اشتهرت الفنون القديمة فى الشرق الأدنى ، بل فى آسيا كلها باستعمال رسوم
الحيوان فى زخارفها ، و المعروف أنّ الفن البيزنطى أخذ القسط الأوفر من رسوم الحيوان عن غيره من الفنون التى
ازدهرت فى ايران ، و آشور ، و سوريا و بلاد الحيثيين .
وقد ظهر العديد من الحيوانات والطيور المرتبطة بموضوعات العهد الجديد،كأحد العناصر الأساسية فى المناظر المنفذة بالفنون القبطية ،إذ ظهرت الحمامة فى
البشارة والتعميد ، وظهر الخروف مع الراعى الصالح ، وارتبط الحمار مع السيد المسيح
بدخول أورشليم .
ومن أهم الحيونات والطيور التى ظهرت ضمن أحداث قصص العهد القديم
المصورة فى الفن القبطى الحية فى قصة سقوط
آدم وحواء ، والحوت فى قصة النبى يونان ، والكبش
فى ذبيحة إسحاق ، والأسد فى قصة النبى دانيال فى جُب الأسود ، والحمامة فى
قصة نوح والطوفان .
وقد استخدم الفنان الرسوم الحيوانية كالخيول ،والحمير،والأتان ، والأسماك ، والثعبان ، والأسد ،وصورالفنان القبطى الحيوانات، منها ما هو
واقعى، ومنها ما هو خيالى ، والأسلوب الأكثر شعبية فى كل الأديرة يبدو فى مناظرالحيوانات ،وعلى
الأخص فى صلتها بالرهبان .
الأسد :
يُعد الأسد من الحيوانات الحارسة فى الفن الأشورى ، حيث يوجد أسد مجنح ضخم معروض فى المتحف البريطانى ، عُثر عليه عند مدخل قصر آشور ناصر بال الثانى ، وهو يجمع
بين رأس إنسان وجناحى نسر ، وهو من الحيوانات التى استخدمت كرموز فى الصورة القبطية ،
فقد تم تصويره خاضعاً للنبى دنيال فى حجرتى الخروج والسلام ، واستخدمه الفنان
القبطى للتعبير عن القوى الشريرة فى مقبرة كرموز ، حيث يطأه المسيح بقدميه ، وقد
رسم الفنان أسدين رابضين أسفل الأنبا بولا، وهو من الرموز التى تميز هذا القديس .
ويُرمز للقديس مار مرقس بالأسد ، لذلك نجد أهل البندقية جعلوا الأسد رمزا لهم ، وأقاموا
أسداً مجنحاً فى ساحة القديس مار مرقس بمدينتهم ، ويعلل البعض هذا الرمز بأنّ
القديس مرقس اجتذب والده للإيمان المسيحى خلال سيرهما فى الطريق إلى الأردن ، حيث
فاجأهما أسد ولبوة فطلب الأب من ابنه الهرب ، لكن الابن طمأن الأب ، وصلى فانشق
الوحشان وماتا فآمن الأب بالسيد المسيح .
والبعض الآخر يرى أنّ القديس مرقس بدأ
إنجيله بقوله " صوت صارخ فى البرّية " وكأنه صوت أسد يدوى فى البرية
كملك الحيوانات يهيىء الطريق لمجىء الملك الحقيقى ، هذا وجاء الإنجيل يعلن سلطان المسيح ، لذلك
لاقى أن يرمز له بالأسد إذ قيل عن السيد إنه " الأسد الخارج من سبط
يهوذا " ، كذلك يرمز الأسد إلى القديس أفرام و القديس إرمياء فى الفن القبطى .
الثور:
يُرمز به إلى القوة والصبر ، ويظهر الثور والحمار معاً في صورة ميلاد السيد
المسيح، ويرمز الثور المجنح إلى القديس لوقا .
