فهو يقول إنه كانت توجد بكنيسة القديس مرقس بالإسكندرية من قرنين من الزمان صورة لرئيس الملائكة ميخائيل ، قيل إنها قد رسمت بيد القديس لوقا الإنجيلى ،وقال إكليمنضس من أباء الجيل الثانى إنّ المسيحيين كانوا يرسمون صورة سمكة أو حمامة على الخواتم إشارة إلى مياه المعمودية التى كسبوا بها الحياة ، وقال ترتليانوس معاصره يدل على ذلك الصور التى على كئوسهم .
كما تشير المصادر التاريخية إلى أنّ الإمبراطور قسطنطين زين جميع الأبنية العامة،والكنائس بأيقونات ، أخذت مواضيعها من الكتاب المقدس ، وأنّ المسيحيين فى الجيل الأول كانوا يرسمون صورة المسيح " الرأس فقط " يجعلونها وساماً يعلقونه على صدورهم كعلامة تعارف ،وأنّ قسطنطين أخفى شعار إله الشمس من العملة ، وأحل محله رسم السيد المسيح .
ويُرَّجح البعض أنّ فكرة الأيقونة أُخذت من الصورة النصفية للإمبراطور الرومانى التى كانت توضع داخل ميدالية ، حيث كان الشكل السابق على الأيقونة هو اللوحة الشخصية المصورة للإمبراطور ، وتسمى" لوراطون "ومعناها الحرفى لوحة المجد ، وهى مشتقة من الكلمة الاتينية (Laurus) ،وتُرسم عند اعتلاء الإمبراطور الجديد للعرش ، بل إنّ للقناصلة " حكام الجمهوريات الرومانية القديمة " ورؤساء الأديرة من الرهبان والأساقفة الحق حين تنصيبهم أن ترسم لهم لوحات شخصية .
وكان يتم إرسال لوحات الإمبراطور " لوراطون " إلى جميع أنحاء الإمبراطورية ، ويتم تعليقها فى الأماكن العامة ، وكانت اللوحة الشخصية تمثل حضوراً رمزياً للإمبراطور، ويتم تزيينها بالزهور أثناء مراسم الاحتفالات بالمناسبات السياسية والإدارية، ويتم حرق البخوروإيقاد الشموع أمامها .
تصنيف الأيقونة :
تختلف الأيقونات من حيث التركيب إلى أيقونات ذات حامل خشبى ُيلَّون عليه مباشرة ، ويأخذ طبقة ورنيش ، وأيقونات ذات حامل خشبى مطلى بالملاط الأبيض وطبقة تلوين وطبقة ورنيش ، وأيقونات ذات حامل خشبى وطبقة من التوال " الكتان " وطبقة من الجيسو( gesso) وطبقة الألوان والورنيش . ثم اُستخدم بعد ذلك واستبدل التوال بطبقة من الورق المقوى ، ثم طبقة الألوان وطبقة الورنيش ، واستبدل أيضا الورق المقوى بطبقة من الجلد ،ولكن أكثر الأنواع انتشارا هو المكّون من الحامل الخشبى والتوال والجيسو وطبقة اللون والورنيش .
ونوع آخر نادر وهو الأيقونات المحفورة على الخشب ، منها أيقونات ترجع إلى القرن السابع الميلادى ، عثر عليها بدير القديس أبوللوبباويط - مركز ديروط - أسيوط مثل أيقونة المسيح يضع يده على كتف القديس مينا ، وهى محفوظة بمتحف اللوفر بباريس ، حيث تُعد باويط مسرحاً لدراسة الفن المصرى المسيحى ، فقد أُجريت فى هذا الموقع أعمال الحفر الأثرى سنة 1901 م وحتى سنة 1913 م من قبل بعض الأثريين الفرنسيين .
