرامات ؟ ، ومن أول من اكتشف النار ؟ ، وأول من ابتكر الكتابة ، فبعض الإجابات يكتشفها عالم الآثار ، ويجدها مدونة فوق ألواح من الطين أو أوراق البردى ، أو رقائق الجلد " ، أو نقوش جدران المقابر والمعابد .
لأن علم الآثار هدفه التنقيب ، والتدوين ، والتصنيف ، وفك الرموز ، والأدلة التي يعثر عليها في باطن الأرض ، وإلى جانب معرفته بفن التنقيب وتقنياته فهو أيضاً مدعوم بالكثير من العلماء المتخصصين الذين يمكنهم التحليل والتأريخ والترميم .
البحث عن الأماكن الأثرية :
إن عملية البحث والتنقيب عن الآثار هي نتاج فكر ، وعلم دقيق ،لكن الحقيقة أنّ مفهوم علم الآثار يختلف فى دلالاته حيث يشتمل على المسح الميدانى الشامل لتحديد المواقع الأثرية وتوثيقها ، والتنقيب الأثرى بطريقة علمية لاستخلاص الآثار وتسجيلها ، ووصف الآثار فى حالتها التي وجدت عليها والظروف المحيطة بها .
واستخلاص النتائج من خلالها ، ومقارنة ما تم العثور عليه بعضه ببعض وذلك بعد ترميمه والمحافظة عليه ، ثم استنباط المعلومات والقرائن لإلقاء الضوء على الحضارات القديمة التي اندثرت ، والتعرف على هذه الحضارات وتاريخها .
التصوير الجوى :
من خلال المسح الجوى يتمكن الأثرى من رؤية الأشياء على سطح الأرض بصورة واضحة ، وبدأ استخدام هذا الأسلوب وهو التصوير الجوى خلال الحرب العالمية الأولى ويساعد التصوير الجوى الأثرى في المناطق الوعرة ذات التضاريس الصعبة ، ويستخدم الطائرة ، أو المنطاد ، وفى الوقت الحاضر تُستخدم الأقمار الصناعية ، وطائرات بدون طيار ، أو طائرات صغيرة مسيرة في الموقع مزودة بكاميرات تصوير ، ويُعرف هذا الأمر باسم البيدوجرافيا .
البيدوجرافيا :
هى كلمة يونانية تتكون من مقطعين الأول بيدو وتعنى الأرض ، والثانية جرافى وتعنى الكتابة ، وهى عبارة عن كتابة أرضية ، أى رسم الخطوط أو الحدود للمبانى الأكثر قتامة ، وتظهر من خلال الإرتفاع أى من خلال الطائرة ، وكذلك الخطوط والتحدبات التى تشير إلى أشكال واضحة للرؤية إلى مبانى قديمة ما زالت باقية وهو ما يُطلق عليه العلامات الطبوغرافية .
الطبوغرافية :
هى كلمة ذات أصل يونانى تتكون من طبو وتعنى مكان ، وجرافيكوس بمعنى كتابة . فبعض الخطوط الأثرية لا تظهر من السماء إلا في ظروف معينة مثل وقت الجفاف الشديد أو تغير الرياح أو اختلاف درجات الرطوبة وتباين الإضاءة الآتية من الشمس .
الفيتوجرافيا :
كلمة يونانية الأصل وتتكون من مقطعين الأول فوتون وتعنى نبات ، وجرافيكوس وتعنى كتابة ، فالنبات المصفر الآخذ في الذبول من المرجح أنه فوق جدران قديمة مدفونة بالرغم من وجوده بجوار نبات مثله أخضر ينمو ، وتُعرف هذه الظاهرة الناتجة عن زيادة أو نقصان الماء بالفيتوجرافيا ، حيث ينمو النبات بصعوبة لقلة الماء نظراً لوجود جدران قديمة أسفله ، كذلك ارتفاع النبات عن النبات الملاصق له دليل حصوله على ماء أكثر .
السيوجرافيكية :
وهى كلمة ذات أصل يونانى ، تتكون من مقطعين الأول سكيو وتعنى ظل ، والثانى جرافيكوس وتعنى كتابة ، فنجد وقت الغروب بعض الأماكن الأثرية تظهر بها حفر صغيرة ونتؤات فوق سطح الأرض ، وفى الحقول المنزرعة ، ويزيد ضوء الفجر ونور الغروب حجم الظلال الناتجة عن هذه الفروقات الصغيرة في التضاريس ، وتسمى هذه الدلائل على وجود الأثر باسم السيوجرافيكية ، أي الكتابة بالظلال .