الثعبان و الأفعى :
رسم الفنان ثعبانًا يطعنه الشهيد
مار بقطر شو بحربة تخترق الفم ، ورسم شكل
أفعى متقابلتين بكل جانب بعصا التتويج التى يمسك بها القديس مار مرقس الإنجيلى ، كما
ظهر الثعبان أو الحية فى يد أحد الملائكة فى الجحيم ،وقد كان الثعبان معروفاً
للمصريين بأسماء عديدة ، وحلفاؤه وشركاؤه مثله ثعابين ، مصدر رعب عابدى إله الشمس
فى كل العصور التاريخية المصرية ، هذا الثعبان الضخم كان دوماً يمثل القوى التى
تعتدى على الميت أو الحى .
وهو الذى جسّدوا فيه صفات و ملامح أعداء رع الطبيعية
والفكرية ، وسموه أبيب رئيس الثعابين ، وكانت هناك فروض تحتم على الكهنة أن يكتبوا
اسم أبيب باللون الأخضرعلى قطعة جديدة من البردى ، ثم يصنعون تمثالاً للشيطان من
الشمع ، يكتبون عليه اسماً باللون الأخضر ، ويحرقون كل من البردى و الشمع .
وقد أشار الكتاب المقدس فى العهد الجديد إلى
الحية ( سفر الرؤيا ليوحنا اللاهوتى ، الإصحاح الثانى عشر : آية 7 ) ، فسمّاها إبليس
و الشيطان ، مستوحاة من قصة آدم وحواء ، والأثم الذى اقترفاه بسبب الحية التى تجسد
بداخلها الشيطان .
تلك الحية صورت فى قصة
آدم و حواء فى حجرة الخروج وحجرة السلام بالبجوات وهى ترمز للشيطان ، ويشير الأنبا
شنودة الأول فى عظته ضد الشيطان إلى عدد من الصور التقليدية للشيطان الموصوفة فى
الكتب المقدسة ، مثل الدودة الماصة للدماء ، أوالمقاتل ، والأفعى .
الحصان :
ظهر الحصان فى مصر لأول مرة فى عصر الدولة الحديثة ، إبان حكم الأسرة
الثامنة عشرة حوالى (1580 ق . م ) ، وجاءت الخيول عن طريق الجنس الأرى المسمى churri ، ولم تكن الخيول المصرية تمثل سلالة قائمة
بذاتها حيث ظهرت العديد من مناظر الخيول
فى عصر الدولة الحديثة .
وكلها توضح نوعاً واحداً من الخيول ، وهى ذات
الرقبة المقوسة بشدة ، ومع أنّ هناك أراء تتبنى فكرة أنّ الهكسوس جاءوا عند غزوهم
لمصر بالخيل وبالعربات ، وبالأحرى فى
الفترة الانتقالية الثانية أى بين الدولة الوسطى والحديثة .
ويرى بترى أنّ الحصان
مثله مثل الجمل ، ظهر فى فترة مبكرة فى مصر ، ثم اختفى ، ثم عاد للظهور مرة أخرى ،
وأول منظر تصويرى للخيل وصل إلى أيدى الباحثين حتى الآن يرجع إلى عهد الملك تحتمس
الأول ، وحدث التوسع فى وجود الخيل فى مصر عن طريق التجارة ، مع السوريين ،
والبابلين ، والحيثيين ، والميتانيين ، والأشوريين ، والقبارصة ، وعن طريق النوبة .
ولم يكن الاهتمام بالحصان مقصوراً على الحضارة المصرية و اليونانية ، بل نجد
تمثال الحصان قد احتل مكاناً مهمًا خلال العصر الساسانى ، وفى المسيحية تم ذكر
الخيل فى نبوءات زكريا ، وفى رؤيا يوحنا اللاهوتى ذكر ألوناً أربعة للخيل ترمز إلى
المنح ،أو العقوبات الإلهية ، فالخيل الأبيض يرمز إلى الفتح ، أمّا الخيل الأحمر
فيرمز إلى القتل أو الموت ، والخيل الأسود يرمز إلى المجاعة ، بينما الخيل الأخضر
يرمز إلى المرض أو الوباء .
