recent
موضوعات

القباب فى العمارة الإسلامية فى مصر


تعريف القبة : 

لعبت القبة دورًا مهمًا بصفتها عنصر معمارى من عناصر تصميم وتغطية المنشآت المعمارية متعددة الأغراض ، وقد اختلفت من إقليم إلى أخر حيث تميز كل إقليم بشكل وطراز معين للقباب يميزه ، ومن خلاله يمكن تحديد تاريخ إنشائها، ويمكن تعريف القبة على أنّها بناء دائرى مقعر من الداخل مقبب من الخارج يتألف من دوران قوس على محور عمودى ليصبح نصف كرة تقريبًا يأخذ مقطعها شكل القوس .

وتُقام مباشرة فوق مسطح ، أو ترتفع على رقبة مضلعة ، أو دائرية ، أو حنايا ركنية ، أو مثلثات كروية ، أو مقرنصات ، لتسهيل الانتقال من المربع إلى المثمن ثم إلى الدائرة ، وقد تكون القبة صغيرة، أو كبيرة ، أو بيضاوية ، أو نصف كروية ، أو بصلية ، أو مخروطية ، أو مضلعة . 

القبة في الحضارات القديمة : 

كانت المقابر في مصر القديمة عبارة عن مصطبة ثم تطورت إلى الشكل الهرمى ، وفى بلاد فارس كانت عبارة عن أبراج تتكون من غرفة صغيرة يُغطيها سقف جمالونى مثل قبر قورش ببرسبوليس ، وفى العراق أقدم طراز للأضرحة هو قبر عزرى ويرجع للقرن الثانى ، وهو برجى الشكل عُرف في العراق من خلال سوريا عن طريق تدمر ، وفى فلسطين وفينيقيا ظهرت المدافن الحجرية ، وهى عبارة عن مقابر غائرة ومنحوتة في الحجر ومغطاة بلوح من الحجر .

وظهر نوع أخر على شكل نفق منحوت بشكل أُفقى في الصخر ويُوضع في نهايته المتوفى ، كما عُرفت أيضًا المقابر ذات الرفوف حيث توجد رفوف أو مناضد لاستقبال الموتى تُغطى عادة بأسقف ذات أقبية ، وهناك المقابر التي ظهرت على شكل محاريب منحوتة في الصخر ،وفى سوريا ظهرت القبور بشكل مكعب يعلوه هرم في القرن الرابع والسادس كما في حلب وأنطاكيا ،وفى القرن السادس ظهر طراز جديد عبارة عن مكعب صغير الحجم يعلوه قبة من الحجر المنحوت كما في ضريح بيزوس في رويحه.

وظهرت القبة فوق الهياكل في الحضارات القديمة ، وفى المعابد اليهودية ، والكنائس المسيحية ، وقد عرفت العمارة العراقية القديمة نظام التغطية بالقباب لعدم توافر الأحجار الكبيرة ، وارتفاع السقوف لتخفيف حدة الحرارة ، ومن المرجح أنّ المسلمين قد تأثروا بهذا النظام المعمارى ونقلوه عن الساسانيين في العراق ، والبيزنطيين في بلاد الشام ، والأقباط في مصر .

القبة في العمارة الإسلامية : 

استخدم المسلمون القباب في التغطية بكثرة ، وتنوعت في العمارة الإسلامية من حيث مادة البناء التي كانت من الآجر ، أو الحجر ، او الخشب، كما اختلفت من حيث الحجم فمنها الكبير والصغير ، وتنوعت في الشكل فظهر منها المضلع ، ونصف الكروى ، والبيضاوى ، والمنتهى من أعلى بمنور يعلوه مثمن يحمل قبة صغيرة مضلعة أو فانوسًا.

وقد استخدمت العمارة الإسلامية القباب الكبيرة فى تغطية الأضرحة ، والقباب الصغيرة والضحلة كمناور فى سقوف المساجد ، والمدارس ، وردهات القصور والمنازل ، وتغطية الحمامات ، والميضأة فى صحون المساجد ، وقد اُستخدمت فى العراق وإيران وسورية فى العصر الإسلامي المبكر القباب المكونة من القراميد المغطاة بالطين الأملس بدون زخارف .

وفى مصر استخدم الآجر أو الحجر وتم نقشها وزخرفتها بالأشكال الهندسية ، والنباتية البارزة ، والغائرة ، وظهرت الأشكال المضلعة ، والمقعرة ، والمحدبة ، أوالإثنان معُا ،وتطورت زخرفة القباب فظهرت القباب ذات البلاطات الخزفية الملونة فى إيران ، كما زخرفت القباب العراقية بالبلاطات الخزفية المذهبة ، وتم استغلال رقبة القبة فى أماكن مختلفة بآيات من القرآن الكريم ، والنصوص الإنشائية ، كما تم استغلالها فى فتح نوافذ للتهوية والإضاءة ، ووضع هلال أعلى القبة من المعدن فى اتجاه القبلة .

القبة في العصر الأموى : 

تُعّد قبة الصخرة التي أنشأها الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان سنة (72 هـ / 691م ) من أقدم الأمثلة في العمائر الإسلامية ، وكان الغرض من إنشائها منافسة مكة المكرمة نظرًا للصراع الذى حدث بين عبد الملك بن مروان وعبد الله بن الزبير ، كذلك أراد الخليفة عبد الملك بن مروان أن ينافس الكنائس الفخمة والشاهقة التي رأها في بلاد الشام.

ومن المعروف أنّ هذه القبة مقامة على قاعدة مستديرة تتكون من أربعة دعائم ضخمة ، تحصر كل دعامة والأخرى ثلاثة أعمدة ، ومجموع الدعائم والعقود تحمل ستة عشر عقدًا مدببًا ، ويعلو العقود رقبة اسطوانية الشكل فتح بها ستة عشر نافذة ، وتُعّد الرقبة هي منطقة الانتقال إلى القبة المستديرة ذات قطاع نصف دائرى من الخارج ،ويُحيط بالمنطقة الوسطى الدائرية مثمن يتكون من ثمانية دعامات في الأركان ، يفصلها عن بعضها البعض عمودان يحملان ثلاثة عقود.