المسح الأرضى :
يحدد الأماكن على سطح الأرض ، ويقوم العلماء بوضع قوائم بالآثار الظاهرة فوق السطح ، والمدفونة ، ويحاول العلماء الإجابة على بعض التساؤلات مثل هل كانت هذه المنطقة مسكونة ومن سكنها ومتى .
المسح الجيوفيزيقى :
اعتمد هذا المسح على ما قام به الطبوغرافيون من وضع نقاط الإرتكاز لجهاز التيودوليت ، ثم تحديد نقاط مساحية من خلال بعض العلامات التي تم وضعها ، في عدة أماكن مرتفعة بالموقع المراد مسحه ، وتحديد المسافات بين هذه النقاط المساحية عن طريق استخدام خوابير أو أوتاد خشبية وخيوط متساوية .
ويقوم المساح باستخدام جهاز " الماغنيتوميتر" لعمل خريطة متكاملة لشكل واتجاه المبانى في باطن الأرض ، والتعرف على الأماكن التى تشتمل على منشآت والأجزاء الأخرى الخاليه ، وهذا المسح الجيوفيزيقى يعتبر مرحلة مهمة للتعرف على ما في باطن الأرض من منشآت ، وتحديد الأماكن التي يمكن القيام بأعمال الحفر الأثرى بها .
المسح بأجهزة الكشف عن المعادن :
وتستخدم فى هذ المسح أجهزة صنعت أساساً للكشف عن الألغام ، وتم تطويرها للإستخدام المدنى ، وتستخدم هذه الأجهزة لتحديد أماكن وجود المعادن المختلفة تحت الأرض ، وعلى أعماق متفاوتة تختلف حسب قوة الجهاز وحجم كتل المعدن ، حيث يقوم الجهاز بإطلاق صوت رنين مميز عند وجود معدن تحته ، ويتطلب الإستخدام العلمى الصحيح لهذه الأجهزة توقيع أماكن وجود المعادن على خارطة الموقع الذى يتم مسحه .
التحليل الكيميائى لعينات التربة :
حيث يتم فحص نسبة الفوسفات فى التربة فاذا كانت النسبة عالية فهذا دليل على أنّ هذا الموقع قد سكنه الإنسان لما يتخلف بها من فضلات وعظام ، كما يتم فحص حبوب اللقاح بالميكروسكوب ويمكن من خلال ذلك تحديد أنواع النباتات التي كانت تنمو فى العصور القديمة والتي قام الإنسان بزراعتها فى ذلك الوقت .
الإستكشاف بواسطة البيروسكوب ، منظار نسترى ( periscope nistri ) :
وهو جهاز يشبه منظار الغواصة متصل بحفارة وينتهى بآلة تصوير فوتو غرافى ، فاذا تحدد وجود غرف أو مقابر تحت الأرض يتم الكشف عليها بالمنظار وتصوير محتوياتها.
مسح الآثار تحت الماء :
وتستخدم فى ذلك أحدث التقنيات المعقدة وعدد من الأجهزة منها الأجهزة الصوتية التي تعتمد على الموجات الصوتية ( السونار ) ، أحهزة القياس المغناطيسية ، أجهزة الكشف عن المعادن ، الأجهزة الملاحية البحرية التي تساعد على تحديد المواقع الأثرية ، أجهزة التصوير الضوئى والفيديو تحت الماء .
دراسة الكاداستر والخرائط التوضيحية :
تظهرعلى الكاداستر كل قطعة من مدينة أو من أرض ويمكننا ان نستخدمه للتأكد من وجود صرح قديم ، و قبل أن يذهب الأثرى إلى موقع الحفائر يجب عليه فى البداية أن يقوم بدراسة الخرائط ويحدد عليها المواقع المعروفة مسبقاً ، ويسجل أسماء الأماكن والشواهد الغريبة فى الموقع .
وتشمل دراسة الخرائط الجغرافية القديمة والحديثة ، وخرائط التضاريس ، والخرائط الجيولوجية ، وخرائط النيات ، وخرائط التربة وهذه الدراسة تساعد الأثرى وتزوده بالمعلومات وتكشف له الإمكانيات الطبيعية للمنطقة التى يقوم بمسحها،والتعرف على التضاريس والإرتفاعات وأماكن المدن القديمة والمسارات والموانىء وغير ذلك من الأموروالأشياء التى تساعد على فهم طبيعة المنطقة .