وظهر الحصان على الكثير من قطع
المنحوتات القبطية فى القرن الرابع الميلادى ، حيث نحته الفنان بأسلوب محور يشبه
الدمية ،وفى القرنين الخامس والسادس الميلاديين كان ينحت بتحوير شديد مع إهمال
النسب التشريحية ،وفى القرن السابع الميلادى مال الفنان إلى نحت الحيوان قريب من الطبيعة إلى حد ما ، ومحاولة مراعاة النسب التشريحية.
الحمار ( الجحش ) :
إنّ موضوع ركوب المسيح جحشاً و دخول أورشليم ، له مغزى دينى ، حيث
يرمز الجحش إلى الأمم الوثنية الذين لم يخضعوا لشريعة الله ، كما
أنّ الجحش لا يجتروهو مشقوف الظلف ، فإذا كان المسيح ركب
الأتان ثم تركها إشارة إلى الذين رفضوه ، ثم ركب الجحش الذى يشير إلى الأمم
الوثنية التى لم يظهر منها نبى ، ولم تكن
لهم شريعة ، فقد قبلهم المسيح وصار ملكاً على تلك الأمم الوثنية ،
ودخل بها إلى أورشليم وإلى هيكل الله .
الأسماك :
ظهرت
الأسماك فى منظر القرابين فى مقبرة بيبى عنخ رقم (1) فى الدولة القديمة ، ومقبرة
أوخ - حتب - ابن سنبى رقم (3) فى الدولة الوسطى ، بقرية مير - مركز القوصية -
أسيوط ، وقد روى بلوتارخ فى كتابه إيزيس وأوزوريس أنّ أهل مقاطعة إكسير نيكوس ، وهى
البهنسا الآن كانوا يقدسون نوعاً من السمك يسمى القنوم .
أمّا فى الفن القبطى فقد
ظهرت رسوم الأسماك فى موضوع تعميد المسيح فى نهر الأردن وعلى المنسوجات والكثير من التحف ،ويُعّد منظر السمكة من أشهر
المناظر التقليدية المألوفة فى الفن القبطى ، وكانت سمكة البلطى من أشهر أنواع
الأسماك التى ظهرت فى رسوم المناظر المائية ، على التحف القبطية ، منذ القرن
السابع الميلادى ، فهى تُعد من أكثر الأنواع
التى شاع استخدامها بكثرة فى زخرفة
التحف القبطية .
وكان لها النصيب الأكبر فى الزخرفة برسمها على الكثير من المنتجات
القبطية المختلفة ، من فخار ، ونسيج ،
وأخشاب ، والسمكة من العناصر الرمزية المرتبطة بالديانة المسيحية ، منذ العصور
الأولى ، وهى من أكثر الرموز انتشاراً فى مصر ، وعلى مستوى العالم الرومانى ، شُبّه
بها المسيح فى الملكوت السماوية ، فالمسيح
هو السمكة التى تدخل الشباك وسط الأسماك الأخرى .
والأسماك هى رمزية العشاء
المبارك ، ومعجزة المسيح فى إشباع خمسة ألاف شخص من سمكتين وبعض الأرغفة ، كما
صار السمك رمزاً للمسيح لأنّ الاسم اليونانى اختصار (icxcuccc ) إيسوس خريستوس ،
" هيوس - ثيؤس - سوتيروس " أى يسوع المسيح ابن الله المخلص ، فكان
يرسم أحياناً سمكتين متقاطعتين ، والمعروف أنّ كلمة خريستوس ( christos ) اليونانية تعنى الممسوح
بالزيت .
وقد انتقل معناها المرتبط بالمسيح فى أذهان الوثنيين ، وحتى المثقفين
الرومان على أنّها خاصة بالقائد الذى يحمل الاسم الإغريقى الشائع كريستوس لأوامره ، وقد استخدم السمك رمزاً للتعميد و يظهر فى تصاوير القديس بطرس
لأنّه كان صياداً .
الجمل :
يرمز الجمل إلى الإعتدال والإحتمال ويرمز إلى يوحنا المعمدان لأن الكتاب المقدس
يقول إن يوحنا المعمدان كان يلبس ملابس من وبر الإبل كما جاء في إنجيل (مرقس ١ : ٦).
