recent
موضوعات

المنازل والقصور فى مصر خلال العصر الإسلامى

العمارة السكنية فى مصر : 

سارت العمارة السكنية فى العصر الإسلامي المبكر على ما اعتاد عليه العرب من البدو الرحل من استخدام الخيام فى السكن والمعيشة ، على خلاف أهل المدينة الذين شيدوا بيوتهم بطريقة بسيطة وسهلة من الطوب اللبن وجذوع النخيل والجريد ، ونرى ذلك واضحًا فى بيت النبى صلى الله عليه وسلم الذى بُنى مجاورًا لمسجده ، وهو عبارة عن تسع غرف متلاصقة  لزوجاته رضوان الله عليهن ، واستمرت على بساطتها خلال النصف الأول من فترة حكم الخلفاء الراشدين .

ثم مالبث أن تأثر العرب الفاتحين ببلاد وممالك جديدة وما وجدوه من أساليب واتجاهات وتقاليد معيشية فى بلاد الحضر ، تختلف عما كانوا عليه وما ألفوه فى بيئتهم وحياتهم التي تميزت بالبساطة والزهد والتقشف ، فبدأوا يتأثرو بعمائر البيزنطيين والساسانيين ، فعاشو حياة الرفاهية والترف وبدأوا يُشيّدوا القصور والمنازل الفخمة ، وأخذت تظهر الطبقات الإجتماعية الغنية فى المجتمعات إلاسلامية وتتبلور حياتها الاقتصادية وتظهر طوائف التجارأصحاب الثروات ورأس المال ، وقد انعكس ذلك على حياتهم الإجتماعية وظهر أثره واضحًا جليًا فى بناء الدوروالقصور والمنازل ، التي تنوعت أشكالها وتخطيطاتها ووسائل زخرفتها تبعًا للحالة الاقتصادية والقدرة المالية لصاحب الدار او القصر . 
  

القصور الطولونية : 

بدأت الحركة العمرانية فى العصر الأموى حيث لجأ الكثير من الخلفاء والأُمراء الأمويين فى تشييد وإقامة القصور تأثرًا بما شاهدوه ووجدوه عند الأمم السابقة وخاصة البيزنطيين فى بلاد الشام  ، أما فى مصر فقد بدأت عمارة القصور تظهر وتزدهر ابتداءًا من أوائل عصر الدولة الطولونية فى القرن الثالث الهجرى ،عندما قام أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية بتشييد قصره الجديد بمدينة القطائع والذى أُطلق عليه قصر الميدان . 

ونظرًا لأن أحمد بن طولون قد عاش فى العراق فى ظل الخلافة العباسية وشاهد العمارة الساسانية وتأثر بها فقد قام ببناء قصره على نمط القصور العباسية المتأثرة بعمارة القصور الساسانية ، فكان ذلك باكورة مدرسة لعمارة القصور ذات الطراز العباسى المستمد من العمارة الساسانية التي نشأت فى بلاد فارس ،واستمرت ملامح هذه العمارة إلى نهاية العصر المملوكى .

وللأسف الشديد فقد اندثرت هذه القصور بمرور الزمن أو عمدًا نظرًا للصراعات السياسية التي شهدها التاريخ الإسلامي خلال فتراته المتعاقبة ، ولا نعرف عنها سوى كتابات المؤرخين وبعض الدراسات العلمية التي استندت إلى هذه الروايات ، وقد انقسمت القصور الملكية إلى نوعين من القصور ، النوع الأول : وهو مقر الإقامة الرسمي للدولة والذى يقيم به الخليفة أو السلطان وموظفيه وحاشيته لإدارة الحكم وتصريف شئون الدولة  ، وكانت عمارته تتميز بالضخامة والفخامة بما يليق بالحالة الاقتصادية التي عليها البلاد وما للخليفة أو السلطان من سلطات سياسية ودينية .

النوع الثانى : كان  عبرة عن استراحة أو قصر صغير يُطلق عليه لفظ " المنظرة " ، وقد ظهر هذا النوع وانتشر وازدهر خلال فترة حكم الدولة الفاطمية فى مصر ، و شغلت تلك القصور الملكية مساحات شاسعة من الأراضى وتميزت بالفخامة والثراء الفني والزخرفى ، وكان يتكون القصر من قسم خاص بالإستقبالات الرسمية وهو عبارة عن مدخل وغرف للحراسة ولرجال الحاشية وقاعات انتظار وقاعة العرش ، أما القسم الأخر فهو الخاص بالجناح الملكى وجناح الحريم .

وتضمن أيضًا مساحات واسعة من الحدائق المنسقة والمزروعة بمختلف النباتات والزهور العطرية ، تم تزويدها ببحيرات صناعية وساحات واسعة لركوب الخيل وألعاب السباق والمهرجانات ولعب البولو أوالكرة والصولجان ، ثم الكثير من ملحقات القصر منها الجامع وأجنحة الأمراء ، ومرافق تشمل المطابخ والمخازن ، ويحيط به ثكنات الجند والحراسة ، والإصطبلات الملكية ، وخزائن السلاح ، ونجد كذلك الوزراء قد اختطوا حوله القصور الخاصة بهم ومنازل للحاشية والموظفين ، بالإضافة إلى الحمامات . 