المسح بالسير على الأقدام :
تعتمد على الملاحظة السطحية الدقيقة أثناء السير على سطح الموقع الأثرى ، وتبدا من نقطة محددة وتستمر بطريقة منظمة ، حيث يقوم الأثريون بعملية تسجيل دقيقة لكل ما يتم ملاحظته ، وما يظهر على السطح وذلك بالكتابة والرسم والتصوير ، وقياس المسافات بين المنشآت أو التلال الأثرية الظاهرة على السطح ، وملاحظة اتجاهات وجودها وقياس الإرتفاعات ، وتسجيل ذلك بالرسم على خريطة خاصة تعرف بالخريطة الكنتورية للموقع .
ويقوم الآثريون بالاحتفاظ بعينات من كسر الفخار ، والأحجار، والزجاج ، والمعادن المتناثرة فوق سطح الموقع لفحصها ، والاستفادة منها فى معرفة طبيعة الموقع وتاريخه ، حيث يجمع الأثرى الأشياء التي تدل على وجود الإنسان في الأزمنة السابقة ، فهو في هذه اللحظة يقيّم مساحة الموقع وعمره الزمنى .
فريق المسح الأثرى :
يلزم لهذه العملية ان يكون فريق المسح من مجموعة من الأثريين المتخصصين فى فروع الآثار وبرفقتهم مساح ومصور ورسام ، مع توفير كافة الإمكانات المادية والفنية من أجهزة وأدوات لإتمام عملية المسح بنجاح .
منهج المسح الأثرى :
فى هذا المنهج لابد من استخدام مجموعة من وسائل المسح الأثرى وتقنياته ، وتحليل المواد الطبيعية الخام كالطين ، والأحجار، والمعادن الموجودة فى الموقع ، ودراسة التغيرات السطحية مثل زحف الرمال ، وتقلص الأراضى الزراعية الخصبة ، والتغيرات التي حدثت لمجارى المياه ، وغير ذلك من الظواهر التي لها علاقة بالاستيطان البشرى فى مكان ما أو انحساره ، أو انعدامه ، وهدف هذا المنهج الشامل للمسح يتعدى مجرد حصر مواقع الآثار إلى الوصول لإطار بيئى كامل ، عاصر كل زمن من الأزمنة الأثرية المعروفة ، وخاصة عصور ما قبل التاريخ .
التنقيب عن الآثار :
تمر هذه العملية بمرحلتين الأولى ما قبل الحفر ، والثانية عملية الحفر ، مرحلة ما قبل الحفر وتتطلب اختيار الموقع ، وتوفير مصادر التمويل ، الحصول على الموافقات والتصاريح اللازمة لعملية الحفر ، جمع المعلومات المتوفرة عن الموقع المراد العمل به ، تكوين فريق العمل ، توفير أدوات ومستلزمات الحفائر،وضع الخطط الازمة لبدء عملية الحفر.
واذا كان الموقع الأثرى المراد الحفر به بعيداً عن المناطق المأهولة ومناطق العمران ، فيجب أن يقوم القائمون على أعمال الحفائر بتجهيز مخيم أو معسكر ، يشتمل على مصدر للطاقة الكهربائية ، وتجهيز أماكن للمبيت ، وأماكن لدراسة القطع المستخرجة ، ومخازن فرعية لحفظ الآثار المستخرجة ، ومعامل للترميم والتصوير والرسم .
ومكان لتناول الطعام ومطبخ لتحضير الطعام ، ومجموعة من السيارات المزودة بخاصية العمل فى المناطق الصحراوية والوعرة ، وأجهزة قياس الأبعاد مثل التيودوليت ، وقياس الإرتفاعات وأدوات القياس والتحقق المختلفة مثل الأمتار بأنواعها ، ميزان البناء ، وميزان الخيط ،وقوائم وشواخص ، وأدوات التخطيط والمساحة والرسم ، وأحبار وأقلام وأوراق ، وأوتاد .
وكل المستلزمات التي تحتاجها عملية الحفر من دوكوفيل لنقل التربة وناتج الحفائر إلى موقع بعيدا عن موقع العمل ، والأدوات الدقيقة من مسطرينات متنوعة ، وفؤوس ، وفرش مختلفة الأنواع ، والنقالة أو البراويط ، والدلو ، والغربال ، والجاروف وغبرها ، كذلك سجلات تسجيل الآثار ، ومواد الترميم والصيانة والحفظ .