وتم نقل الكثير من القطع الأثرية المنحوتة و الصور الجدارية وبعض الأيقونات الخشبية النادرة إلى متحف اللوفر بباريس سنة (1902 م) و( 1929 م) ، حيث صممت قاعة باسم باويط خاصة بالآثار القبطية ، يُعرض بها مستخرجات الحفائر التى تمت فى بداية القرن العشرين و نقلت إلى فرنسا. كما عثر بالموقع نفسه وهو دير القديس أبوللو على أيقونة خشبية نادرة بالألوان منفذة بالحفر الغائروالبارز ، تمثّل الملاك ميخائيل.
وذلك فى أثناء أعمال الحفر الأثرى ، من قبل بعثة المعهد العلمى الفرنسى بكوم باويط الأثرى فى موسم حفائر سنة 2008 م بالصالة (7) بالموقع الشمالى ،وهى معروضة فى إحدى قاعات العرض بالمتحف،وأيقونة اُخرى نادرة ملونة ومحفورة على الخشب للملاك غبريال فى موسم حفائر 2009 م، إيداعها بالمتحف القبطى بالقاهرة،ومن المرجح أنّهما يرجعان إلى القرن السابع أوالثامن الميلادى .
ومعظم الأيقونات الموجودة بالكنائس القبطية مرسومة على ألواح خشبية ، تم تغطيتها بالقماش ، لمنع تشققه ، ثم وضعت فوق القماش بطانة رقيقة من الجص الذى تم تغطيته بطبقة من الذهب ، لذلك فإنّ الأرضية الذهبية التى انتشرت فى الأيقونات القديمة لم توضع منفصلة . لكنها تمثل جزءًا من السطح المجهز للرسم الذى لم تُستخدم الألوان لتغطيته ، وهناك بعض الأيقونات تساقطت عنها قشور من الألوان كاشفة عن السطح المذهب تحتها ، وأحياناً تبدو الخطوط الأساسية للتصميم قد نُحتت على الطبقة المذهبة بمسمار من الصلب.
ويمكن تصنيف أيقونات القرن الثامن عشر والتاسع عشر إلى أربعة أنواع طبقاً للأسلوب الصناعى ، الأول عبارة عن لوح خشبى ، فوقه طبقة من الخيش ، وطبقة الجص ، ثم طبقة الألوان ، وذلك باستخدام أسلوب التمبرا ،وظهر ذلك فى اسلوب الفنان يوحنا الأرمنى وإبراهيم الناسخ ، الثانى يتكون من لوح من الخشب عليه طبقة من الكتان ، ثم طبقة من الجص فوقها الألوان باستخدام أسلوب التمبرا صناعة أسطاسى الرومى .
كما ظهر هذا النوع فى أسلوب المدرسة القبطية التى تشمل الأيقونات غير الموقعة وهى من عمل بعض الرهبان الذين لم يرغبوا فى وضع توقيعاتهم عليها ، الثالث يتكون من لوح خشبى عليه طبقة من الجص ،ثم طبقة ذهبية فوقها طبقة الألوان الزيتية ، صناعة كل من الفنان نقولا تاودورى الأورشليمى ، دمترى جرجى.،والرابع مرسومة بالألوان على الخشب مباشرة دون أية وسائط ، ويتبع أسلوب المدرسة المحلية التى ظهرت فى جنوب أسيوط ، وفى أخميم ،وعرفت بالأسلوب الأخميمى.
الأسلوب الصناعى للأيقونة :
يُستخدم عند تجهيز الأيقونة أنواع معينة من الأخشاب مثل ( ply wood ) وهو خشب يتكون من طبقات رقيقة مغراة ومكبوسة بعضها ببعض ، وخشب الليم ( (Lime وهو أصفر من الليمون له قشرة صفراء مخضرة ، وخشب يشبه الجوز (alder)،وخشب الزان (beech)،وخشب السرو (cypress) والصنوبر،غير أنّ هذه الأنواع غالية الثمن ، ولا توجد بمساحات مناسبة وتحتاج خبرة خاصة عند توصيلها ببعضها ، ويجب أن تكون قطعة الخشب خالية من العقد الخشبية ، ولا يوجد بها انحناء ، كما لا يستخدم أى نوع من الأخشاب سبق دهانه بأى نوع من الدهانات.