أمّا الجدار الخارجي فهو على شكل مثمن يُحيط بمثمن آخر يتوسطه المنطقة الدائرية والحائط الخارجي ، والقبة الأصلية كانت مصنوعة من الخشب ومغطاة بصفائح من الرصاص ، فوقها ألواح من النحاس اللامع ، وقد سقطت هذه القبة (سنة  407هـ ) ، والقبة الحالية يرجع تاريخها إلى (سنة 413 هـ ) .

كذلك ظهر عنصر القبة في تغطية بعض الغرف في بعض القصور التي شيَّدها الأمويون في بلاد الشام ومنها قصير عمرا ، وحمام الصرخ ، حيث نجد الغرفة الساخنة في حمام قصير عمرا عبارة عن مساحة مربعة الشكل يعلوها قبة مستديرة ، وقد اُستخدمت المثلثات الكروية في طريقة الانتقال من المربع إلى الدائرة ، وزُخرفت هذه القبة برسوم دائرة الفلك ، والدب الأكبر ، والتنين ، والكثير من الرسوم من خلال استخدام أسلوب الفرسكو .

القبة في العصر العباسى : 

ظهرت القبة تُغطى مداخل الأبواب فى السور الداخلى للمدينة التي أنشأها الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور في بغداد سنة ( 147هـ / 764 م ) ، وكانت تُعرف بالمجلس ، وتغطيها قبة شاهقة ضخمة فوق قمتها تمثال يتحرك بواسطة الرياح ، وقد اُستخدم نظام الحنايا أو المحاريب المخروطية الشكل في الأركان كوسيلة انتقال من المربع إلى الدائرة ، وترجع هذه الطريقة في وسائل الانتقال إلى العصر الساسانى . 

كما ظهرت القبة بشمال أفريقية سنة ( 248هـ / 862م ) بمسجد القيروان التى أنشأها الأمير أبو إبراهيم أحمد بن الأغلب ، وهى مضلعة الشكل من الداخل وتتكون من أربع وعشرون ضلعًا ، حيث ينتهى المربع من أعلاه بكورنيش ترتكز عليه منطقة الانتقال التي تتكون من أربعة محاريب في الأركان تحمل الرقبة ، تعلوها القبة المستديرة ، وتتكون الرقبة من مثمن ، وهى محمولة على ثمانية محاريب ، مخروطية الشكل صغيرة الحجم ، وتظهر القبة من الخارج بشكل مضلع .

القبة في العصر الفاطمى : 

تروى كتب المؤرخين أنّ أول ظهور للقبة في العصر الفاطمى في مصر كان في الجامع الأزهر ، وجامع الحاكم حيث كانت توجد قبتين في ركنى رواق القبلة غير القبة التي تعلو المنطقة المربعة أمام المحراب ، وهذه القباب كانت محمولة على أربعة محاريب أو حنايا ركنية ، و أضرحة السبع بنات ( 400هـ / 1010 م ) وتقع جنوب أطلال الفسطاط  بالقرب من ضريح الإمام الليث ، وهى عبارة عن أضرحة صغيرة كانت ذات قباب لكنها للأسف مفقودة ، وكانت هذه الأضرحة في الأصل سبع .

وكما ورد في كتب المؤرخين والمصادر الإسلامية أنّها أضرحة لسبعة بنات من عائلة المغربى ، الذى قتله الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله بعد هروب الوزير أبو القاسم الحسين بن على المغربى إلى مكة ، وتُعّد هذه الأضرحة من الناحية المعمارية من أقدم الأمثلة ، وهى عبارة عن أربعة أضرحة ذات حجم وتخطيط واحد مع اختلاف طفيف في الإرتفاع . 

حيت يتكون الضريح من مربع ذو عقد مفتوح بأضلاعه الأربع ، ثم منطقة انتقال عبارة عن أربعة محاريب أو حنايا ركنية بين الواحدة والأخرى فتحة معقودة بعقد مدبب ذات حجم وشكل واحد ، تحمل هذه الحنايا الرقبة المثمنة الشكل وهى من الآجر ، وترتكز القبة على الرقبة المثمنة وهى ذات قطاع مستدير ، وللأسف الشديد هذه القبة لم يتبقى منها شيء الآن .

وتُعّد هذه الأضرحة مهمة من الناحية المعمارية بصفتها أقدم أضرحة من نوعها في مصر ، وطرازعمارتها موجود في فراشاباد في بلاد فارس قبل الإسلام ، ثم قبة الصليبية بسامراء ، وضريح إسماعيل السامانى في بخارى سنة ( 907م ) وهو أول ضريح اسلامى موجود بفارس ، عبارة عن قاعدة مربعة الشكل يغطيها قبة من خلال حنايا ركنية بدون وجود رقبة مثمنة . 

وقبة جامع الجيوشى بجبل المقطم الذى أنشأه القائد الفاطمى بدر الجمالى  (سنة 498هـ / 1105 م) ، وتظهر القبة في هذا الجامع فوق المحراب ، حيث ترتكز على رقبة مثمنة من خلال حنايا ركنية ذات عقود مدببة كوسيلة انتقال من المربع إلى الرقبة المثمنة ، وفى أعلى القبة من الداخل كتابات عبارة عن آيات قرآنية داخل دوائر تحمل اسم محمد وعلى بالتبادل ومكررة ثلاث مرات ، وبجوار جامع الجيوشى يوجد مسجد أُخوة يوسف الذى يُعرف باسم مشهد المقطم وهو بدون صحن أو مئذنة وقبته على الطراز الفاطمى . 