وقد استخدم فى بناء هذه القصور مواد بناء من البيئة المحلية من أحجار وآجر وارتفعت هذه القصور والمنازل إلى طابقين ، وقد استخدم فى تسقيفها الكمرات والألواح الخشبية  وتعددت واختلفت وسائل التغطية ما بين أقبية متنوعة وقباب من الآجر ، وتم بناء أسوار شاهقة تحيط بتلك القصور وصممت لها أبراج للمراقبة والحراسة ، وأُحكمت تحصيناتها لحمايتها من أية تهديدات خارجية أو داخلية نظرًا للصراعات والتقلبات السياسية .

كما تميزت هذه العمارة باستخدام السراديب والأنفاق السرية بين التكوينات المعمارية المختلفة للقصر وهى فكرة مستمدة من العمارة الساسانية حرص الخلفاء العباسيون على استخدامها وتطبيقها فى قصورهم للربط بين جناح الخليفة وأجنحة الحريم ، كما استخدمت بعض السراديب للإختفاء والهروب أثناء الصراعات والمؤمرات والثورات ، وقد تم تعميم هذه الأفكار واستخدامها بعد ذلك فى معظم القصور الفاطمية بالقاهرة .


كما تميزت هذه القصور بوجود فناء أو صحن مكشوف محاط بعدد من الأروقة مع صغر حجم قاعة العرش والاهتمام بتغطية الجدران وزخرفتها بالصورالجدارية والرسوم الملونة والنقوش الجميلة ذات الزخارف النباتية والهندسية المتنوعة ،وتمييز المداخل والبوابات ، ومن أمثلة القصور العباسية قصر الأُخيضر،والجوسق الخاقانى الذى شيده الخليفة المعتصم على ضفاف نهر دجلة بمدينة سامراء سنة 836 ليكون مقرًا رسميًا للخلافة العباسية .


وفى مصر كما ذكرنا سابقًا قصر أحمد بن طولون الذى عُرف بقصر الميدان والذى أنشأه سنة 869 م وكان يقع بميدان الرميلة " ميدان صلاح الدين حاليًا "، وقد ورد فى كتب المؤرخين بعض أوصاف لهذا القصر، حيث يقع فى الناحية الغربية ميدان خصص للعب البولو، وكان لهذا القصر تسعة أبواب ، سمى الباب الرئيس بباب السباع لوجود تماثيل حجرية على هيئة الأسود تعلوه ، وتميزت واجهته المتأثرة بتصميم  مدخل قصر الجوسق الخاقانى العباسى بوجود ثلاث فتحات معقودة .

وكان يعلوه مجلس يُشرف منه أحمد بن طولون على مدينة القطائع ،وقد قام خمارويه ابنه بعمل بعض التعديلات والزيادات عليه ، فألغى ميدان البولو وأقام مكانه حديقة ضخمة زرعها بأجود أنواع الأشجار والنخيل و النباتات والزهور على نمط حدائق سامراء ،وأقام بالحديقة برجًا من خشب الساج ، وأضاف قاعة للقصر سماها " بيت الذهب "طُليت جدرانها بالذهب وزخرفت بنقوش محلاة باللازورد تمثل جوارى على رؤوسهن أكاليل ذهبية مرصعة بالجواهر .

القصور الفاطمية : 

تروى المصادر الإسلامية أنّ الخلفاء الفاطميين قد شيدوا الكثير من القصوربالقاهرة ،ولكن لسوء الحظ قد دمرت وخُرّبت هذه القصور بعد سقوط الخلافة الفاطمية فى مصر ، وقد وصفت كتب المورخين هذه القصور وصفُا دقيقًا ، يتبين لنا من خلال هذا الوصف أنّها قد سارت على نفس السمات والمميزات التي كانت عليها القصور فى العصر العباسى.

ومن هذه القصور القصر الشرقى الذى أسسه القائد الفاطمى جوهر الصقلى سنة 968 م ليكون مقرًا للخليفة الفاطمى المعز لدين الله ، وقد بلغت مساحته حوالى ثلاثمائة وأربعون فدانًا ، وموقعه الآن خان الخليلى ومسجد الحسين ومدرسة الصالح نجم الدين أيوب وبيت القاضي ، وضم بداخله مجموعة من القصور الخاصة بالأمراء وحريم القصر مثل قصر الذهب ، وقصر الظفر، وقصر الشوك ، وقصر الشجرة ، وقصر الزمرد ، وقصر النسيم ، وقصر الحريم .

وضم أيضًا مساحة تم تخصيصها كمقابر للخلفاء والأمراء الفاطميين وهى المعروفة باسم تربة الزعفران ، وكان للقصر تسعة بوابات كبيرة الحجم أكبرها يُعرف باسم باب الذهب ، وأيضًا القصر الغربى أو قصر البحر وهو أقل فى المساحة من القصر الشرقى ويقع غربه ،وموقعه الآن منطقة النحاسين ومجموعة السلطان قلاوون وما يجاورها ،وقد بلغت مساحته حوالى ثلاثمائة فدان ،وقد أنشأه الخليفة الفاطمى العزيز بالله فى الفترة من سنة 975 – 996 م ، وكان يُطلق على القصرين الشرقى والغربى اسم القصور الزاهرة ، وبينهما مساحة مخصصة للعرض العسكرى كان يُطلق عليها بين القصرين . 