ميدان التنقيب :
أولاً فريق العمل :
يحتاج التنقيب فى موقع أثرى إلى مجموعة من المتخصصين ، ويتم اختيار فريق العمل بناءًا على النتائج التقييمية التي تعطى فكرة عن الآثار الدفينة ، وعن حالتها ومساحة وسمك الطبقات التي سيتم أعمال الحفر بها ، والوقت الذى يجب أن تتم فيه الأعمال ، وطبيعة الموقع ، فعملية التنقيب سوف تتم من خلال جدول زمنى مرتبط بهذه الأمور.
مسئول عمليات التنقيب :
هو المسئول عن كل عناصر ميدان التنقيب العلمية والمالية والتي تتعلق بالعاملين فى الميدان ، ويتأكد من أن تقنيات الحفر معمول بها ، يختار الأماكن التي تصلح للحفر ، ويكون مسئولا عن كل ما يدور بعد التنقيب حيث يقوم بكتابة تقرير عن النتائج ويختار ما سينشرعلميا ، ويكون مسئولا عن المال الممنوح له ليشترى الأدوات اللازمة ويدير كل النفقات الأخرى ، وينظم الأيام المفتوحة للجمهور ، ويستقبل الصحفيين .
مسئول القطاع :
يُقسّم الميدان إلى مناطق عمل مختلفة وذلك فى حالة اتساع رقعة الميدان ، واحتوائه على آثار ذات طبيعة مختلفة ( مقابر – مساكن – مبانى دينية ) ، وفى هذه الحالة يكون لكل منطقة رئيسها وتكون المنطقة بمثابة ميدان تنقيب صغير داخل الميدان الكبير ، ويُطلع رؤساء المناطق مسئول عمليات التنقيب بما يقومون به من أعمال فى مناطقهم ، ويمكن ان تنتهى عمليات التنقيب فى منطقة من المناطق بينما يظل العمل مستمراً فى مناطق أخرى .
مسئول النطاق :
يمكن أن يظهر فى قطاع ما من الميدان آثار تحتاج إلى نظام خاص من التنقيب على يد بضعة أشخاص لمدة محدودة ، ويكلف شخص ما من الفريق الذى يخبر مسئول القطاع بتائج عمله.
القائم بالحفر ( المنقب) :
يقوم بحفر طبقة طبقة بأدوات مناسبة ( معول ، مسطرين ) ويُدّون كل المعلومات على بطاقة ، ويجمع الأشياء التي يلتقطها فى أكياس ، يُرقّمها ويملأ كروت الملاحظات حول الطبقات مع المسئول .
الطبوغرافى :
يقوم بعمل شبكة المجسات ، ويرسم تضاريس موقع العمل .
المعمارى :
يقوم برسم العناصر المعمارية ، أما مواقع الحفائر التي تمثل حياً أو مدينة بأكملها فتحتاج إلى فريق من المعماريين .الرسام :
يقوم برسم أسطح الطبقات والمقاطع الطبقية والهياكل .
المصور الفوتوغرافى :
يقوم بتصوير جميع أجزاء الموقع مناظر مجموعات ومناظر تفصيلية للأبنية والقطع الأثرية .
الأنثربولوجى :
يقوم بحفر الدفنات ، وهو ما يتطلب دقة كبيرة ومعرفة خاصة بالتشريح الإنسانى .
العالم بطبقات الأرض :
يبدأ عمله مع بداية العمل ، ويتردد على الموقع بصفة منتظمة لاستخلاص عينات يمكن منها تحديد الطبقات التي كونتهاعوامل طبيعية وتلك المرتبطة بالأنشطة الإنسانية .
عالم بذور اللقاح :
يقتطع عينات من الأرض ويذهب بها إلى المعمل لدراسة ما تحتويه من حبوب لقاح .
الانتراكولوج :
يأتي لموقع العمل لاستخراج بقايا البذور والأخشاب .
مرمم القطع الأثرية :
يتدخل بصفة منتظمة لتقوية واستخراج القطع الأثرية القابلة للكسر أو المتداخلة .
المسئول عن القطع الأثرية :
المشرف على غسل وترقيم القطع الأثرية المستخرجة من الحفائر ، ويتكفل بترتيبها وتخزينها ، ويستدعى المرمم لتقوية القطع الضعيفة منها .
المسئول عن معدات الحفائر :
تنحصر مهمته فى الاهتمام بأدوات الحفائر ، وحالتها وتنظيمها ، ويتأكد من إعداد كل شخص لأدوات عمله الضرورية .