كذلك القبة في مداخل أبواب أسوار القاهرة الفاطمية وتُعّد أسوار القاهرة الفاطمبة وأبوابها من أقدم أمثلة العمارة الحربية في مصر والعالم الإسلامي ، حيث يُغطى كل من مدخل باب الفتوح (سنة 480هـ / 1087 م)  ، وباب زويلة ( 485هـ ؛ 1092 م )  ، قبة دائرية من الحجر المنحوت ، محمولة على أربعة مثلثات كروية ركنية .

وقد بنى هذين البوابتين أخوان من ثلاثة أُخوة من أرمينيا جاءوا إلى مصر من مدينة الرها في عهد الوزير الفاطمى بدر الجمالى في خلافة المستنصر بالله ، وتُعّد هاتان القبتان ذات طراز جديد يظهر لأول مرة في مصر في العصر الفاطمى . 

أيضًا قبة ضريح محمد الجعفرى والسيدة عاتكة ، ويقع كل من هذين الضريحين بجوار مشهد السيدة رقية ، ويُعّد نظام القبة في هذين الضريحين نقطة التحول في تصميم القباب من القباب ذات الحنيا الركنية إلى القباب المحمولة على المقرنصات أو الدلايات ، وطريقة الانتقال في ضريح محمد الجعفرى عبارة عن حطتين أو صفين من المقرنصات ذات الحنايا .

والصف السفلى يتكون من ثلاث حنايا ، الوسطى ذات عقد نصف دائرى يحيط بها تجويف ينتهى من أعلى بشكل مثلث مجوف ، أمّا الحطة العلوية فتتكون من تجويف نصف دائرى فوق المقرنص الأوسط في الصف السفلى ،وهذه المقرنصات في الأركان الأربعة تمثل منطقة الانتقال إلى الرقبة ، وهى مثمنة من الخارج وتحمل القبة المستديرة.

وتختلف قبة ضريح السيدة عاتكة عن قبة الجعفرى في تكوين القبة من الداخل حيث نجدها مضلعة ، وتتكون من ستة عشر ضلعًا مشعة من مركز الدائرة الوسطى الموجودة أعلى القبة من الداخل ، وفى المنطقة المربعة الداخلية يوجد شريط من كتابة كوفية ، وبين المقرنصات الركنية توجد نوافذ يشبه شكلها الإطار الخارجي للمقرنص  . 

أما الجامع الأقمر الذى يقع بشارع المعز لدين الله بالنحاسين ، فقد تميز هذا المسجد باستخدام القباب الكروية الضحلة التي ظهرت في مدخلى باب الفتوح وباب زويلة ، وتُغطى هذه القباب الأروقة الجانبية حول الصحن وأيضًا رواق القبلة . وتشبه طريقة انتقال قبة السيدة رقية طريقة انتقال قبة ضريح الجعفرى وعاتكة ، وهى استخدام المقرنصات ، غير أنّ الإختلاف الوحيد هو في شكل النوافذ بين المقرنصات ، وتوجد زخرفة من الجص أسفل النافذة الشمالية الشرقية تُعّد نموذج لزخارف الأرابسك في العصر الفاطمى .

وهذا يوضح أنّ مناطق الانتقال في العصر الفاطمى كان يتم تكسيتها بزخارف من الجص ، كما يوجد بين منطقة الانتقال والقبة رقبة مثمنة ، ويوجد نافذتان بكل وجه من أوجه هذه الرقبة ، أمّا شكل القبة فهى مضلعة وتتكون من أربع وعشرين ضلعًا ، وهى تتميز بالرشاقة والجمال عن قبة السيدة عاتكة ، وتشبه من الخارج شكل القباب المضلعة في شمال أفريقية ، وتنتهى أضلاع القبة الداخلية بخطوط ملونة . وتُعّد قبة السيدة رقية بداية التطور لما بعدها من قباب العصر الأيوبى . 

القبة في العصر الأيوبى  ( 567- 648 هـ / 1171 – 1250 م ) : 

 تميز العصر الأيوبى بالعمارة الحربية التي أنشأها صلاح الدين الأيوبى ، كما تميز أيضًا ببداية تطور مناطق انتقال القبة من خلال المقرنصات ، ومن أشهر القباب في العصر الأيوبى قبة برج الظفر ، وقبة الإمام الشافعى ، وقبة الصالح نجم الدين أيوب ، وقبة الخلفاء العباسيين ، وقبة شجر الدر .

وقبة برج الظفر الذى يقع في الركن اشمالى الشرقى لباب النصر، ويعلو هذا البرج قبة من الحجر ، وهى مثمنة من الداخل بأركانها العلوية مقرنص من حطة واحدة ، وتحمل المقرنصات القبة المستديرة المبنية من الحجر ، ويُعّد هذا البرج من أهم أجزاء سور القاهرة الثالث الذى أنشأه صلاح الدين الأيوبى ، وهو امتداد لسور القاهرة الفاطمى الذى أنشأه أمير الجيوش بدر الدين الجمالى .

وقبة الإمام الشافعى التى أنشأها السلطان الملك الكامل سنة ( 608هـ / 1211 م ) وهى من أجمل القباب في مصر في العصر الأيوبى ، وعبارة عن قاعدة مربعة الشكل من الخارج يعلوها شرافات مسننة بديعة الشكل ، وأسفلها أشكال محاريب ذات عقود مثلثة يزخرفها زخارف جصية ، وفوق القاعدة المربعة توجد القبة الخشبية وهى مكسوة بصفائح من الرصاص ، وقد كسيت القبة من الداخل بالرخام ، ويتكون مقرنص القبة من ثلاث صفوف أو حطات مزخرف داخلها .

ويُعّد ذلك بداية زيادة عدد حطات المقرنص التي كانت في العصر الفاطمى تتكون من حطتين ، ويُلاحظ أنّ الحطة السفلية تتكون من خمسة مقرنصات تعلوها سبعة مقرنصات في المنطقة الوسطى ، ثم ثلاثة في المنطقة العلوية ، وقد جدد هذه القبة السلطان قايتباى (سنة 885 هـ / 1480 م ) كما هو مثبت في الكتابة الموجودة بلوح الرخام بالجانب الغربى ، وبقمة القبة من الخارج يوجد قارب صغير من البرونز يُعرف بالعشارى .

وهو مركب صغير مثبت في هلال القبة يتدلى من سلسلة من الحديد ، لوضع الماء والحبوب للطيور ، وقد ظهرت العشارى من قبل ذلك فوق هلال مئذنة جامع أحمد بن طولون كما ذكر بعض المؤرخين وسقطت سنة ( 1105 هـ / 1693 م) ، وتوجد في مدينة رشيد أيضًا عدة عشارى او مراكب صغيرة فوق مناراتها ، كما يوجد مركب صغير فوق  القبة الجنوبية في خانقاة الناصر فرج بن برقوق بصحراء المماليك .

أيضًا قبة الصالح نجم الدين أيوب التى تقع هذه القبة ملاصقة للإيوان الغربى لمدرسة الصالح نجم الدين أيوب ، وقد أنشأتها زوجته شجر الدر حيث نقلت إليها جثمان الملك الصالح نجم الدين أيوب وتتميز هذه القبة بالبساطة من الداخل والخارج ، وترجع أهميتها المعمارية إلى تطور نظام المقرنصات بها نظرًا لزيادة عدد الحطات وتغيرها تغيرًا كليًا عن القبة الفاطمية .

 أمّا قبة الخلفاء العباسيين التى تقع هذه القبة خلف مشهد السيدة نفيسة وتضم رفات عدد من الخلفاء العباسيين الذين توفوا في مصر في القرنين السابع والثامن الهجرى ، كما تضم أيضًا أبناء الظاهر بيبرس البندقدارى ، وترجع أهميتها إلى ما تميزت به من زخارف جصية جميلة ، وزخارف كتابية على الجص والخشب .

ويتماثل مقرنص هذه القبة مع مقرنص قبة شجر الدر التي ترجع إلى العصر الأيوبى ، كما تُشبهها أيضًا في أشكال العقود المحارية الجصية الموجودة بقاعدة القبة من الخارج ، وقبة شجر الدر التى تقع هذه القبة بشارع الخليفة ناحية مشهد السيدة رقية ، وقد أمرت بإنشائها شجر الدر ودفنت بها ، وهى تشبه قبة الخلفاء العباسيين . 


القبة في عصر دولة المماليك البحرية ( 1250 – 1382 م) : 

يمتاز هذا العصر بتطور كبير فى تخطيط المساجد حيث اُستبدلت القبة الصغيرة التي كانت تُغطى المربع الموجود أمام المحراب فى العصر الفاطمى  بقبة كبيرة من الخشب أكبر حجمًا ، وتُغطى مساحة كبيرة تقدر بحوالي ثلاث بلاطات ، كما هو الحال فى مسجد الظاهر بيبرس بالظاهر بالقاهرة والذى يرجع تاريخ انشائه إلى سنة 1269 م ، ومسجد الناصر محمد بالقلعة (1318 – 1335 م ) ، ومسجد الماردانى ( 1340 م) .

وكان من مميزات هذا العصر ظهور تصميم المدارس ذات التخطيط المتعامد لتدريس المذاهب الإسلامية ، وتتكون من صحن أوسط وأربعة إيوانات حيث يفتح كل إيوان على الصحن بعقد كبير مدبب الشكل فتحته تساوى عرض الأيوان ، وخلف إيوان القبلة الكبير يوجد ضريح منشىء المدرسة،ويُغطى الضريح قبة كبيرة محمولة على مقرنصات ، وأحيانًا يكون الضريح بجوار إيوان القبلة كما في مدرسة السلطان برقوق بالنحاسين .

ومن أشهر القباب التي ظهرت في هذا العصر القبة الضريحية الخاصة بالسلطان المنصور قلاوون ( 683- 684هـ / 1284 – 1285 م) بشارع المعز لدين الله بالنحاسين ، وهى أحد مجموعاته المعمارية التي تتكون من ضريح ومدرسة وبيمارستان ، وتُعّد من أجمل عمائر القاهرة الإسلامية ، وتصميم هذه القبة يشبه قبة الصخرة حيث يظهر التأثير السورى في تخطيط القاعدة ، فهى عبارة عن قاعدة مثمنة تتكون من أربعة دعائم مربعة الشكل ، وأربعة أعمدة مستديرة ، وضعت بالتبادل عبارة عن دعامتان ثم عمود .

وهذه الأعمدة من الجرانيت كبيرة الحجم ذات تيجان مذهبة ، ومدمج في كل دعامة أربعة أعمدة من الرخام كسيت من الخارج بالرخام الدقيق المطعم بالصدف ، وتحمل الدعائم والأعمدة عقودًا مدببة ، تعلوها رقبة مثمنة ، في كل ضلع من أضلاعها نافذة ، وتعلو الرقبة المثمنة قبة مستديرة بواسطة حنايا ركنية صغيرة في أركان المثمن ، وتأخذ القبة من الخارج شكل العقد المدبب البيضاوى ، ويسند القبة أكتاف ساندة موضوعة فوق أركان المثمن الخارجي .

ومن القباب الجميلة في القاهرة التي ترجع إلى العصر المملوكى البحرى قبة زين الدين يوسف ( الشيخ الصوفى ) من اُسرة بنى أُمية ( 697 هـ / 1298 م) ، والقبة تعلو الرقبة وهى مضلعة وتتكون من ثمانية وعشرين تضليعًا ، كما تُعّد قبة ضريح الأمير سنقر السعدى (1315 م) من أجمل القباب ذات الشكل البديع  ، وما بها من مناطق انتقال من المربع إلى الدائرة ، وما بها من مقرنصات داخلية ، ونقوش جصية خارج وداخل القبة .


كما تميزت بعض القباب بوجود الفسيفساء الخزفية الملونة فوق رقبة القبة مثل ضريح الأمير طوغاى ( 1348 م) بالقاهرة ، أما قبة ضريحى سلار وسنقر الجاولى فقد تميزتا بتكوين معمارى فريد ، في تجاورهما وشكلهما المضلع من الخارج ، وقطاعهما الرأسى ذو العقد المدبب المستمر في اتجاه رأسى بعد بدء العقد  . 

القبة في سوريا : 

 يوجد في سوريا عدد من القباب ترجع إلى العصر المملوكى البحرى مثل ضريح ركن الدين ( 621هـ / 1224 م) ، وضريح عز الدين ( 626هـ / 1228 م) ، وجميعها متشابه في الشكل ويمتاز بالرقبة العالية ، كما توجد أضرحة ذات قباب ولها أربعة أبواب معقودة وذلك في القرن السابع الهجرى / الثالث عشر الميلادى ، ومن أشهر القباب في سوريا توجد في تربة الطاوسية ( 784هـ / 1382 م) ، وقبة التوريزى ( 828ه / 1424 م) .

ولا نشاهد القبة ذات المقرنصات كما في مصر ، ولكن المقرنص يظهر في عقود المداخل الرئيسة ، وتوجد خارج دمشق القبة المزدوجة في قبة خير بك في حلب المعروفة باسم الشيخ على ، وقبة قايتباى ( 924هـ / 1518 م) . 

القبة في عصر المماليك البرجية  ( 1382 – 1517 م ) : 

يُعد هذا العضر نهاية تطور القبة ذات المقرنصات ، حيث وصل عدد حطات المقرنصات إلى سبعة وثمانية  وأحيانًا تسعة حطات ، وتماثل تلك المقرنصات المقرنصات السورية من حيث وضعها داخل إطار مثلثى الشكل ، وتختلف عنها في أنّ كل صف أو حطة منها تخطيطه منحنى بدلًا من انكسارها في مستقيمات ، وقد تلاحظ في هذا العصر أن ّ شكل القبة قد صغر حجمها ، وظهر إنشاء الأضرحة الكبيرة مع ازدياد الثراء الزخرفى الخارجي للقباب التي بنيت من مادة الحجر .
وتضم مقابر الخلفاء بالقرافة الشرقية أكبر مجموعة من القباب التي تتميز بروعة ودقة الزخارف الخارجية للقبة ، وتتكون من زخارف هندسية ، ونباتية ، والبعض منها عبارة عن زخارف مجدولة ، وبعضها زخارف حلزونية ، ومن أشهر هذه القباب قبة ضريح السلطان برقوق ، وقبة ضريح الأشرف برسباى ، وقبة السلطان قايتباى بالقرافة.

وظهرت في مصر الكثير من القباب المتنوعة منها ذات الشكل نصف الكروى ، والمضلعة ، والبيضاوية ، كما ظهر نوع أخر كبير ينتهى من أعلى بمنور ، فوقه مثمنة ، تحمل قبة صغيرة مضلعة ، كما في قبة الشيخ عبدالله المنوفى بالقرافة الشرقية بالقاهرة ( ق 7 – 8هـ )  ( 13 – 14 م) .   

القبة في العصر العثمانى : 

استخدم العثمانيون القباب المنخفضة المنقولة من القسطنطينية وسالونيك وهى تختلف عن القباب الإسلامية الشاهقة الإرتفاع ، وبعد فتح مدينة القسطنطينية سنة ( 1453 م ) وانتقال مقر الخلافة والحكم والإدارة اليها تم تحويل كنيسة أيا صوفيا إلى مسجد ، وأصبح بعد ذلك هو النموذج لإنشاء الكثير من المساجد العثمانية في فترات لاحقة .

ويُعّد هذا الشكل من التخطيط ذو الأصل البيزنطى هو الذى شاع وانتشر في العمارة العثمانية ، وبعد قيام السلطان سليم الأول بالاستيلاء على سوريا ومصروظهور طبقة جديدة من الصوفية تُعرف بالدراويش نشأ تصميم وتخطيط جديد للمساجد اشتهر باسم التكايا ، وهو يُشبه نظام الخانقاوات التي ظهرت في العصر الأيوبى،وكانت بداية نشأتها في إيران.

وقد تم إنشاء الكثير من المباني في مصر وسورية في عهد السلطان سليمان القانوني ( 1520 – 1560 م ) ، ويُعّد مسجد سليمان باشا بالقلعة في القاهرة من أهم المساجد العثمانية ( 1528 م) حيث يحمل القبة به مثلثات كروية ، كذلك مسجد سنان باشا ببولاق ( 1573م ) ، والقبة به عبارة عن مساحة مربعة يحيط بها أروقة خارجية من ثلاث جهات باستثناء الناحية الحنوبية الشرقية ، وهى عبارة عن ظلات مغطاة بالقباب الضحلة التي تأخذ شكل الطاقية .

أما قبة سنان باشا من الداخل فلها أربعة زوايا ، بكل منها عقد ينتهى بطاقية مقرنصة ، يعلو المربع مضلع مقسم إلى ست عشرة ضلعًا وفوقه القبة ، أيضًا مسجد الملكة صفية بالدوادية ( 1610 م ) بالقرب من شارع محمد على ويمتاز هذا المسجد بقبته الرائعة ذات الشكل المسدس ، وهى محمولة على عقود مدببة ، وتسندها روابط متصلة بالحائط .

كذلك من نماذج المساجد العثمانية الموجودة في مصر مسجد محمد بك أبو الدهب ( 1188هـ / 1774 م) ويقع بميدان الجامع الأزهر بالقاهرة ، ومن نماذج القباب في القرن التاسع عشر قبة مسجد محمد على بالقلعة ، حيث عهد محمد على باشا إلى المهندس التركى يوسف بوشناق بتصميم مسجد على طراز مسجد السلطان أحمد في استانبول ، حيث بدأ في إنشائه سنة ( 1246 هـ / 1830 م ) وتم الانتهاء منه سنة ( 1265هـ / 1848 م) ، حيث دفن فيه ، في المقبرة التي أعدها لنفسه .

والقبة الكبيرة تتوسط المسجد يحيط بها أربعة أنصاف قباب ، وهذه القبة ترتكز على أربعة مثلثات كروية ، وخارج المسجد من الجهة الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية وحول الصحن توجد ممرات مغطاة بقباب صغيرة  ، وقد قام الملك فؤاد بإزالة القبة القديمة وإعادة بنائها بعد عمل هيكل من الصلب سنة 1935 م ، ويبلغ قطر القبة 21 م ، وارتفاعها عن مستوى أرضية المسجد 52 م .

وهى محمولة على أربعة عقود كبيرة ترتكز على أربعة دعائم مربعة ، يُحيط بها أربعة أنصاف قباب ، وخامس يُغطى بروز المحراب ، وهناك أربعة قباب أخرى صغيرة موجودة بأركان المسجد ، وقد زخرفت زوايا القباب والعقود بلفظ الجلالة ، ومحمد رسول الله ، وأسماء الخلفاء الراشدين . 

تطور مربع القبة : 

ظهر مربع القبة  في العصر الفاطمى في البداية بسيط الشكل يفتح في كل ضلع من أضلاعه الأربعة فتحة باب معقودة بعقود مدببة كما في قباب السبع بنات ، ثم تطور ليشتمل على محراب مجوف في الناحية الجنوبية الشرقية ،وثلاث أبواب محورية في الجهات الأخرى ، كما في قبة الحصواتى منتصف القرن السادس الهجرى / الثانى عشر الميلادى .

وتطور في المرحلة الثالثة وتم عمل مدخل واحد رئيس محورى يواجه المحراب ، كما في قبة الشيخ يونس ( 487هـ / 1094 م ) ، ومشهد اُخوة يوسف (6هـ / 12 م ) ،وتطور في المرحلة الرابعة ليضم رواقُا مستعرضًا به بائكة ثلاثية تتقدم الجانبين الجنوبى الغربى والشمالى الشرقى ، كما في مشهد السيدة رقية ( 527هـ/ 1133م ) .

وفى العصر الأيوبى كان شكل المربع السفلى عبارة عن مربع في ناحيته الجنوبية الشرقية محراب مجوف يقابله في الناحية الشمالية الشرقية مدخل يجاوره شباك كما في قبة الإمام الشافعى (608هـ / 1211 م) أو مربع يشتمل على مدخل في الناحية الشمالية الشرقية يُقابلها محراب في الناحية الجنوبية الشرقية كما في قبة الصالح نجم الدين أيوب (648هـ / 1250 م ) ، وهناك نوع أخر عبارة عن مربع في جداره الجنوبى الشرقى محراب مجوف وثلاثة أبواب محورية في النواحى الثلاثة الأخرى .واستمر هذا النمط التقليدي في العصر المملوكى .

تطور مناطق انتقال القباب : 

تنقسم القباب طبقًا لمناطق الانتقال إلى قسمين الأول القباب المحمولة على مثلثات كروية وأقدم أمثلتها في العصر الفاطمى بوابات القاهرة (480 -485هـ / 1087 – 1092 م) وقباب الجامع الأقمر (519 هـ /1125 م )  ، والثانى قباب محمولة على حنايا ركنية ، وقد ظهرت مناطق الانتقال في العصر الفاطمى في المربع السفلى في الأركان بسيطة عبارة أربع حنايا كبيرة تشبه المحراب ذات عقد مدبب مثل جامع الحاكم (380- 403هـ / 990 – 1013 م ) والسبع بنات .

وتطورت مناطق الانتقال في أواخر القرن الخامس الهجرى / الحادى عشر الميلادى لتتكون من حطتين من الحنايا المعقودة بعقود مدببة مثل قبة الشيخ يونس ( 487هـ / 1094 م ) وعاتكة والجعفرى ( 514 - 519 هـ / 1120 – 1125 م ) وتطور من هذا الشكل نوعين من المقرنصات ظهر في العصر الأيوبى  الأول عبارة عن حطتين من المقرنصات ذات عقود منكسرة مثل قبة برج الظفر ( 572 - 589هـ / 1176 – 1193 م ) ، وقبة الخلفاء العباسيين (640هـ / 1242 م) ، وقبة شجرالدر (648هـ / 1250 م ) . والثانى يتكون من ثلاثة حطات من المقرنصات ذات عقود منكسرة مثل قبة الإمام الشافعى ( 608هـ / 1211 م ) ، وقبة الصالح نجم الدين أيوب ( 648هـ / 1250 م ) .

وفى العصر المملوكى البحرى تطورت مناطق الانتقال تطورًا كبيرًا إلى خمسة مراحل ، الأولى تضم حطتين من المقرنصات في كل حطة ثلاث حنايا مثل قبة أيدكين البندقدارى ( 683هـ / 1283 م ) ، والمرحلة الثانية تتكون من ثلاث حطات من المقرنصات تضم ثلاث حنايا في الحطتين الأولى والثانية ، وأربع حنايا في الحطة الثالثة مثل قبة زين الدين يوسف (697 هـ / 1298 م ) ،والمرحلة الثالثة تتكون من ثلاث حطات تضم خمس حنايا في كل حطة مثل قبة الأشرف خليل بن قلاوون (687هـ / 1288 م ) .


والمرحلة الرابعة تتكون من أربع حطات تضم خمس حنايا في الثلاث حطات الأولى وست حنايا في الحطة الرابعة مثل قبة بيبرس الجاشنكير ( 706 – 709 هـ / 1306 – 1309م ) ، والمرحلة الخامسة تتكون من خمس حطات مثل قبة صرغتمش ( 757 هـ / 1356 م ) ، واستمرت مناطق الانتقال ذات المقرنصات في بداية عصر المماليك البرجية في تغطية الإيوانات مثل خانقاة فرج بن برقوق ( 801 – 813 هـ / 1399 – 1411 م ) ، ومدرسة قانى باى الرماح (908 هـ / 1503 م ) .

ثم شاع استخدام مناطق الانتقال المتطورة في عصر المماليك البرجية بداية من ثلاث حطات من المقرنصات مثل قبة المنوفى في نهاية القرن السابع الهجرى / 31 م ، وأربع حطات في قبة فيروز الساقى ( 830 هـ / 1426 م ) ، وخمس حطات في قبة الأشرف برسباى بالصاغة ( 860 هـ / 1456 م )، وست حطات في قبة سودون القصروى ( 872هـ / 1468 م ) ، وسبع حطات في قبة الأشرف إينال ( 855هـ / 1451 م ) ، وثمان حطات في قبة فرج بن برقوق ( 801 هـ / 1400 م ) ، وتسع حطات في قبة المؤيد شيخ ( 818 ه / 1415 م ) ونهاية بثلاث عشرة حطة في قبة الغورى ( 909 هـ / 1504 م ).

ومن أقدم أمثلة القباب الحجرية ذات الحنايا الركنية نجدها في قبة خانقاة سلار وسنجر الجاولى ( 703 هـ / 1303 م ) حيث تتكون منطقة الانتقال من حطتين من المقرنصات بكل حطة ثلاث حنايا ، ثم وجدت بعد ذلك القباب الحجرية الصغيرة المحمولة على حنايا ركنية في قبة سنجر المظفر ( 722هـ / 1322 م) ، وقبة أُم السلطان شعبان (770 هـ  / 1369 م ) ، وقبة أُلجاى اليوسفى ( 774 هـ / 1372 م ) ، بينما وجدت القباب الحجرية الكبيرة ترتكز على على حنايا ركنية في قبتى خانقاة فرج بن برقوق ( 801هـ / 1400 م ) ، واستخدمت البراطيم الخشبية أسفل هذه القباب مباشرة لمقاومة الرفس الخارجي الناتج عنها .

ومن القباب المصرية ما تأثر بالقباب الفارسية والسمرقندية مثل قبة صرغتمش ( 757هـ / 1356 م ) ، وقبة يونس الدوادار ( 783 هـ / 1382م ) ومنها ما يعلوه فانوس كما في قبة المنوفى (879هـ / 1474 م) ومن المرجح أنّه تأثير تركى من الأناضول حيث كان الغالب في العصر التركى في الأناضول قبل فتح استانبول وضع فانوس أو شخشيخة في قمة القبة كما حدث في جامع بايزيد باشا في مدينة أماسيا (822هـ / 1419 م ) ، وفى جامع مراد الثانى في مدينة أدرنة ( 834هـ / 1421 م).

وبذلك سبق المهندس في قبة المنوفى المهندس الإيطالى برونلسكى الذى يُقال أنّه هو الذى ابتكر الفانوس في عمارة القباب بالبندقية ( 823هـ / 1420 م ) ، كذلك كان من القباب المصرية ما فرغت خوذاتها بفراغات مختلفة مثل قبة صفى الدين جوهر (714 هـ / 1315 م ) ، وقبة محب الدين الموقع ( 751 هـ / 1350 م ) .

زخارف القباب من الخارج : 

زخرفت أسطح القباب الخارجية في العمائر المصرية في العصر المملوكى بالكثير من الزخارف الزجزاجية او الدالية ذات الأشكال النباتية والهندسية ، فنجد في القباب المصنوعة من الآجر زخارف دالية مفصصة من خلال تضليع على هيئة نبات الصبار ، وفى النصف الثانى من القرن الثامن الهجرى بدأت الأحجار تحل محل الآجر في بناء القباب وزخرفتها ، واستمر أسلوب التضليع في معظم القباب الحجرية مثل قبة الكردى ، وقبة فرج بن برقوق ، وقبة المؤيد شيخ .

وفى النصف الأول من القرن التاسع الهجرى ظهر أسلوب جديد في الزخرفة عبارة عن خطوط متعرجة  أو منكسرة على هيئة رقمى ٨،٧ متعاقبين ، كما ظهر الشكل النجمى على هيئة جدائل هندسية تلتف حول القبة في أشكال نجمية كما في قبة جانى بك الأشرفى بالقرافة ، وشاع هذا الطراز الزخرفى في عهد الأشرف برسباى ثم قام الفنانون بعد ذلك باستخدام الزخارف النباتية كما في قبة جوهر القنقبائى بالجامع الأزهر .

وفى عهد السلطان قايتباى جمع الفنانون بين الزخارف النجمية والزخارف النباتية المورقة كما  في قبة قايتباى بصحراء المماليك ، وظلت هذه المهارة الفنية والأشكال الزخرفية مستمرة في مصر حتى دخول العثمانيين واستيلائهم على مصر ، ونقل كل الصناع المهرة والفنانين إلى الأستانة حيث نقلوا معهم كل ما عرفوه وتعلموه وأسرار صنعتهم ، وما لبث أن توقف ما كان يتم عمله في القاهرة وتدهورت الحالة الفنية. 

تطور النوافذ في رقاب القباب : 

فُتحت في رقباب القباب نوافذ عبارة عن قمريات وقندليات كانت في البداية عبارةعن قمرية واحدة مستطيلة معقودة بعقد مدبب أو نصف دائرى كما في قبتى جوهر القنقبائى بالأزهر وقراقجا الحسنى ، ثم تكونت قندلية بسيطة ذات فتحتين سفليتين مستطيلتين معقودتين تعلوهما قمرية دائرية واحدة كما في قبة السادات الشناهرة بالقرافة ، ثم تطورت إلى قندلية مركبة ذات ثلاث فتحات سفلية مستطيلة معقودة تعلوها ثلاث قمريات دائرية كما في قبة الأشرف إينال .

وقد ارتبطت هذه القندليات البسيطة والمركبة بارتفاع مناطق الانتقال ، فإذا كانت قصيرة استعملت القندليات البسيطة ، وإن كانت طويلة استعملت القندليات المركبة ، وغالبًا ما كان يعلو هذه الفتحات شريط من الكتابات القرآنية من الجص في القباب المصنوعة من الآجر ، أو باستخدام النحت البارز في القباب الحجرية ، كذلك فتحت في رقاب القباب في العصر الفاطمى نوافذ تلاثية تراوح عددها بين ثمانية على شكل المشكاة كما في قبة الشيخ يونس ، وبين عشرة كما في قبة السيدة رقية .

وفى العصر الأيوبى فتحت ثمان نوافذ ذات عقود منكسرة بعضها مصمت عرف بالمضاهيات ، والآخر مفتوح بالتبادل ،  وفى العصر المملوكى فتحت نوافذ كثيرة ذات عقود منكسرة تراوح عددها بين ثمان نوافذ في القبة الصغيرة وست عشرة نافذة في القبة الكبيرة .

قطاع القبة ومادة البناء : 

أما القبة من ناحية مادة البناء وقطاعها  ، فقد بُنيت القبة الفاطمية من الآجر وكانت ذات قطاع نصف دائرى أو مدبب قليلًا ، واستمر البناء بالآجر في القباب في العصر الأيوبى وكان قطاعها على هيئة عقد رباعى مدبب ، وظل الآجر مستخدمًا في قباب العصر المملوكى البحرى إلى أن استخدم الحجر خلال القرن التاسع الهجرى .

حيث انعكس ذلك على الأسلوب الزخرفى وانتشار الزخارف النباتية والهندسية والزخارف النجمية التي تُغطى القباب من الخارج ، وأصبحت القباب ذات قطاع مدبب بصلى القمة منتفخ البدن ، وفى العصر العثمانى فقد انتشر استخدام القباب حيث تميزت العمارة العثمانية باستخدام القباب على الطراز العثمانى واصبح ذو شخصية مميزة بين طرز العمارة الإسلامية .

 الزخارف الداخلية للقباب : 

كانت الحوائط الداخلية للقباب تكسى عادة بوزرات من الرخام الخردة الملون وتضم نوعين من الشبابيك الأول سفلى مستطيل يُغطيه عتب مستقيم مزرر ، والأخر علوى معقود بعقود مدببة أو نصف دائرية ، وزينت الأجزاء العلوية من هذه الحوائط بزخارف نباتية وهندسية وكتابية .

القبة في الوثائق المملوكية : 

ورد لفظ قبة في الوثائق المملوكية للدلالة على وحدة معمارية مستقلة أو ملحقة فقيل  " قبة معقودة بالحجر الفص بها محراب وستة شبابيك نحاس دائرة مفروشة بالرخام بوزرة رخام دائرة منقوشة ملمعة بالذهب بها مدفنان برسم الأموات  " ، كما ورد أيضًا " قبة معقودة علوها بالحجر سفلها ست فساقى برسم دفن الأموات وبصدرها محراب " .


وقد تكون القبة مكان للإستمتاع صيفًا أو شتاءًا فقيل " قبة شتوية تحوى إيوانًا ودورقاعة " ، و " قبة صيفية تشتمل على إيوان ودورقاعة بها ثمانية أبواب " ، كما يُستخدم لفظ القبة للدلالة على نوع من التسقيف فقيل " مرحاض تعلوه قبة خشب " ، و " تعلو مسلخ الحمام قبة خشب " .


المراجع العربية :

- أحمد عيسى : مصطلحات الفن الإسلامي ، استانبول ، 1994 م


- أحمد عبد الرازق أحمد : العمارة الإسلامية فى مصر ، منذ الفتح العربى حتى نهاية العصر المملوكى ، 2009 م


- حسنى نويصر : العمارة الإسلامية في مصر ( عصر الأيوبيين والمماليك ) ، القاهرة  ، 1996


- حسام الدين مصطفى النور : دراسة تحليلية مقارنة للثوابت والمتغيرات فى العمارة الفرعونية والعمارة الإسلامية ، رسالة دكتوراة ، كلية الهندسة ، جامعة عين شمس ، 2005 م


- عاصم محمد رزق : معجم مصطلحات العمارة والفنون الإسلامية ، القاهرة ، 2000م


- فريد شافعى :  العمارة العربية في مصر الإسلامية ( عصر الولاة ) ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة 2002


- كمال الدين سامح : العمارة الإسلامية فى مصر ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1991 م


- كمال الدين سامح : العمارة في صدر الإسلام ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة ، 1994


- محمد محمد أمين ، ليلى على إبراهيم : المصطلحات المعمارية فى الوثائق المملوكية ، القاهرة ، 1990م


- محمد حمزة إسماعيل الحداد : المدخل إلى المصطلحات الفنية للعمارة الإسلامية ( فى ضوء كتابات الرحالة المسلمين ومقارنتها بالنقوش الآثارية والنصوص الوثائقية والتاريخية ) ، القاهرة 2008 م


- محمد عبد العزيز مروزق : مساجد القاهرة قبل عصر المماليك ، مطبعة عطايا ، القاهرة ، 1942


- يحيى وزيرى : موسوعة عناصر العمارة الإسلامية ، القاهرة 2005 م


المراجع المعربة :


- إرنست كونل : الفن الإسلامي ، دار صادر ، بيروت ، 1966


- ستانلى لينبول : سيرة القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1979


- ك .أ . س . كريزول :الآثار الإسلامية الأولى ، دمشق ، 1984


- ولفرد جوزف دللى : العمارة العربية بمصر ، ترجمة محمود أحمد ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2000م


المراحع الأجنبية :


Andrew . petersen., Dictionary of islamic architecture ,london and new york , 2002


Doris, Behrens-Abouseif., islamic architecture in cairo, an introduction,the american university in cairo press , 1998
 
E. Prisse d`Avennes., islamic art in cairo , the american university in cairo press , 1999

google-playkhamsatmostaqltradent