القصور السلطانية الأيوبية بقلعة الجبل :

 شَّيد الملك الكامل سنة 1207 م القصور السلطانية لجعل القلعة مقرًا لإدارة شئون الدولة والحكم ومن خلال روايت المورخين والدراسات الأثرية تم التعرف على سمات وخصائص القصر السلطانى : ويقع فى الجزء الجنوبى ويتكون من المدخل وهو عبارة عن ردهة ذات قبو منحنى على جانبيها غرف للحراسة وقاعات للإنتظار يجلس بها الأمراء حتى يُؤذن لهم بالدخول .

ثم فناء مكشوف يحيط به عدد من الأروقة كان مخصصًا للإستقبالات والإحتفالات الملكية ، يلى الفناء صالة الإستقبالات وهى عبارة عن بهو كبير للأعمدة على جانبيه مجموعة من الغرف مخصصة لرجال الحاشية وموظفى القصر،ويلى صالة الإستقبال قاعة العرش المعروفة باسم دار العدل التى شيدها السلطان قلاوون ثم أعاد بناءها الناصر محمد بن قلاوون ، وهى عبارة عن إيوان كبير يُؤدى لقاعة مربعة الشكل تغطيها قبة محمولة على أعمدة من الجرانيت منقولة من معابد مصرية قديمة .

يُغطى جدران القاعة كسوة من الرخام الملون ، وعلى جانبي قاعة العرش مجموعة من الغرف الخاصة برجال البلاط ، كما يوجد ممر يؤدى إلى جناح السلطان الخاص وأجنحة الحريم وحديقة القصر ، أما الجزء الخاص من القصر فيقع فى أقصى الشرق ويشتمل على جناح السلطان وهو عبارة عن فناء مفتوح محاط بمحموعة من الغرف ، وتتكون أجنحة الحريم من مجموعة من الأفنية المفتوحة المحاطة بغرف وحمام كبير  .

القصر الأبلق : أنشأه السلطان الناصر محمد بن قلاوون سنة 1313 م ، غرب القصر السلطانى وموقعه الآن سجن القلعة الذى أصبح متحف الشرطة حاليًا ، وهو صغير المساحة ، وتصميمه يماثل منازل ودور الأمراء ، ولم يتبقى منه سوى قاعة الإستقبال التي تتكون من إيوانين يتوسطهما درقاعة وسطها نافورة ، وكان الإيوان الكبير يُمثل قاعة العرش  ، والإيوان الشرقى مخصص لجلوس الأمراء فى وجود السلطان . 

وقد استخدم المعمار فى تشييد هذا القصر الأحجار الجيرية المتوفرة بالبيئة المصرية ، كما استخدم حجر البازلت الأسود فى تناسق وتبادل المداميك لذلك أُطلق عليه الأبلق ، أيضًا استخدمت الفسيفساء الرخامية الملونة فى أرضيات القاعات ، وتم تغطية الجدران بوزرات من الرخام الملون والمطعم بالصدف والزجاج .  

منازل الأمراء والأغنياء والأعيان

ظهرت منازل الأمراء فى الدولة الأموية ، وكان بداية ظهورها فى مصر أثناء حكم الدولة الطولونية ، وقد مرت هذه المنازل بمراحل من التطوروالتغييروالإضافة فى عناصرها وتصميمها المعمارى حتى ظهر تصميمها النهائي فى العصر المملوكى .

المنازل الطولونية : 

استمد تصميم المنازل فى هذه الفترة نماذجه من المنازل والقصور الساسانية التي تأثرت بها أغلب منشآت العصر العباسى ، فكان تصميم تلك المنازل عبارة عن فناء مكشوف  فى كل جانب منه وحدة تتكون من إيوان بجانبيه غرفتين ذات قبو ، كل وحدة تفتح مباشرة على الفناء ويتقدمها رواق ، وهذه الوحدة قد ظهرت فى قصر فيروز آباد ، وسروستان ، وشيرين ، فى العصر الساسانى ، واستخدمها العباسيون فى أجنحة الحريم بقصر الأخيضر وفى منازل مدينة سامراء .

ونقل أحمد بن طولون هذا التصميم المعمارى إلى مصر، وكشفت الحفائر التي تمت فى مدينة الفسطاط عن عدد من أطلال المنازل التي ترجع إلى العصر الطولونى يُقدر بستة عشر منزلًا ،اعتمد تصميمها الأساسى على هذه الوحدة المعمارية المستمدة من الطراز الساسانى ، وتم العثور على أطلال منزل عبارة عن فناء مفتوح مستطيل الشكل تتوسطه نافورة مربعة يحيط بها احواض للزهور، وبالجانب الشمالى والجنوبى وحدتين معماريتين على النمط الساسانى لاستقبال الزوار.