وكان الحامل الخشبى يُنتقى من أجود أنواع الأخشاب المتوافرة لدى الفنان ، وتتم عملية الإعداد بقطع الألواح الخشبية بنسب متساوية فى الحجم والسمك ،ويتم تسوية الألواح الخشبية باستخدام الفارة أوالتمشيط بالأزميل ، واستخدام الصنفرة لتنعيم السطح ،وكانت اللوحات الخشبية تصنع أيضاً من شجر التين ، أوالخشب الأبيض ، وتطلى بطبقة تحضيرية من الطلاء عادة من الجبس التصويرى ، " خليط من الجبس والغراء " ، وفى بعض الأحيان تكونت الطبقة التحضرية من الأنهيدريت " مركب يشتق بفصل عناصر الماء من عناصر أخرى " .
وكان للطلاء بالطبقة التحضيرية غرض ذو شقين ، فمن ناحية منع الطلاء من أن يتسرب ، ومن ناحية أُخرى إضفاء اللمعان على الألوان ، وقد استخدم مسحوق الذهب ورقائقه بوفرة مع بعض المواد الطبيعية اللاصقة .مثل الثوم ، والسكر ، أو زلال البيض ، أوالصمغ العربى ، وتستخلص السيدة " سوزانا سكالوفا " أن جميع الأيقونات تم رسمها باستخدام طريقة " التمبرا " أى استخدام أصباغ مخلوطة بمواد غروية تذوب فى الماء ، مثل زلال البيض أوصفاره ، كما استخدم الكتان لأنه من أقوى أنواع النسيج ، وكان يتم غسل الكتان بالماء قبل استخدامه حتى لا يتعرض للانكماش ، فيؤدى إلى إنفصال الحامل الخشبى ، أوانفصال الطبقة الجصية ، ثم يُثبَّت الكتان فوق الحامل الخشبى .
ويكون الحامل الكتانى أكبر قليلاً من الخشبى من الأطراف بحوالى 5 سم حتى يُمكن تثبيته من الخلف ، لتماسك الأيقونة مع الضغط المستمر على طبقة الكتان حتى يتم لصقها جيداً ومنع الفراغات الهوائية ،بعد ذلك يتم وضع طبقة الجيسو " الجص " وهى عبارة عن بطانة سفلية وأُخرى علوية ، ومن المعروف أن الجيسو تتكون من المادة البيضاء والوسيط ، فالمادة البيضاء هى الطباشير ، والوسيط هو الذى يغطى التماسك للأرضية من الغراء .
أما مادة التلوين فقد استخدمت الأكاسيد الطبيعية للحصول عليها وهى المواد نفسها والأصباغ التى كان يعرفها القدماء المصريون حيث تم خلطها بالغراء أو الصمغ اوالجلاتينا ، وتُعرف بألوان التمبرا ، واستخدمت الرقائق الذهبية ومسحوق الذهب الذى يتم خلطه بزلال البيض أوالصمخ العربى .
التجهيز:
فى المرحلة الأولى يُنَّعم سطح قطعة الخشب بسنفرة ناعمة ، ويُجَّهز محلول الغراء باستخدام جيلاتين حيوانى بنسب معينة من الجلاتين و الماء ، ويُترك المحلول لمدة 24 ساعة تقريباً ، و يُسَّخن بعد ذلك على نار هادئة مع التحريك المستمر حتى يذوب الجلاتين تماماً ، ويكون المحلول ساخنًا جداً دون أن يصل إلى درجة الغليان ، لأنّ ذلك يجعله غير صالح للاستخدام .
وتُستخدم فرشاة مناسبة لتغطية سطح اللوحة الخشبية وجوانبها بالمحلول الساخن ، ثم تترك حتى تجف ، ثم تغطى اللوحة الخشبية مرة أخرى بالطريقة نفسها وتغطى بقطعة من القماش وتوضع فوقها ، وعلى الجوانب طبقة من المحلول السابق.ثم يترك ليجف ، ثم يُقَّطع القماش الزائد من الجوانب ، وفى المرحلة الثانية يُجَّهز محلول الغراء مرة أخرى بالطريقة السابقة نفسها ويُضاف إليه (whiting) المادة البيضاء ثم تغطى قطعة القماش بالمحلول الساخن ، وبعد الجفاف يُنَّعم السطح بالصنفرة .
وتترك الأيقونة لمدة يوم أو اثنين لتجف تماماً ،وبعد ذلك يُنَّظف السطح المذهب بواسطة قطعة من القطن ، للتخلص من الذهب الزائد ، ثم يتم تثبيت الذهب بتغطيته بمزيج من التربنتين (turpentine) ومادة السلولوز (duco cellulose) ، يلى ذلك أكسدة المنطقة الذهبية المحيطة بالهالة باستخدام اُكسيد طبيعى،ويُعطى ألوانًا فيها سمرة وحمرة (burnt umber) مذاب فى (vegetable turpentine) فى تربنتين نباتى ، ثم تحدد دائرة الهالة باللون الغامق .
وبعد الانتهاء تُغطى الأيقونة كلها بطبقة من الورنيش الشفاف مع التنر .طريقة التلوين:تُرسم الأيقونة بأسلوب فنى خاص (egg tempera technique) ، حيث يتم استخدام الأكاسيد الطبيعية مذابة فى صفار البيض (egg yolk) مع الخل و الماء، والمعروف أنّ الخل يضاف مع الماء فى رسم الأيقونة القبطية ، أمّا البيزنطية فلا يُضاف الخل مطلقاً ، ويُستخدم فى تلوين الأيقونة طريقة خاصة تعتمد على إعطائها ثلاث طبقات من الألوان .
الأولى ذات تركيز أخف من صفار البيض المضاف للخل والماء ،لإذابة الأكاسيد المستعملة فى اللون الغامق ،والثانية تركيزها أكبر لإذابة الأكاسيد المستعملة فى اللون المتوسط " لون فاتح عن الطبقة السابقة " ،وبعد الانتهاء من هذه الطبقة وجفافها ، تُغطى بطبقة من محلول صفار البيض والماء والخل دون أكاسيد ملونة لتثبيت ألوان الطبقات السابقة ، ثم تليها الطبقة الثالثة بتركيز أكبر لإذابة الأكاسيد المستعملة فى الألوان الفاتحة .
طريقة التذهيب :
تُغطى المنطقة المراد تذهيبها بمزيج مكون من مادة السلولوز (duco cellulose) والورنيش الشفاف (transparent varnish)، مع مادة مخففة، وهى التنر (thinner)، بنسب معينة ، وبعد الجفاف تغطى بطبقة أخرى، وبعد الجفاف يُنَّعم السطح بالصنفرة الناعمة ، وينظف بقطعة من القطن ، ثم توضع المادة اللاصقة للذهب ثم يُلصق الذهب فى الوقت المناسب للصقه.
تكوين الألوان:
استخدم المصورون الألوان والأصباغ التى استعملها أجدادهم المصريين القدماء من قبل ، وقد كان للرهبان القبط دراية بتكوين الألوان والأصباغ بطريقة متقنة ، ومازالت نضارتها وبريقها وثباتها مضرب الأمثال حتى اليوم،ويظهر أنّ الرسامين استعاضوا فى أغلب الأحيان بزلال البيض عن الزيت عند تصوير الأيقونات ،وكانوا فى العصور الأولى يصورون على الخشب مباشرة .
ثم شرعوا فى الأزمنة المتأخرة فى تغطية اللوحات الخشبية بطبقة من الجبس ، ثم بقطع القماش أو الخيش ،وغطّوا الخيش بطبقة ناعمة رقيقة جبسية ،وصبّوا فوقها ماء الذهب ثم كانوا يرسمون الصورة فوقه ،ويظهر أنّ الصورة كانت غالباً من عمل أكثر من فرد واحد ، فالمساعد يقوم بالتذهيب للخلفية وتصوير الملابس ،ولكن الملامح والأيدى كانت من عمل الرئيس الفني .