خريطة التقسيم :
بعد تنظيف الموقع وتهيئته واجلاء التربة يكون أول شيء هو وضع نظام الاستدلال ، يقسم فيه المكان إلى مربعات ، و يقوم الطبوغرافى برسم خطوط تتقاطع على نحو عمودى كل خمسة أمتار ، وتغطى هذه الخطوط كل الميدان الذى سيشهد عمليات التنقيب ، وهذه الخطوط يمكن أن تكون حبالا رفيعة مشدودة إلى أوتاد ، وهذا ما يسمى نظام التربيع ، وتُمّثل كل الآثار التي بالموقع على الخريطة .
التنقيب فى الأرض المكشوفة :
يعتمد أُسلوب التنقيب هذا على اخلاء الأرض طبقة طبقة ، وفى كل المساحة ثم يجرى التنقيب فيها فى الطبقة الأولى ثم الثانية حتى الوصول إلى الطبقات الأخيرة ، ويشبه هذا الأمرتقشير البصلة هكذا يُنقب الأثرى فى كل وحدة استراتيفكية ، يأخذ الأثرى والملاحظ مقاييس ارتفاع الطبقة بواسطة مسطرة الارتفاع .
ثم يبدأ التنقيب فى الطبقة حتى تظهر الطبقات التالية ، ويقوم الأثرى والملاحظ مرة أخرى بتحديد مقاييس ارتفاع الطبقات 2 ، 4 ، 5 ، وعندما ينتهى التنقيب فيهن تظهر الطبقات التالية ، وهكذا يُكمل الأثرى عمله طبقة طبقة حتى يصل إلى الأرض البكر .
التنقيب مربعاً مربعاً :
تقوم هذه الطريقة على ترك شريط من الأرض عرضه متر واحد بين المربعات المحفورة ، وتُسمى هذه الأشرطة الممرات ، وهى تسمح برؤية الطبقات على الجوانب الأربعة لكل مربع ، غير أن واحد من نقاط ضعف هذا الأسلوب أنه قد تتخبأ بعض التكوينات فى الممرات وهو ما يعوق رسم خريطة دقيقة للموقع .
طبقات الأرض :
لو حفرت خندق فى الأرض بعمق مناسب وبدأت تفحص حوائطه بعد تنظيفها ، ستكتشف طبقات ذات ألوان ، وارتفاعات مختلفة وتحتوى على مواد مختلفة أيضا تربة حصى ، عظام ، قطع من القماش ، أو الفخار تلك هي ما يطلق عليه طبقات الأرض أو الطبقات الأثرية .
أصل وطبيعة الطبقات :
بعد عملية فحص الطبقات يقوم الأثرى بدراسة المعلومات التي أسفر عنها الفحص وأن يتعرف على النشاط الإنسانى ويميز بين ثلاثة أنواع من الأنشطة البناء السكنى ، والتدمير ، وكل نشاط يتعلق بهذه الأنشطة يترك فى الأرض أثارا خاصة .
التدمير :
ترتبط الطبقات التي تحوى تدميرا بالنشاط الإنسانى ( حريق ) أو بأسباب طبيعية ، نشاط بركانى ، ويمكننا بسهولة أن نتعرف عليها من الرماد والأرض المحمرة بسبب النار ، حوائط مهدمة ، أشياء مكسورة فى موضعها والتي تناثرت فى كل الاتجاهات تحت الركام ، وأكثر طبقات للتدمير انتشارا هي تلك التي تلى رحيل الساكنين حيث لا يوجد آثار أحداث عنيفة ، ذلك لأن السكان رحلوا بأشيائهم .
الوحدة الستراتيفيكية :
وهذا المصطلح يستخدمه علماء الآثار واختصارا له (us ) للإشارة إلى كل أنواع الطبقات ( أرض – حائط – ثقوب مملوءة بقواعد عمدان ) ، ويُطلق علماء الآثار على السطح الذى بين طبقتين اسم الوسيط ، ويمكن أن يكون الوسيط افقيا أي أرض ممهدة ، أو حائط متهدم ، ويمكن أن يكون رأسياً مثل جدار خندق أو ثقب .
تحديد الطبقات الستراتيفيكية :
أثناء أعمال الحفر والتنقيب يُحّدد الأثرى هذه الطبقات من خلال المعلومات التي يستنتجها فهو يرى الطبقات نظراً لاختلاف ألوانها ( أحمر بنى ، رمادى ، أصفر ، داكن ، فاتح ) ، وبفضل تكوينات التربة نفسها ( حجر – فخار – فحم ) ، وعندما تظهر طبقة جديدة يدون ذلك ، ويوصف حالة الطبقة فى الكارت الخاص بها .
التفسير :
بعد الانتهاء من أعمال الحفر وتأريخ الطبقات يقوم الأثرى بفحص ودراسة المعلومات التي جمعها عن الطبقات الستراتيفيكية والتي سبق وأن دونها فى كروت ، وينقلها إلى رسم بيانى يحدد نوع الطبقات ، و يقوم الأثرى خلال التنقيب بعمل عشرات الخرائط والرسومات ويأخذ المئات من الصور الفوتوغرافية التي سيستعين بها فى كتابة التقرير النهائي عن أعمال الحفائر .
تصوير الحفائر :
يتم التقاط الصور بهدف تسجيل الأثر فى لحظة محددة من الحفائر ، لاسيما عند ظهور أبنية كجدار أو موقد أو دفنة ، أو قطع أثرية مميزة ، وتُعطينا الصورة المأخوذة لمجمل الموقع الأثرى فكرة عن كيفية توزيع العناصر الأثرية به .
النظافة :
لا تأخذ الصورة التفصيلية إلا بعد أن تكون المنطقة نظيفة تماما ولتحقيق ذلك يجب قطع الجذور وأهداب النباتات التي تخرج من الأرض ، بالإستعانة بمقص نباتات وإبعادها عن الموقع ، كنس الأرض بعناية وطبقاتها وتتم عملية الكنس بالرجوع إلى الخلف حتى لا تترك آثار أقدام فى الأرض ، وابعاد كل أدوات الحفائر حتى لا تظهر فى الصورة .
وللحصول على صورة جيدة ينبغي ألا تكون آلة التصوير مواجهة للشمس حتى تظهر النقوش فى الصورة بوضوح ، وفى ميدان التنقيب لا ينبغي أبدا خلط الأشياء التي تأتى من الطبقات المختلفة ، فعندما يُشرع الأثرى فى التنقيب فى طبقة جديدة لابد أن يُجهز أكياسا جديدة وعُلبا جديدة يضع فيها الأشياء التي قد يجدها وعليها بطاقات تحمل اسم الموقع ورقم الطبقة .
لا تلتقط الأشياء من الأرض بمجرد ظهورها إنما تجمع كلها مرة واحدة بعد ان ينتهى التنقيب فى الطبقة كلها ، وبعد أن ترسم مواقع الأشياء فى الخريطة وبعد أن تصور فوتوغرافيا حيثما وجدت .
يُزيل الأثرى برفق التربة التي تحيط بالشىء أولاً ، ثم تلك التي من تحته ويستخدم المسطرين فى ذلك ، وعندما يصبح هذا الشى غير ملتصق بالأرض يجمعه الأثرى بيديه
حفظ الدلائل :
أثناء أعمال الحفر والتنقيب يُخرج الأثرى إلى النور تكوينات مثل حائط أو حفر أو ثقوب ، ويجمع الأثرى الأشياء التي يمكن أن تُحمل مثل الأوانى ، والعملات ، والعظام ، وبدراسة تلك الأشياء يتم اتاحة المعلومات للناس عن الذين كانوا يعيشون فى الموقع : عن حياتهم اليومية ، وتبادلاتهم التجارية ، وتتيح للباحث ما يُمكّنه من تأريخ تلك الحياة الغابرة .
التنظيف :
بعد عملية التنقيب يتم وضع الأشياء التي تم العثور عليها فى الموقع فى صناديق ، ولكى يسهل الرجوع إلى هذه الأشياء التى جاءت من طبقة معينة يكتب الأثرى رقم الطبقة على الصندوق ، ونبدأ بعملية تنظيف للأشياء الموجودة فى الصناديق ، فنبدأ بالتأكد أولاً من عدم تعلق أي شواهد بسطحها كألياف النسيج ، أو النثارة العضوية أو خضاب أحد الألوان ، بعد ذلك نقوم بتنظيف القطع بالماء و بفرش ذات شعر ناعم ، ولا تستخدم على الإطلاق فرشاة من السلك لأنها تخدش سطع القطع ، وتصبح تلك الخدوش مأوى للبكتريا والفطريات .
التجفيف :
ينبغي تجفيف الأشياء بعد تنظيفها مباشرة ، ويكون التجفيف بطيئا وبدون اللجوء إلى أنابيب التدفئة الاصطناعية، وان تتم عملية التجفيف فى الظل بعيدا عن الشمس فى غرفة مغلقة ونحرص على ألا تختلط محتويات الصناديق والحقائب .