وبالجانب الغربى مجموعة من الغرف للخدمة ، ويوجد المطبخ فى الركن الشمالى الغربى من الفناء وبجانبه أطلال سلم صاعد للطوابق العليا التي تضم القسم الخاص للمنزل ، أما مدخل المنزل فهو عبارة عن ممر منكسر يؤدى إلى الفناء المفتوح ، كما يوجد تكوين معمار صغير على النمط الساسانى على يسار الداخل من الباب خاص بإنتظار الزوار ، وتلاحظ وجود ممرات خلفية تربط بين مكان انتظار الزواروالجناح الجنوبى للفناء وغرف الخدمة والمطبخ وذلك لتسهيل التنقل بالمنزل دون المرور بالفناء الرئيس .

ومن مميزات وسمات هذه المنازل من الناحية المعمارية وجود وحدة معمارية على النمط الساسانى بأحد جوانب الفناء يقابلها إيوان على الجانب الأخر ، وفى الجانبين الأخرين للفناء توجد بكل منهما دخلة غائرة بالحائط أوما يُطلق عليها لفظ " سدلة " استغلت كدواليب حائطية ، وقد تم التعرف على عدد طوابق المنزل التي تراوحت بين طابقين إلى أربعة طوابق فى بعض المنازل .

حيث تم تخصيص الطابق الأرضى لاستقبال الزواروالضيوف ، واحيانًا اُستخدم كحوانيت او اصطبلات للدواب ومخازن للغلال ،واستخدمت الطوابق العلوية للمعيشة والنوم ، أما مادة البناء المستخدمة فكانت الآجر مع استخدام الروابط الخشبية والميد الخشبية والعروق للتقوية وربط االجدران بعضها ببعض ، واستخدمت مونة الجير،والقصرمل ، والحمرة ، ووصل سمك الجدار إلى 1م ، وتم تغطية الجدران بطبقة سميكة من الملاط ، واستخدم السقف من جذوع النخيل ، والأقبية أحيانًا أخرى .

وقد راعى المعمار أن يجعل نوافذ المنزل تفتح على الفناء المكشوف ، واُستخدم خشب الخرط فى تغطيتها ، وبعضها الأخر عبارة عن ضلف من الخشب المفرغ على هيئة أشكال هندسية ، كما اهتم أصحاب المنزل بزخرفته وتزيينه وتجميله من خلال الزخارف الجصية والحشوات الخشبية الملونة والمذهبة التي تميزت بالزخارف الجميلة التي اشتهرت بطراز سامراء الثالث ، كما اُستخدم الخط الكوفى أيضًا فى أعمال الزخرفة . 

المنازل فى العصر الفاطمى : 

اختلف تصميم الدور والمنازل فى العصر الفاطمى قليلًا عمّا كان عليه فى العصر الطولونى حيث تطور التصميم المستمد من النموذج الساسانى ، فقد زاد عرض الإيوان الأوسط وتم الإستغناء عن الغرفتين الجانبيتين والرواق الأمامى ، وأصبح شكل القاعة فى العصر الفاطمى عبارة عن فناء مفتوح ، على جانبه الشمالى والجنوبى إيوان يفتح بكامله على الفناء . 

وبرز فى بعض الدور عنصر الشخشيخة الخشبية الذى يُغطى الفناء كسقف على إرتفاع أعلى من إرتفاع الإيوانات الجانبية ، وعمل نوافذ جانبية للتهوية والإضاءة  وهذا الأسلوب المعمارى أُصطلح على تسميته بالدرقاعة ، حيث تم تغطية الأرضية بالفسيفساء الرخامية وأصبح يتوسط الدرقاعة نافورة ،كما انخفضت أرضية الدرقاعة عن أرضية الإيوانين بمقدار درجة سلم لحجز مياه النافورة وعدم تسربها إلى الإيوانات ، وعلى جانبي الدرقاعة من الناحية الغربية والشرقية سدلتين .

وأصبح النموذج الفاطمى وتصميمه هو الشائع والمستخدم حتى العصر العثمانى ، وأصبح هذا النموذج هو الأساس الذى تم البناء عليه وتطويره لتصميم المساجد التي ظهرت وعُرفت باسم المدرسة فى العصر الأيوبى ، ولسوء الحظ تم هدم وتدميرمعظم المنازل الفاطمية،وتحويلها إلى مدارس وخانقاوات فى العصرالأيوبى نظرًا للإختلاف المذهبى والصراعات السياسية . 

والقاعة الفاطمية الوحيدة التي سلمت من هذا التدمير ووصلت الينا هي قاعة الدردير وهى مشّيَدة من الحجر الجيرى وتتكون من إيوانين يتوسطهما درقاعة  يُغطيها شخشيخة وعلى جانبيها سدلتين وعدد من المداخل المنكسرة . 

المنازل فى العصر المملوكى والعثمانى  : 

 يُعّد العصر المملوكى فى مصر من العصور الذهبية للفنون والعمارة الإسلامية ، بالرغم من كون كثير من فترات سلاطينه تميزت بالفوضى والفساد والثورات ، وتعاقب على الحكم عدد غير قليل من الحكام والسلاطين ، وتميزت الحياة الإجتماعية بالرخاء خاصة طبقة المماليك ، وكان لهذه الحالة أثرها الكبير على الفنون والعمارة حيث شهد هذا العصر نهضة فنية ومعمارية ، تشهد به ما تركوه لنا من فنون وآثار غاية فى الروعة والفخامة والجمال .