فاستخدم الفنان المادة السوداء من الكربون ،وهى مسحوق ناعم جداً ومادتها السناج " الهباب " ، والأزرق من كربونات النحاس الزرقاء ،وهو موجود فى الطبيعية ،والبنى يصنع عن طريق وضع طلاء أحمر على أسود ،واللون البنى يكون عموماً من المغرة ، وهى أكسيد طبيعى للحديد ، والأخضر ناتج من مركبات النحاس " الملاخيت المسحوق من خامات النحاس" ، وينتج اللون الأخضر المصرى من مزيج المغرة الصفراء.
والمادة الزجاجية الزرقاء ، والرمادى خليط من الأسود والأبيض ، خليط من الجبس وفحم الخشب ، والأحمر من المغرة الحمراء ، وهى أكسيد طبيعى للحديد، وتسمى " هيماتيت " ، وهناك السلاقون وهو أكسيد طبيعى أحمر للرصاص ، والأبيض من كربونات الكالسيوم " مسحوق الحجر الجيرى " أوكبريتات الكالسيوم " الجبس " ، والأصفر من المغرة الصفراء ، ومادتها أكسيد الحديديك المائى ، والرهج الأصفرهو كبريتوز طبيعى للزرنيخ .الجسو أوالشيد (gesso)
الجسو :
هو مسحوق من الحجر الجيرى والغراء ،كان يوضع على الخشب كأرضية للتلوين والتذهيب ، وكثيراً ما تنقش عليه رسوم قليلة البروز، قبل التذهيب أثناء الأسرة الثامنة عشرة فى العصر المصرى القديم على نطاق واسع ،وفى العصورالتالية استعمل الجص بكثرة فى صنع أقنعة وتوابيت المومياوات ، من طبقات مقواه تتألف من الكتان والجسو، ثم من مخلفات ورق البردى والجسو مع الكتان أومن غيره .
وحينما كان الجسو على الخشب كانت توجد بينهما أحياناً طبقة من نسيج خشن من الكتان ، ولعل الخيش لم يكن الوحيد الذى يعالج بالغراء لكى يلتصق بالخشب من وجه، وبالجص من الوجه الآخر ،وكان المصورون فى إيطاليا وإسبانيا فى العصور الوسطى يستخدمون الجبس ممزوجاً بالغراء " الغراء الرخو" لتكوين أرضية يصورون عليها ، وكانوا يسمونها جسوًا gesso وهى تسمية إيطالية مأخوذة من الكلمة اللاتينية ( gypsum ) المقتبسة من اللفظة اليونانية ( gypsos ) .
وكما هى العادة فى الكنائس المصرية القديمة فإنّ الأيقونة مغطاة بطبقة رقيقة من الجص المدهون بماء الذهب ، وبعد ذلك تأتى الألوان ، وقد كان الرسامون الإيطاليون الأوائل حريصين عند استخدام هذه الطريقة على استعمال المعجون لملء فسحات الشرائط التى تربط الخشب من الخلف لمنعها من التشقق ،ولكنّ الفنان القبطى لم يتخذ مثل هذا الاحتياط ، ولذلك فإنّ الأيقونة التى رسمها مشوهة بفعل التشققات الضيقة التى تمتد من أعلى إلى أسفل الصورة ، بالإضافة إلى التلف الذى يُصيب الأيقونة بعد ذلك ولكن ليس إلى الدرجة التى تقلل من قيمتها كعمل فنى .
الزلال :
مواد نتروجينية طبيعية معقدة التركيب ، تحتوى على الكبريت بنسبة صغيرة ، توجد فى الحيوان والنبات ، منها زلال البيض " البياض "،وكان هذا النوع هو المادة اللاصقة التى استخدمت فى التصوير المصرى القديم ، وقد استمر استخدامه منذ الدولة القديمة حتى عصر الرومان .
الصمغ :
يتم الحصول عليه بكثرة من أنواع شتى من شجر السنط الذى ينبت فى مصر والسودان ،وكان يُستخدم فى ربط اللفائف الكتانية ، بعضها ببعض ، تلف فيها المومياوات بعد التحنيط ، واستعمله المصريون بدلاً من الغراء ،واستخدم كمادة لاصقة للدهان .الغراء:مادة من أقدم المواد اللاصقة وأشهرها، وخاصة فيما يتعلق بالخشب ، ويُصنع الغراء من بعض المواد الحيوانية المحتوية على الجلاتين ، مثل العظام ،والجلود ،والغضروف ،وأوتار العضلات ، وذلك بالاستخلاص بالماء المغلى ، وتركيز السائل بواسطة التبخير ، ثم صبه فى قوالب يتحول فيها بالتبريد إلى كتلة جامدة .
وكان الغراء يُستعمل فى مصر القديمة فى أغراض مختلفة وهى ربط الخشب ، بعضه ببعض ، وتثبيت حشوات الأبنوس والعاج فى مواضعها ،وصنع الملاط والمعجون ،وذلك بمزج الغراء بمسحوق الحجر الجيرى ، وتثبيت قماش الكتان المنسوج نسجاً خشناً بالخشب والجص ،وتثبيت رقائق الذهب بالجص ، واستخدم كمادة طلاء تغطى سطوح الحجر والجص ، قبل التصوير عليها ، ومادة مثبتة للألوان .
الرسم بالزيت :
يُعَد التصوير بالزيت ابتكاراً أوربياً خالصاً ، كانت بدايته فى الأراضى المنخفضة " جزء من هولندا وبلجيكا " ، على يد " جان فان إيك " ، وهو المؤسس الأول لمدرسة التصوير بالزيت فى الأراضى المنخفضة ، وانتقل هذا الفن إلى إيطاليا عن طريق بعض الفنانين الذين نزحوا إلى بلاد الشمال ، وبدأ يتوغل فى تركيا منذ أواخر (ق12- 18 م) ،وأخذت التأثيرات الأوربية ،واستخدام الزيت فى التصوير يدخلان مصر تبعاً لذلك .
حيث وفد الأوربيون إلى مصر و زاولوا فيها أعمالهم الفنية ، فزخرفوا القصور المصرية بالصور ذات الطابع الأوربى ، و أنتجوا أعمالاً تمثل مناظر من البيئة المصرية ضمنوها مؤلفاتهم ، وقد انتقل إلى مصر الكثير من الطرزالفنية الأوربية نتيجة إرسال البعثات العلمية إلى أوربا ،والحركة العمرانية والحضارية فى عهدى عباس حلمى وسعيد باشا ،وزيادة التأثير الأوربى فى عصر الخديوى إسماعيل .كذلك سياسة حكام مصر نحو الميل إلى الغرب ، بالإضافة إلى دور السوريين فى نقل التأثيرات الأوربية إلى مصر، ودور الأتراك فى ذلك الوقت ، وتنوع التصوير بالزيت فى القرن التاسع عشر .
حيث استخدم فى بعض الأحيان على التوال مثل قصر حبيب باشا سكاكينى ، الذى لا يزال زاخراً باللوحات الزيتية المنفذة على التوال " الخيش " ، وكان يتم تمهيد أسطح الألواح الخشبية ومعجنتها و طلائها ثم يُنّفذ الرسم عليها ،كما نُفِّذ التصوير بالزيت على الأسقف الخشبية مباشرة ،ولم تكن الكنائس والأديرة القبطية بمعزل عن النهضة الفنية التى سادت فى القرن التاسع عشر،وخاصة فى النصف الثانى منه ، والتى ظهرت فى زخرفة القصور بالصور ذات الطابع الأوربي .واستخدام الزيت فى التصوير ، حيث ظهر ذلك فى الأيقونات ، التى تم صناعتها على يد بعض الفنانين الأوربيين وخاصة اليونان ، مثل " نقولا تاودورى الأورشليمى ودمترى جورجى .