الحمل:
الكبش :
رأس القطيع يُتخذ أيضاً رمزاً للمسيح
بصفته القائد والمعلم والراعى
الحوت :
يُرمز به إلى الشيطان ومكره وحين يفتح فمه يرمز إلى أبواب الجحيم ، وقد ذكر
الكتاب المقدس الحوت في قصة يونان النبى الذى بلعه الخوت، وبقى في بطنه ثلاثة
أيام ، وهذا الأمر يرمز إلى قيامة المسيح من القبر بعد ثلاثة أيام .
الخنزير البرى :
يرمز إلى الشراهة والشهوة ويظهر في كثير من الرسوم المسيحية.
الدرفيل:
يظهر كثيرا في بعض الرسوم المسيحية وهو يرمز إلى القيامة و الخلاص.
الأرنب البري :
يُرمز به الى الرجل الذي يضع رجاء الخلاص فى المسيح وآلامه ، ويُوضع الأرنب الابيض عند قدمي
السيده العذراء للدلاله على العفه والطهارة .
الحمامة
من أقدم الرموز المسيحية حيث ظهرت فى نهاية القرن الأول بالصورالجدارية،
واستخدمها الفنان القبطى مبكراً بمعنى البشارة ،كما صورت فى منظر تعميد المسيح، وهى ترمز للروح القدس وهى لنجاة نوح من الفيضان ورمز للطهارة ، ورسمها الفنان تهبط من السماء فوق رأس العذراء ،إشارة إلى بشارة الملاك غبريال للسيدة العذراء بميلاد المسيح ، وجاءت فى صورتعميد
المسيح على يد يوحنا المعمدان ، تمثّل روح القدس .
كما أشارت الأناجيل (مت 3 : 16 –
17) " حتى إذا اعتمد يسوع صعد تواً من الماء و إذا السماوات قد انفتحت له
فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة
و مقبلاً عليه " ، ( يوحنا 1: 32 – 34) " إنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من
السماء فاستقر عليه ، وأنا لم أكن أعرفه لكن ّ الذى أرسلنى لأعمّد بالماء ذاك قال
لى الذى ترى الروح نازلًا ومستقرا عليه فهذا هو الذى يُعمّد بالروح القدس "، كما يرمز الحمام فى الفن المسيحى منذ القدم
إلى النقاء والسلام ،وترمز الحمامة إلى فضائل المؤمنين ، كعطايا الروح القدس،وبالأخص السلام ، والبساطة ، والوداعة.
الغراب :
هو من الرموز التى اشتهر بها الأنبا بولا ، فقد كان يعيش فى البرية متوحداً
، يُرسل له الرب غراباً يحمل نصف رغيف من الخبز، وعندما زاره القديس أنطونيوس أتى
الغراب ومعه رغيف كامل ، فقال له الأنبا بولا " إنّ لى سبعين سنة والرب يرسل
لى نصف رغيف يومياً ، أمّا اليوم فقد أرسل لك طعامك " .
الأوز:
كان الأوز في أيام الرومان رمزًا للحكمة.
البجع :
تقول الأساطير أن البجع هو أكثر الطيور المحبة لأفراخه حيث أنها تنقر صدرها
لتطعمهم بدمها وعلى أساس هذه الإسطورة
يرمز هذا الطير الى تضحية المسيح على
الصليب لأجل محبته لجميع البشر ولهذا يرمز به الى سر التناول كما جاء في ( مزمور
٢- ١ : ٦ )
الديك :
عندما تظهر صورة الديك في الرسوم المسيحية ويُصوره الفنان بجوار بطرس فيرمز ذلك إلى نكران بطرس للمسيح و ندمه على هذا
الأمر ، كما يرمز الديك إلى آلالام المسيح .
الطاووس :
يرمز الطاووس في الفن المسيحى إلى الخلود ، و أحياناً إلى القيامة .
العصافير:
ترمز صور العصافير في الفن المسيحى إلى الأرواح المجنحة.