وظهر ذلك واضحًا فى عمارة الدوروالمنازل وخاصة طبقة الأغنياء والأثرياء من التجاروالأعيان والأمراء حيث نتج عن ذلك مجموعة كبيرة من القصوروالمنازل ، وقد عبّرت المنازل والدور المملوكية عن حياة الترف والرفاهية التي كان عليها بعض الأمراء والأثرياء ، ولسوء الحظ فقد تهدمت معظم هذه الدور والمنازل ولم يتبقى إلا القليل ، وترجع عوامل تصميم المنزل فى العصر المملوكى إلى ثلاثة عوامل ، عامل المناخ ، والعامل الإجتماعى ، والعامل الدينى .

أما بالنسبة لعامل المناخ فنظرًا لقلة سقوط الأمطار فى مصر فقد جعل المعمار سقوف المنازل الخارجية مستوية بدلًا من السقوف المائلة أو الجمالونية ، كما صُمم المقعد لشدة حرارة الجو وهو عبارة عن مكان مسقوف مفتوح من الجهة البحرية ، كما ظهر تصميم الملقف لتكييف هواء الغرف الداخلية ، ودخول الهواء من فتحات التهوية واستقبال نسيم الهواء فى الصيف من الجهة البحرية . 

كما قام المعمار بزيادة سمك الحوائط الخارجية لمنع تسرب الحرارة والبرودة إلى داخل المبنى ، كذلك كان وضع الغرف حول فناء مكشوف تتوسطه نافورة أثره في السماح للهواء من تخلل أجزاء المنزل ، وتلطيف درجة الحرارة في فصل الصيف ، وتسرب أشعة الشمس في فصل الشتاء لتدفئة الغرف الداخلية، كما ابتكر المعمار طريقة عمل المشربيات لتبريد أوانى الشرب وترطيب جو الغرف ، وهى عبارة عن نوافذ من الخشب بها فتحات يتخللها الهواء ، وتسمح لمن بالداخل من روية من بالخارج دون أن يراهن أحد من عابرى الطريق .

وفى وسط قاعات الغرف الكبيرة بنى المعمار النافورة أو الفسقية تتوسط الدرقاعة ، ويعلو الدرقاعة شخشيخة وهى عادة عبارة عن قبة من الخشب بها فتحات صغيرة لدخول الهواء والإضاءة ، وفى بعض الدور والمنازل التي كانت تقع على شارع الخليج اُستعمل الشادوف والساقية لنقل المياه إلى الدار، كما كانت تُستخدم القوارب والمركب الصغيرة للنزهة والترويح عن النفس . 

أما العامل الثانى الذى أثر على بناء المنزل المملوكى وهو الحالة الاجتماعية فقد كان لغيرة المسلمين على نسائهم  ورغبة منهم في الحفاظ على الخصوصية والحجاب ، لذا فقد قام المعمار المسلم بتصميم الواجهات بطريقة بسيطة ليس لها نوافذ قريبة من عيون المارة أو راكبى الإبل في الشوارع والطرقات فجعلها عالية ، وتم تغشيتها بمشربيات من الخشب الخرط المفرغ والمثقوب حتى يستطيع من بالداخل رؤية من بالخارج دون أن يتمكن من بالخارج من رؤية من بالداخل .


كما قام المعمار المسلم بإنشاء المداخل المنكسرة فيمر الداخل إلى دهليز منكسر أو منحنى حتى يصل إلى الفناء الداخلى الأوسط ، لمنع روية من يجلس بالداخل من أن يراه الأخرون بالخارج ، وبالرغم من قلة النوافذ بالواجهات الخارجية إلا أن المعمار قد استعاض عن ذلك بكثرة النوافذ الداخلية المطلة على الفناء الأوسط الذى تتوسطه الفسقية أو النافورة ، وأنشأ المقعد والقاعة والتختبوش كل منهم يُطل عليه بكامل فتحاته .

وكان للحياة الإجتماعية في العصر المملوكى أثرها الكبير في بناء قاعات الإستقبال الكبرى لإقامة الحفلات والسهرات ، وجُعلت أجنحة خاصة للإستقبال منفصلة عن بقية أجزاء المنزل ، وأجنحة خاصة بالحريم ،واستخدمت القاعات الكبرى لحلقات الدرس وتدريس العلوم مما كان له عظيم الأثر بعد ذلك في إنشاء المدارس الإسلامية ذات الإيوانين ، كما فرشت تلك القاعات بمفروشات توافق طبيعة الحياة والتقاليد الشرقية فعلى الرغم من بساطتها إلا أنها كانت على قدر عظيم من الفخامة وتوفير سبل الراحة ، كذلك وجدت الدواليب الحائطية لحفظ الأوانى والأطباق .

أما من الناحية الدينية فقد نتج عن العاملين السابقين تأسيس منزل يحجب سكانه عن عيون المارة فأصبح رب الدار مطمئن على نسائه وحريمه ، ولم يكتفى المعمار المسلم بذلك فقام بتقسيم المنزل إلى قسمين رئيسيين الأول بالطابق الأرضى خاص بالرجال ويسمى السلاملك وخصص للإستقبال والحفلات ، والأخر بالطابق العلوى وخصص للحريم ويسمى الحرملك ، كما عمل على إيجاد مداخل ثانوية خاصة بالنساء حتى لا يراهم الزوار بداخل الدار ، ففصل المعمار بين قسم الحريم والرجال مما ساعد على الحجاب .