الترقيم :
كل القطع التي يتم العثورعليها لابد أن ترقم بعد أن تجف من عملية الغسيل ، وينبغى أن تكون عملية الترقيم بخط رفيع يكاد لا يلحظ ، والهدف من عملية الترقيم أن نكتب كل شيء التقط من الموقع ، المعلومات المرتبطة بالسياق الذى يحيط به حين وجد ، وبعد هذه الخطوة يكون لكل شيء رقمه المختلف ، وترتب أشياء كل طبقة طبقا للمادة التى يتكون منها الحجر ، ثم المعدن ، ثم العظام ، ثم السيراميك .
يأخذ الأثرى القطعة ويختار مكاناً غير ظاهر منها مثل الحافة أو أحد الأركان أو الظهر، ويدهن موضع الكتابة فى حالة القطع المسامية ، بقليل من الورنيش الذى لا يسمح بانتشار الحبر ، ثم يكتب عليها بالريشة والحبر الصينى الأسود ، ويترك الحبر ليجف ، ثم يمرر عليها طبقة أُخرى من الورنيش تعمل على حفظ الرقم من أن يُمحى عند كثرة تداول القطعة باليد أثناء دراستها .
التخزين :
بعد الترقيم ، ترسل بعض القطع إلى المختبرات ليقوم المتخصصون بدراستها ، وترسل قطع أخرى إلى معامل الترميم لتخضع لأعمال التقوية والحفظ ، أما باقى القطع فتحفظ داخل أوعية سهلة النقل بمكان جاف يسهل الوصول إليه حيث سيتم العودة إليها مرة أخرى لدراستها خلال الأسابيع أو الأشهر التي تعقب الحفائر .
تصنيف القطع الأثرية :
التصنيف الزمنى :
يتم تصنيف القطع الأثرية فى تنظيم تتابعى طبقاً لظهورها فى الطبقات الأثرية ، حيث يقوم الأثرى بوضع القطع التي تعود مثلاً إلى الألف الرابع لوحدها ، والألف الثالث لوحدها ، وهكذا دون النظر إلى نوع المادة التي تتكون منها القطعة ، وبذلك تتم دراسة مادة كل فترة على حده .
التصنيف النوعى :
يعتمد هذا الفرز والتصنيف على نوع المادة للقطع الأثرية المستخرجة ، حيث يقوم الأثرى بوضع القطع الحجرية على حدة مع بعضها البعض ، والمعادن مع بعضها ، والزجاج ، ويراعى التقسيم الزمنى اذا كانت المادة الأثرية ناتجة من حفريات يتوفر فيها طبقات إستيطانية متعددة ، وهنا يلزم التصنيف على مادة الطبقة الواحدة .
التصنيف التقنى :
وهو دراسة نوع من المادة الأثرية لمعرفة تطور صناعة نوع من المواد وبذلك يمكن وضعها فى إطار زمنى أدق .
التصنيف الشكلى :
وهو فرز المادة الأثرية ذات الطبيعة الواحدة إلى أنماط تبعاً لتشابها فى الشكل ، ومن خلال هذه الطريقة يمكن التعرف على تطور شكل من الأشكال خلال فترة استخدامه ، وملاحظة التغيرات التي طرأت عليه ، وما تم إضافته إليه فى مراحل مختلفة .
التصنيف الإحصائى :
يتم من خلال استخدام التصنيف الإحصائى دراسة نوع واحد من المادة الأثرية من خلال إحصاء خصائص معينة من قطعة لأخرى ، ومعرفة مدى وجوده من عدمه ، ونستنتج من خلال هذا التصنيف ما حدث من تغيرات وتحولات فى فترة انتاج هذا الشكل .
التصنيف الزخرفى :
يعتمد هذا النوع من التصنيف على استخدام العناصر الزخرفية ، حيث يتم تصنيف القطع طبقا لنوع الزخارف وتشابه الأُسلوب الزخرفى .
تحليل القطع الأثرية المكتشفة:
تتم هذه العملية من خلال دراسة وتسجيل ووصف المميزات من كل قطعة ، ويجب أن يشمل هذا الأمر ضوابط ومحددات منها طريقة صناعتها ، العناصر الزخرفية التي تزينها والأسلوب الزخرفى ، ووظيفتها ، والموقع الذى تم العثور عليها فيه ، ونوع هذا الموقع .
ويجب اتباع طريقة المقارنات الداخلية مع المواد التي تم العثور عليها فى مكان واحد ، واستخلاص الدلالة الحضارية والزمانية ، والبحث عن قرائن موجودة فى نفس المكان يمكن من خلالها تأريخ القطعة الغير مؤرخة ، فلو وجدنا قطع مؤرخة أو قابلة للتأريخ فيمكن من خلال ذلك تأريخ القطع الغير مؤرخة .
واذا كان الموقع يضم تسلسل طبقات مميز يجب اذن مسح المواد المتوفرة فى الطبقات السابقة لطبقة القطع التي تم العثورعليها ، والقطع التي تم اكتشافها فى الطبقات التي تليها أي اللاحقة ، أما المقارنة الخارجية فتعنى مقارنة هذه القطع بقطع أُخرى متشابهة تم العثورعليها فى مواقع اُخرى خارج هذا الموقع تم دراستها سابقاً .
والتعرف على تاريخها ، وعمرها الزمنى وتوثيقها ، فمن خلال ذلك يمكن المقارنة والبحث على مميزات مشتركة يبنى عليها الباحث تأريخه للقطع الغير مؤرخة ، وعمل دراسة تفصيلية ، أو يقوم بزيارة المتاحف والمخازن الأثرية لعله يرى ويشاهد شيئاً يشبه ما تم العثور عليه يماثله لم يسبق له التحقق منه، ثم يتفحص الصور التي فى متناول يده ، سواء لمنحوتات ، أو نقوش ، أو لوحات ، أو رسوم ، ويستعين بأخصائى لدراسة الصور ، ومع ذلك فقد تظل بعض الأشياء يكتنفها الغموض .
النقوش :
بعض الصروح القديمة تحمل جدرانها نصوصاً منقوشة مصرية ، أو رومانية ، أو يونانية وترجمة هذه النصوص تتيح لنا معلومات عن تاريخ المكان ، وعن الذين عاشوا وأقاموا فيه ، وتاريخ البناء .
علامات الطريق :
على طول الطرق الرومانية كانت العلامات تحدد للمسافرين المسافات بين المدن كالعلامات التي تحدد لنا اليوم المسافات المتبقية للوصول إلى المدن ، ولكن العلامات القديمة كانت تحدد المسافات بالميل وليس بالكيلومترات .
الإختصارات :
يمكنك اليوم ان تكتب اختصاراً لأى كلمة أو عدة كلمات من خلال استخدام أول حرف من كل كلمة ، كذلك كان الرومان يستخدمون الاختصارات SPQR التي نشاهدها على الأعلام والشارات الرومانية في رسومات أستريكس هي اختصارات ل senatus populus que romanus التي تعنى مجلس الشيوخ والشعب الرومانى و avgustus وهو لقب شرفى للإمبراطور .
السجلات :
لقراءة السجلات ينبغي فك شفرة ورموز اللغات القديمة والطرق القديمة في الكتابة الباليوجرافى : وهى يونانية الأصل وتتكون من باليو يعنى قديم ، وجرافى بمعنى كتابة.
الصكوك والكتب :
عندما كان الملك ، أو السيد أو المطران يمنح أرضاً ، أو مالاً ، أو امتيازاً من الإمتيازات إلى شخص ما ، أو إلى عدد من الأشخاص فكان يعلن ذلك في وثيقة مؤرخة وممهورة بتوقيعه ، وبتوقيع شهود ، وتسمى هذه الوثيقة صكاً ، وبالسجلات وثائق قديمة جدا من هذا النوع وهى تُخبر المؤرخين عن الأراضى التي يمتلكها الإقطاعيون ، وعن أسماء القرى القديمة ،وأسماء الناس الذين كانوا يعيشون في ذلك الوقت .
المراجع :
المراجع :
- عزت حامد زكى قادوس : علم الحفائر وفن المتاحف ، الإسكندرية ، 2008 م
- فرنسيس ديولافيه : صديق الآثار ، دليل مكتشفى العصور ، ترجمة هيثم خشبة ، الإسكندرية ، 2008م
- Boutros, Ramiz., Baouit Mission du louver TFAO, Bulletin de L`institut Francais D`Archeologie Orientale, Tome 105 Extrait, Le Cairo, 2005
- Benazeth, Dominique., Baouit: une eglise copte au louver, collection solo 18, paris,2002
- Benazeth, Dominique.,Bulletin de la societe D` acheologie copte, Tome XLIII, le caire, 2004
Cledat. J., le Monastere et la necropol de Baouit, MIFAO 111 – 1999-
Rutschowscaya, Marie- Helene., Fouilles Musee du louver, MIFAO,2005, LeMonde de la Bible " N "177 Mai- juin 2007