كما أوجد في بعض الأحيان غرفة مكشوفة للجلوس خاصة بالحريم تُستعمل في فصل الصيف ، وصمم المعمار المسلم محراب أو حنية داخل الحائط بأحد إيوانات القاعات الكبرى الداخلية وذلك في الإيوان الشرقى الكبير للصلاة ، فيقوم رب الدار بإمامة الزائرين في وقت الصلاة أثناء وجودهم في ضيافته، كما يُصلى بأهل الدار أيضًا .

أما شكل البناء الخارجي للدار فقد استخدم الحجر في بناء الطوابق السفلية فى مداميك منتظمة ذات لحامات رفيعة ، والطوابق العلوية من الطوب الآجر تتخلله بعض عروق من الخشب ، وكانت تبرز من واجهة الطابق السفلى محمولة على عدة كوابيل حجرية مكونة من عناصر معمارية جميلة وذات نقوش وزخارف بديعة ، وقد تميزت واجهات المنازل والدور في العصر المملوكى بزخرفة المداخل وفخامتها فبعضها يعلوه عقود متنوعة ومختلفة الأشكال ، وبعضها به مقرنصات وزخارف متنوعة .

وكان رب الدار يستقبل كبار الضيوف في قاعة الاستقبال الكبرى بالطابق الأرضى ، وتتكون من إيوانين ودرقاعة ، ويُغطى الجدران وزرة من الرخام الملون أو إزار خشبى منقوش بالآيات القرآنية ، وتكون هذه الدرقاعة منخفضة عن أرضية الإيوانين ، ويعلوها قبة صغيرة فُتحت بجوانبها نوافذ ذات مشربيات للتهوية والإضاءة ، أما السقف  فهو عبارة عن عروق خشبية مزخرفة بزخارف نباتية وهندسية ملونة ، محمولة على حرمدانات ذات دلايات أو مقرنصات .


وأسفل الحوائط الجانبية وزرة من الرخام الملونة أو إزار خشبى تنقش عليه الآيات من القرآن الكريم أو الحكم أو أبيات من الشعر، وبالحائط الجانبى للدرقاعة توجد رفوف يوضع فوقها الأوانى الخزفية ، ويلاحظ دقة صناعة الأبواب الخشبية في القاعات التي كانت غنية بالخزانات الخشبية المثبتة في جدرانها التى تمتاز بدقة الرسوم والزخارف .

وفى البيوت الكبيرة ظهرت وحدة معمارية تُعرف بالتختبوش أو المقعد وهو عبارة عن رواق مستطيل بالطابق الأرضى أو الأول يطل بكامله على الفناء ، ويرتكز سقفه على عقود محمولة على صف من الأعمدة يواجه الناحية البحرية  ، ويشبه ما يُعرف في القصور الإيطالية باسم " لوجيا " وهو مكان مكشوف للجلوس لاستقبال الزائرين من الرجال .

كذلك راعى المعمار الشروط الصحية للمنازل حيث كانت دورات المياه بعيدة عن اتجاه الشمال حتى لا يحمل الهواء الروائح الكريهة ، وكان يتم الوصول اليها من خلال ممرات منكسرة أو منحنية ، وتوضع بالقرب من قاعات الاستقبال والمعيشة ، أما جدران وأرضيات الحمامات فقد تم تغطيتها بألواح من الحجر الجيرى لحمايتها من المياه ، وتمتاز بوجود قبة بها فتحات مستديرة للإضاءة ، وهى تشبه بعض الحمامات الرومانية ، وتسخن هذه الحمامات بالطريقة المستعملة في الحمامات العامة بواسطة أنابيب الماء الساخن .

وألحق المعمار المسلم بالمنزل الكثير من المرافق التي تختص بالخدمة مثل المطبخ ومخازن الغلال وغرف الخدم واصطبلات الخيل والطاحونة والساقية وغيرها ، وتراوحت طوابق المنازل فى هذه الفترة من ثلاثة طوابق إلى أربعة ، حيث أصبح الطابق الأرضى مخصصًا لاستقبال الزوار والضيوف والطوابق العليا خاصة بالمعيشة والنوم ، وقام بتسوية الأرضيات وتغطيتها بالبلاطات الحجرية .

وقد اعتمد المنزل بشكل أساسى فى تصميمه على عنصر الفناء المفتوح حيث فتحت به أغلب النوافذ وتطل عليه للتهوية والإضاءة ، ومراعاة حرمة أهل الدار وعدم فتح النوافذ على الشوارع الرئيسية ، كما راعى المعمار انشاء الممرات الخلفية المحيطة بالمنزل ليربط بين الأجنحة المختلفة للمنزل وغرف الخدمة والمطبخ ، و قام المعمار بتوجيه جُل اهتمامه على التصميم الداخلى للمنزل ،وتنسيق الفناء الداخلى وذلك بزراعة الأشجار والنباتات والزهور وعمل النافورات والفسقيات والشاذروانات الرخامية .


وكان يوجد بأحد جانبي القاعة ممر علوى يطل على القاعة من أعلى من خلال مجموعة من المشربيات عُرف باسم الأغانى أو المغانى وكان مخصصًا لجلوس النساء للغناء والإحتفالات دون أن يراهن أحد ، وقد تم الاهتمام بزخرفة الجدران الداخلية والأسقف والقاعات الخاصة بالاستقبال حيث تم تغطية الأجزاء السفلى من الجدران بوزرات من الفسيفساء الرخامية الملونة كما استخدم الخشب الملون أيضًا فى أعمال تكسية الأجزاء السفلية ، وزخرفت الكمرات الخشبية التي تحمل السقف بزخارف ملونة ومذهبة .

وتُعد أقدم قاعة إسلامية قائمة في القاهرة هي المعروفة بقاعة عثمان كتخدا وتقع بشارع بيت القاضي ، وقد بقيت هذه القاعة من منزل كبير أنشأه محب الدين الموقع الشافعى ( 751هـ / 1350 م ) وقد أوقفه الأمير عثمان كتخدا القازدغلى على أثر امتلاكه له سنة ( 1148 هـ / 1735م ) وعندما تم تخطيط شارع بيت القاضي (1290هـ / 1873 م) هدم جزء منه ولم يبق منه سوى هذه القاعة . 


وهى مستطيلة التخطيط مكونة من إيوانين بينهما درقاعة ، وسقفها مزخرف بزخارف ذات ألوان بديعة ، ويُعد مقعد بيت القاضي أجمل مثال للمقعد في العمارة الإسلامية وهو جزء من قصر الأمير ماماى ( 901هـ / 1496 م)  ويوجد بمدخله المعقود كتابات تأسيسية تنص على أنه قد تم بناؤه على يد سيف الدين ماماى في ذي القعدة سنة 901 هـ وقد بقى هذا المقعد من منزل الأمير ماماى السيفى أحد أُمراء السلطان قايتباى .

ويُعّد النموذج الكامل لأمثلة المقاعد التي تم إنشائها في عهد السلطان قايتباى ، وواجهته تتكون من خمسة عقود مدببة على شكل حدوة الفرس محمولة على أربعة أعمدة وتربط العقود فوق الأعمدة روابط خشبية ، وسقف المقعد محلى بزخارف ملونة ومذهبة ،ومن أمثلة القصور المملوكية التي لا تزال قائمة بالقاهرة قصر الأمير بشتاك ( 740هـ / 1339 م) ويقع بشارع المعز لدين الله  أمام مدرسة السلطان برقوق والمدرسة الكاملية .


 وقصر الأمير طاز ( 753 هـ / 1352 م) وقصر السلطان قايتباى ( 890هـ / 1485 م ) ،وقصر الأمير خير بك ( 906 هـ / 1501م ) ، ومنزل زينب خاتون وبقايا منزل السلطان الغورى  ( 906 – 922 هـ ) ( 1501 – 1516م ) ، وينسب إلى القرن السابع عشر عدد من البيوت والمنازل منها منزل محمد بن الحاج سالم الجزار المعروف ببيت الكريدلية( 1631 م ) ويقع بجوار مسجد ابن طولون .

ومنزل جمال الدين الذهبى (1637 م) بشارع حوش قدم ، ومنزل رضوان بك (1654م ) ، ويقع مقابل مسجد محمود الكردى إلى الجنوب من باب زويلة ، ويُنسب للقرن الثامن عشر منزل المفتى او الشيخ المهدى (1704 م) ويقع بشارع الخليج المصرى ، وقصر المسافر خانة بشارع الجمالية (1779م) ، ومنزل إبراهيم كتخدا السنارى  ( 1209هـ  / 1794 م) ويقع بحارة منج بالسيدة زينب .

ومنزل الشيخ عبد الوهاب الطبلاوى المعروف ببيت السحيمى ( 1058 هـ / 1648 م) ويقع بشارع الدرب الأصفر بقسم الجمالية .وقد تميزت المنازل والدور أيضًا بسمات وخصائص ، حيث فصل المعمار المسلم أجنحة الاستقبال عن باقى المنزل ، وألحق بالمنزل الكثير من المرافق التي تختص بالخدمة مثل المطبخ ومخازن الغلال وغرف الخدم واصطبلات الخيل والطاحونة والساقية وغيرها .

 نماذج من القصور والدور فى  العصر المملوكى :

قصر بشتاك : 

وهو من أجمل عمائر القاهرة وكان مكون من أربعة طوابق لم يتبقى منها سوى طابقين يضم الطابق الأرضى مسجد وعدد من الحوانيت او المحلات ، يقع مدخله الرئيس فى الطرف الجنوبى الشرقى المطل على درب قرمز وهو عبارة عن دركاة مستطيلة الشكل يفتح فى جانبها القبلى غرفتان للحراسة وسلم للخدم ، وفى الناحية الشمالية من الدركاة فناء مفتوح صغير يؤدى إلى سلم خاص بالزوار يؤدى إلى الطابق الأول واصطبل للخيول وغرفة للسايس ،  وتؤدى الدركاة لفناء مفتوح مستطيل الشكل .

ويبدأ القسم العام للمنزل من سلم الزوار الذى يؤدى لممر منحنى فى الطابق الأول يؤدى إلى قاعة استقبال كبيرة تتكون من إيوانين يتوسطهما درقاعة مربعة يُغطى أرضيتها الرخام الملون ويتوسطها نافورة ، وعلى جانبي الدرقاعة الشرقى والغربى أغانى يُطل عليها من خلال المشربيات ، أما القسم الخاص للمنزل فيبدأ من السلم المؤدى إلى الطابق الأول حيث المقعد المطل على الفناء . 

 منزل زينب خاتون :   

وهو يتكون من طابق أرضى وطابقين علويين ، عبارة عن فناء مفتوح مربع الشكل يتوسطه نافورة مثمنة الشكل وتحيط به مجموعة من الغرف الخاصة بالمطبخ والخدمة ومخازن الغلال والطاحونة وسلم الخدم ، ويتم الدخول إلى المنزل من خلال مدخل للزوارفى الواجهة الجنوبية للمنزل عبارة عن ممر ضيق ينتهى بفناء مفتوح صغير به غرفة حراسة واصطبل وسلم يؤدى إلى الطابق الأول حيث قاعة الاستقبال الكبرى .

وهى عبارة عن إيوانين يتوسطهما درقاعة مستطيلة يُغطى أرضيتها الرخام الملون ويغطيها شخشيخة خشبية مزخرفة بزخارف نباتية ترجع إلى العصر العثمانى ، وعلى جانبي الإيوان الجنوبى سدلتان بهما مقاعد ، أما المقعد فهو يواجه الناحية الشمالية ويُطل على الفناء ببائكة مكونة من عقدين يتوسطها عمود رخامى .

أما الجزء الخاص بالمنزل فهو عبارة عن مدخل خاص بالأسرة يتوسط الواجهة الجنوبية يؤدى إلى دركاة تؤدى إلى الفناء المفتوح ، وبالضلع الشرقى منه قاعة استقبال صغيرة لاستقبال الأقارب من الأسرة ، وبالضلع الغربى منه سلم لأهل المنزل يؤدى إلى الطابقين الثانى والثالث حيث توجد قاعات المعيشة والنوم .

منازل الطبقات المتوسطة والفقيرة : 

يذكر المؤرخين أن المنازل التي شُيدت فى الفسطاط فى عصر الولاة كانت منازل بسيطة من الطوب اللبن وعبارة عن طابق واحد ، ولا يزيد عدد الغرف عن أربعة ، ومع التطور المعمارى فى العصر الطولونى أصبحت منازل الطبقة الفقيرة ذات نمط جديد ، عبارة عن وحدات سكنية مستأجرة ضمن منشأة سكنية كبيرة تسمى " الربع " ، وهو النموذج الرئيس للسكن الشعبى فى المدينة الإسلامية .

وكان الربع عبارة عن مبنى ضخم مشيد من الأحجار والآجر ويتكون من ستة أو سبعة طوابق ، كان الطابق الأرضى يستخدم كمحلات أو مخازن وخاصة فى المناطق التجارية ، ويشغل جزء منه بئر وساقية ، وعادة ما يتوسط الربع فناء مفتوح كبير مستطيل الشكل ، وبعضها كان يضم حديقة فى السطح ، وكانت الوحدة السكنية بالربع تتكون من صالة استقبال وغرفة للمعيشة كبيرة الحجم تضم مطبخ ودورة مياه ويعلوها دور ميزانين يضم عددمن الغرف ذات الأغراض المتنوعة .

وقد اندثرت هذه الربوع ولم يبقى إلا الإسم فقط  ، أما الطبقات المتوسطة فقد سكنت منازل صغيرة منفصلة تتكون من ثلاثة طوابق ، يضم الطابق الأرضى حوانيت ومخازن ، أما الطابقين الآخرين للسكن والمعيشة ، وكان من سمات هذه المنازل أيضًا الحفاظ على الخصوصية ، والفصل بين الجزء العام الخاص بالاستقبال ، وبين الجزء الخاص بالمعيشة والنوم والحريم .  

ومن أمثلتها : المنزل القائم بشارع بشتاك وهو مكون من طابق أرضى وطابقين علويين ويطل على ثلاث واجهات ، وهو مبنى من الأحجار المنحوتة ، والواجهات خالية من أي زخارف ، ويقع المدخل فى الواجهة يؤدى إلى ردهة مقسمة إلى قسمين بواسطة عقدين يحملان السقف ، وعلى اليسار السلم المؤدى إلى الطابق الأول الذى يتكون من صالة مستطيلة على جانبها قاعة استقبال كبيرة مكونة من إيوانين ودرقاعة ، وينتهى سقف الدرقاعة بملقف للتهوية ، وعلى الجانب الأخر للصالة غرفة نوم وصالة للمعيشة تضم مطبخ ، أما الطابق الثانى يتوسطه فناء مفتوح صغير مربع الشكل ، ويحيط بالفناء حمام وأربع غرف للنوم  . 
ومنزل وقف رضوان بك بالخيامية وهو يتكون من طابق أرضى وميزانين وطابقين علويين وهو مشيد من الحجر المنحوت وحالته سيئة .
author-img
نشأت للمعلومات التاريخية والأثرية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent