recent
موضوعات

دير القديس أبوللو وروائع الفن القبطى

دير القديس أبوللو : 

يقع غرب قرية باويط في حضن الجبل الغربي ، وقرية باويط إحدى قرى مركز ديروط – محافظة أسيوط ، وتقع إلى الغرب من مدينة ديروط بحوالي 15 كم ، يحدها من الشمال قرية دشلوط ، ومن الجنوب قرية عواجه ، ومن الشرق أرض زراعية ومن الغرب الجبل الغربي ، ويقع هذا الدير على حافة الأراضي الزراعية ببلدة باويط و يمتد على مسافة 930م من الشمال للجنوب وحوالي 410م من الشرق إلى الغرب ( مساحته حوالى 42 فداناً) . 
و يُعّد دير القديس أبوللو من المناطق الأثرية المهمة فى تأريخ الفنون والعمارة القبطية ومسرحًا مفتوحًا للدراسات العلمية المتخصصة ، واشتهرت باويط بما وجد فيها من آثار قبطية عظيمة من العصر المسيحى المبكر وما كان فيها من أديرة ، فقد جُمعت آثار قبطية غاية في الأهمية من تلك المنطقة ، ونُسّقت قاعة فسيحة بالمتحف القبطى تحمل اسمها .
وجميع آثارها من الأفاريز والأعمدة والتيجان والواجهات والبوابات من الحجر المنقوش باتقان ومهارة ، تعتبر  آية في فن النحت من حيث الإبداع والدقة والبراعة ، وكانت توجد قاعة اخرى من أثار تلك المنطقة وتحمل اسم بلدة باويط أيضا تزين احدى قاعات متحف اللوفر بباريس بقسم الآثار المسيحية .  
و يمثل هذا الدير مراحل فنية وتاريخية لتطور العمارة والفنون القبطية ، بصفته أحد المواقع المهمة  لبداية للحركة الرهبانية حيث تجمع الكثير من الرهبان حول معلمهم الروحى الذى سكن بعض المغارات التى تتوسط واجهة سطح الجبل الغربى بمنطقة باويط ، ومن المعروف أنّ تطور العمارة الديرية فى مصر خضعت للإحتياجات الروحية ولنوعين من الرهبان ، المتوحدين ، والشراكة ، فهناك الراهب المتوحد الذى يذهب إلى مقبرة أو سرداب أو مغارة  . 

 القديس أبوللو (سنة 385-  395 م ) :   

اعتزل العالم وهو فى الخامسة عشرة من عمره ، وقضى أربعين عاماً فى البرية ، ثم سكن مغارة صغيرة عند سفح الجبل الغربى ، واستقر هناك  حتى أسس تجمعاً رهبانياً كبيراً وهو فى الثمانين من عمره ، و كان أباً لخمسمائة راهب ، وذاعت شهرته فى طيبة والمناطق المجاورة .

 تاريخ الدير : 

 ذكرت الوثائق والمخطوطات المكتشفة بأن القديس أبوللو أسس تجمعين للرهبان بباويط فى موقعين مختلفين الأول أسفل سفح الجبل الغربى ، والثانى هو تتكو( Titkooh) وهذا الموقع غير محدد بالضبط ومجهول الهوية ،  و هناك الكثير من البرديات التى تدل على أنه يوجد دير للأنبا أبوللو بجبل " تتكو " .
فيوجد بردية تتضمن ثلاثة عشر سطراً ، وحاشية علوية ، كتب بأحدى وجهيها فى بدايتها الراهب من المجمع المقدس بدير أنبا أبوللو على جبل تتكو، و" تتكو " هى كلمة قبطية ، أما اليونانية فتكتب (titkios) ، وحسب ما جاء فى البرديات فهذا الدير يقع فى باويط ولكنه غير محدد موقعه تماما ، وفى مخطوطة قبطية ذكر اسم دير أبوللو بتتكو فكتب بها الراهب "فلان " من دير أنبا أبوللو على جبل تتكو  . 
وهناك بردية أخرى تحت رقم p.Med.  coptoinv. 76021 بالمتحف البريطانى أبعادها 64 ميلليمتر عرض ، 203 ميلليمتر طول تؤرخ بالقرن السابع الميلادى ، كتب على الوجه سبعة أسطر ،وعلى الظهر كتب سطر واحد ،وهى عبارة عن تعهد من سيدة تسمى ( pia بيا ) بأن تدفع دينها فى الوقت المحدد إلى أنبا أنوك راهب دير أنبا أبوللو على جبل تتكو .
ونصها : " أنا pia ابنة Dioskre  من Tahrouj أكتب إلى أنبا أنوك الراهب بدير أنبا أبوللو بجبل تتكو ، أنا مدينة لأبوتك الطاهرة وعدم تقصيرك معى أنا مستعدة لدفع دينى فى بداية شهر أمشير من هذه السنة وأسدد الدين بدون حكم محكمة أو قضاء أو تقصير ، أنا pia ابنة…. Dioskr " . 
ويذكر الرحالة بلاديوس فى كتابه بستان الآباء أن الأنبا أبوللو اجتمع حوله خمسمائة راهب تحت قيادته فى القرن الرابع الميلادى بالجبل الغربى بباويط  ، وتقع المنطقة ( peschg- Epohe ) وهو الاسم القبطى لباويط وهى بالجبل الغربى المنسوب اليها ، حيث ذكر أميلينيو أن بولص الأنصاوى سار حتى وصل إلى هذا الجبل ودخل مغارة فى غربيه ، وقال أملينيو أن هذه المكان يقع بديروط غرب النيل وليس لها أثر اليوم  .
وفى نص أخر لكتابات ( Rufinus ) باليونانية الذى تحدث فيها عن تاريخ الأديرة بمصر جاء ذكر أبوللو أثناء الحديث عن رحلة الحج فى شتاء عام 394م - 395 م من قبل الآباء والنساك المصريين أنّ أبوللو من هرموبوليس ماجنا ( الأشمونين حالياً) ، كما جاء ذكر أبوللو عند الحديث عن حياة القديس بولا الطموهى الذى زار القديس أبوللو ولكن دون تحديد دقيق للمكان  . 
كما ذُكر فى كتاب التاريخ اللوزياكى ( Historia Lausica ) أنّ الأنبا أبوللو سكن فى مقبرة ( مغارة ) بالقرب من ديره ،وفى خرائط مصر التى رسمت فى منتصف القرن التاسع عشر الميلادى توجد منطقة تسمى دير Titkooh)) وهذا الدير هو ضمن أديرة أنبا أبوللو التى أسسها ولكنه اندثر  .

 وفى قطعة من بردية محفوظة بالمتحف البريطانى تحت رقم "12 " Christies ، أبعادها طول 4،5سم ، عرضها 8 سم تؤرخ بالقرن السابع الميلادى مكونة من أربعة أسطر وهامش كتب فيها " أنا الأخ (فلان ) من دير أبوللو من منطقة راكوتى  Rakote  ……….رهبان .............من نفس الدير ........" وهذا يعنى أن هناك دير أخر للأنبا أبوللو أو أنه اسم لموقع قرب دير القديس أبوللو فى باويط  .
وكان للقديس أبوللو أخ روحى يدعى بترا ( Petra ) ترهب قبل القديس أبوللو بفترة ، ثم ذهب أبوللو ليترهب معه ويكرس حياته لخدمة الرب ثم ذهب فيب ليصبح راهبا هو أيضا وعاش مع كل من بترا وأبوللو ، وبعد أن تعلموا من القديس بترا الحياة النسكية والصلاة وترتيب اليوم ، أخذهم إلى منطقة تسمى تتكو (Titkooh ) .
وخلال القرن السادس والسابع الميلادى وهى الفترة التى وصل فيها الدير إلى قمة إزدهاره ، أُنشىء تجمعاً رهبانياً للسيدات اللاتى رغبن فى ترك العالم والزهد عنه ، والتفرغ لحياة الصلاة فوق قمة الجبل ، ليحجبهن عن أنظار أى شخص سواء اللصوص أو المسافرين أو الرهبان ، وجعلت عليهم القديسة راشيل  لتقودهم وتدبر احتياجات أخواتها ، ومنعهن من النزول من الجبل والخروج من الدير تحت أى ظرف ، وقد وجد رسم جدارى من الفرسكو للقديسة راشيل يؤرخ بالقرن السادس الميلادى  . 
ويحكى مؤلفو كتاب التاريخ الرهبانى لمصر "هستوريا مونا خورم "، أنّهم زاروا قديساً يدعى أبوللو فى مقاطعة هرموبوليس فى طيبة، حيث ذهب المخلص مع مريم ويوسف إتماماً لنبوءة أشعياء التى تقول " هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه وستسقط على وجوهها . 
وإنّ هذا الرجل كانت له مناسك تحت اشرافه فى البرية عند سطح الجبل الغربى ، وكان مشهورا ً فى المناطق المحيطة به ، وتُعزى اليه أعمال عظيمة ، وأجرى الله بواسطته عجائب كثيرة ،وتمّم آيات كثيرة على يديه ،ونال فى نهاية حياته النعمة حيث أسس ديراً عظيماً لخمسمائة رجل كاملين ،وعندما كان عمره خمس عشر سنة اعتزل العالم وقضى أربعين سنة فى البرية يمارس بتدقيق كل فضيلة وكان ذلك زمن الملك الرومانى الطاغية يوليان  .
حيث عاش فترة طويلة فى البرية المجاورة فوق سطح الجبل ، ثم سكن فى مغارة صغيرة  ، وأسس ديره عند سفح الجبل وسكن البرية المتاخمة للمنطقة المسكونة ، وعاش بقوة الروح مجرياً الآيات والعجائب والمعجزات ، وصار القديس بسرعة مشهوراً كنبى جديد وكرسول اقيم لجيلهم ، وعندما ذاع صيته جاء اليه عدد كبير من الرهبان الذين كانوا يعيشون متناثرين فى مناسك مشتتة أعلى سطح الجبل للإنضمام اليه واهبين نفوسهم له كأب حقيقى .
وقد دعا بعضهم إلى التأمل ، وأمر آخرين أن يطبقوا على نفوسهم فضيلة عملية ، وفى الحقيقة كان يُظهر لهم معنى النسك وكان غالباً ما يأكل معهم أيام الآحاد فقط ، وقد احتشد حوله رهبان كثيرون من كل ناحية بسبب شهرته ، واستلهموا تعاليمه وطريقة حياته ، حيث هجر عدد هائل العالم وتشكلت جماعة من الأخوة حوله فى الجبل الغربى جميعهم يشتركون فى حياة مشتركة ، ويأكلون على نفس المائدة .
وكان يمكن للمرء أن يراهم يبدون مثل جيش من الملائكة الحقيقين يزدادون فى نظام الكمال، ويرتدون ملابس بيضاء محققين فى حياتهم الخاصة نص الكتاب المقدس القائل " ابتهجى أيتها البرية العطشى ، ترنمى أيتها العاقر التى لم تلد ، أشيدى بالترنم أيتها التى لم تمخض لأن بنى المستوحشة أكثر من بنى ذات البعل" (أش 45 : 1 ) ، وقبل ذلك بوقت ما كان القديس أبوللو يعيش فى مغارة فى الجبل مع خمسة من الرهبان ، وكان هؤلاء هم أول تلاميذه  .
ويُشير مؤلفو كتاب هستوريا موناخورم " التاريخ الرهبانى " أنهم عندما زاروا القديس أبوللو كان راقداً على الأرض ، ثم نهض وأدخلهم ، وصلى من أجلهم ، وغسل أرجلهم بيديه ، ثم دعاهم لتناول بعض المنعشات ، وهو يفعل ذلك مع كل من يأتون لزيارته ،وأولئك الذين كانوا يعيشون معه ما كانوا يتناولون طعاماً ما قبل أن يشاركوا فى الإفخارستيا ، ويتناولون منها ثم بعد ان يأكلوا يجلسون يستمعون إلى تعاليم الأب عن سائر الوصايا إلى الساعة الأولى من الليل .
وعندئذ يخرج بعضهم إلى البرية ، ويتلون الكتاب المقدس ، ويظل الباقون حيث هم يعبدون الله بتسابيح لا تنقطع إلى مطلع النهار،وكثير منهم ينزلون من سفح الجبل وعندما يتناولون من الإفخارستيا ينصرفون فى الحال عائدين إلى أماكنهم ،وكان يلقب بصديق الملائكة أوالمساوى للملائكة  . 
وكان أبوللو قد اعتزل الحياة إلى كهف بالقرب من المنطقة يقال أن العائلة المقدسة قد اختبأت فيه أثناء هروبها إلى مصر ،وعندما توفى هذا القديس سنة 395م كان له من الرهبان الأتباع قرابة 300 راهب ، ومع ازدياد عدد الرهبان توسعت هذه الرقعة مع مرور السنين فشيَّدت من حولها الكنائس ، وعلى ما يبدو أنه يوجد رباط بين بعض رهبان دير المحرق والأنبا أبوللو صديق الأنبا باخوميوس أب الشركة المؤسس للأديرة الباخومية فى القرن الرابع الميلادى . 
ومن الصعب تحديد تاريخ هجر هذا الدير ، ويفترض"  كليدا " أن الجلاء النهائي قد حدث بعد القرن الثاني عشر الميلادي ، وهذا الرأي يسانده أيضاً الباحث " تورب " أما الشيخ " أبو صالح الأرمني " الذي كتب مؤلفه في بداية القرن الثالث عشر الميلادي فإنه لا يشير إلى هذا الدير  .
ويُعد دير القديس أبوللو بباويط مسرحاً لدراسة الفن المصرى المسيحى ، فقد أُجريت فى هذا الموقع أعمال الحفر الأثرى سنة 1901م وحتى سنة 1913م من قبل بعض الأثريين الفرنسيين، وتم نقل الكثير من القطع الأثرية المنحوتة والصور الجدارية وبعض الأيقونات الخشبية النادرة إلى متحف اللوفر بباريس،حيث صممت قاعة باسم باويط خاصة بالآثار القبطية ، يُعرض بها مستخرجات الحفائر التى تمت فى بداية القرن العشرين ونقلت إلى فرنسا .

 الوصف : 

تَشَكل تجمع باويط فى البداية خلال القرن الرابع الميلادى من قلالى الرهبان التى انتشرت على مسطح الجبل الغربى،حول مغارة أبيهم الروحى القديس أبوللو،مشتركين جميعاً فى أمور الحياة الرهبانية ، ويجتمعون معاً فى وقت واحد لتناول الطعام على مائدة واحدة، فقد أسس أبوللو ديره على نظام حياة الشركة، ويظهر هذا واضحاً من خلال الآثار التى تم الكشف عنها بدير باويط . 
ولكن مع بداية القرن السادس الميلادى أخذت عمارة المنطقة مرحلة جديدة تحولت من انتشار القلالى حول الأب الروحى على قمم الجبال إلى إقامة الرهبان جميعهم داخل مؤسسة ديرية ضخمة ، كذلك ظهر تجمع الراهبات بالمنطقة ، وتوحدوا جميعاً تحت اسم القديسة راشيل ، وأقاموا فى دير بأعلى نقطة بالمنطقة خلال أواخر القرن السادس الميلادى ، وفى تلك الفترة وصل عدد الرهبان فى هذه المنطقة إلى خمسة آلاف راهب أثناء زيارة الأب دانيال فى تلك الفترة . 
وكان النمط الأكثر اعتيادًا للرهبان هو السكن داخل قلالى صغيرة مبنية من الطوب والملاط بغرفة واحدة ومن الممكن غرفتين ، مثل هذه القلالى يمكن بناؤها فى يوم واحد والى جانب هذه القلالى البسيطة التى كانت متناثرة كانت هناك مبانى أكثر استمرارية لمجموعات من الرهبان من تلك المنطقة ، ومن هذا المنطلق نجد أن سمة تكوين مفهوم معمارى خلص للرهبان قد انبثق بالضرورة من خلال موروثها الحضارى القديم .
وإن كانت هناك عوامل اخرى ساهمت فى ذلك مثل العامل الإقتصادى الذى ارتبط بالرهبان ،فى الاتجاه إلى حالات الزهد والتقشف والبعد عن المغريات المادية والإنغماس فى الروحانيات، فقد ترك ذلك أثره على العمارة الديرية وبالتالى أصبحت خاصية مميزة فى بناء حجرات صغيرة بالطوب اللبن  .

وهو الشكل الذى عرف باسم القلاية والذى يتخذ من القبة سمة أساسية وهو الشكل الشعبى المحبب للعمارة الديرية فى مهدها وربما امتدت حتى القرن السادس ، ونلاحظ انّ القلاية فى تكوينها العام تشبه المقبرة المبنية فالراهب كان يعتبر نفسه قد مات عن العالم الدنيوى وبالتالى فإن المقبرة هى المثوى الأخير له . 

تلك العناصر والأساليب البدائية يمكن الإستدلال عليها فى اصول العمارة الديرية فى مصر داخل معظم الأديرة الكبرى التى قامت فى الأصل على حجرة منفردة او بجوار مغارة أو حول مقبرة قديمة وقد أحاطو تلك المبانى بسور لحمايتهم وأقاموا كنيسة كبرى فى وقت لاحق لإقامة الإجتماعات والصلوات وهو المفهوم الذى يوضح أن النظام الإنفرادى كان الأصل.
وعندما ظهرت الشراكة والتجمعات الرهبانية احتاجوا إلى مفهوم جديد فى تطور عمارتهم الديرية حتى أنهم وصلوا إلى مجتمع شبه منعزل عن العالم . وانتشرت فى باويط مجموعة عشوائية من الحجرات حيث مرت بمراحل متعددة من التطور المعمارى منذ القرن الخامس الميلادى فالتخطيط الأولِّى للحجرات كان يضم كنيسة صغيرة قوامها محراب بداخل غرفة الراهب ، فالحجرة تحتوى على محراب ( حنية ) للعبادة ، ومكان لقضاء الحاجة ، ومكان للنوم ، ولها مدخل واحد .
وفى بعض الحجرات كانت تزود نافذة للإضاءة والتهوية ، وهذا الإتجاه المعمارى يوحى بأن هذا المكان بدأ انفرادياً ، وعندما حدث تطور لاحق اتجهت الحجرات إلى التصميم الجماعى ( الشراكة ) ، وهناك الكثير من الاكتشافات التى تدل على أن باويط تخضع للرهبنة الباخومية إلى جانب الرهبنة الفردية المنعزلة ، فقد كشفت الحفائر عن وجود قلالى خارج سور الدير فى الصحراء والمنطقة الجبلية غرب الدير .
كما توجد منشوبيات هى سكن للرهبان ، والمنشوبيات أشمل وأعم وأكبر من القلاية التى داخل الدير ، كما أن المنشوبية تكون خارج الدير وليس داخله ، والمنشوبية هى كلمة قبطية معناها بالعربية بيت الراهب فالراهب المتوحد يسكن مغائر الجبال لكن فى المناطق الرملية التى لا يوجد بها جبال ومغائر ، فيبنى الراهب المتوحد لنفسه بيتا ًصغيراً فى الصحراء ، ويجب ألا تقل المسافة بين منشوبية وأخرى عن عشرون مترا .

 الحفائر الفرنسية : 

العالم الفرنسي كليدا والآثري شاسينا هما أول من قاموا بعمل  حفائر في  المنطقة وذلك عام 1901م واستمرت اعمال الحفائر حتى عام 1905م ، و واصل من بعده شاسينا أعمال الحفائر وعثر على الكثير من البوابات والأفاريز المعروضة حاليا بمتحف اللوفر بباريس ، ثم جاء العالم ماسبيرو سنة 1913م وعثر على مجمع سكني من الناحية الشمالية الغربية  ومنها ما هو معروض فى المتحف القبطى .

 تم إعادة الحفر بالكوم الأثري بباويط وفقا لاتفاقية العمل المشترك بين متحف اللوفر بباريس والمعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية والمجلس الأعلى للآثار وتولت بعثة متحف اللوفر بباريس الحفائر من عام 2003 حتى عام 2007م ، ثم واصل المعهد العلمى الفرنسى للآثار الشرقية أعمال الحفائر بالمنطقة برئاسة السيدة جيزيل حادجى ميناجلو  .

الكنيسة الشمالية : 

وهى عبارة عن مساحة مستطيلة الشكل يبلغ طول ضلعها من الشرق الى الغرب 18.60م وعرضها من الشمال الى الجنوب 10.50م وقد قسمت الى ثلاث خوارس (بلاطات) اكبرها اوسطها مقسمة عن طريق صفين من الاعمدة كل صف منهم مكون من ثلاث اعمدة  من الحجر الجيرى ذات قواعد مربعة وتيجان كورنثية، وهى على الطراز البازيليكى.

وقد تلاحظ ان هذه الأعمدة كانت شاهقة الارتفاع تصل الى7متر وتعتبر مبانيها اقل جودة وقد استخدم فيها الطوب الأحمر واللبن وتتناثر أجزاء من الأعمدة الحجرية فوق أرضية الكنيسة عليها رسوم آدمية تمثل  القديس مار جرجس وكذلك رسم للقديس بطرس وآخرى للنبي داود وزكريا ممسكا بيده مبخرة والملاك غبريال. 

كما عثر على تاج عمود بارضية الكنيسة هو التاج الوحيد الباقى من تيجان الاعمدة ، و ويزخرفه أوراق الأكانتس المحورة ويشبه هذه التاج أخر محفوظ بالمتحف القبطى بالقاهرة  ، وقد عثر أيضا على مجموعة من قطع الأخشاب عليها زخارف نباتية وهندسية.

الجزء الشمالي صالة رقم ( 7 ): 

كان يُزين جدرانها الشمالية والجنوبية والغربية زخارف وصور جدارية منفذة بطريقة الفرسكو  تمثل السيدة العذراء والمسيح الطفل ،وعدد من الموضوعات الدينية المقدسة مثل صورة تمثل حلم يوسف ، ميلاد المسيح ، تقديم المسيح للمذبح،المجوس ، والرعاة،وموضوعات  تمثل أنبياء العهد القديم جميعها غير مكتملة بعضها فاقد الجزء العلوي والبعض فاقد الجزء السفلى يمثلون انبياء العهد القديم يحمل كل واحد منهم صحيفة، أو درج ، أو نبوءة  لظهور المسيح .

وصورة تمثل ثلاثة اشخاص جالسين فوق اريكة تمثل القديس أبوللو والأنبا فيب والأنبا انوب ،و هذه الصالة  يزخرف بعض جدرانها أشكال هندسية عبارة عن معينات متقاطعة ومتشابكة تحصر فيما بينها متقاطعة ومتشابكة تحصر بينها شكل نباتي بداخله شكل صليب تنتهي أطرافه بزخرفة نباتية  .
كما تم العثور على قطعة من الخشب تمثل ايقونة كاملة وسليمة ترجع الى القرن السابع الميلادى  من الخشب منفذة بالحفر البارز والغائر  تمثل الملاك ميخائيل وهو يحمل سيفاً ، ودراعاً ، يقف داخل حنية ذات عقد نصف دائرى محفوظة بالمتحف القبطى بالقاهرة ، كما تم العثور على قطعة اخرى من الخشب عبارة عن ايقونة بالحفر البارز تمثل الملاك جبرائيل يمسك بيده اليمنى عصا طويلة ترمز الى القوة ويحمل في يده اليسرى اسطوانة تمثل قبة السماء وتم ايداعهم بالمتحف القبطى.

الكنيسة الجنوبية : 

تم العثور فى أطلال الكنيسة على الكثير من الأعمدة الحجرية والقطع الحجرية المنحوتة والمزخرفة بالأشكال والأوراق النباتية ، كماعثر على بعص القطع الحجرية عليها كتابات قبطية  ، وبعضها تحمل كتابات يونانية ، كما عثر على تاج عمود على هيئة زهرة البردى ، وكذلك جزء من عمود من الحجر الجير وبعض الأفاريز الحجرية المزخرفة بالحفر البارز ، وأفريز حجرى مزخرف بزخرفة على شكل فرع نباتي يخرج منه ثلاثة أوراق نباتية وهى مكررة ومنفذة بالحفر البارز،وعثر على كتير من الأوانى الفخارية ، والعملات ، و الفريسكات  التي ترجع الى القرن السادس والسابع الميلادى

الصور الجدارية فى دير القديس أبوللو : 

لقد زينت جدران المبانى بزخارف الفريسكو حيث زخرفت حنايا وجدران الهياكل الداخلية والأعمدة بمناظر مستمدة من القصص الدينى لشخصيات من الكتاب المقدس لأنبياء العهد القديم ، وصور المسيح والعماد ، وقديسون ورهبان ،وكانت أكثر الشخصيات ظهورًا الأنبا أبوللو ، والأنبا إرميا ، والأنبا أنوب ، وفيب . 
وشرقية باويط المحفوظة بالمتحف القبطى وترجع إلى القرن السادس الميلادي وهى تمثل السيد العذراء تحمل المسيح وحولها اثنى عشر رسولا وقد نزعت هذه الشرقية من المجمع السكنى الذى عثر عليه العالم الفرنسى ماسبيرو فى عام1913م . 

وصورة تمثل القديس أبوللو والأنبا فيب وأنوب وهم يجلسون على أريكة ومحفوظة بالمتحف القبطى ، كذلك صورة تمثل السيد المسيح وحول رأسه اكليل يمسك به اثنان من الملائكة ، وصورة تهكمية عبارة ثلاث فئران تقف على ارجلها الخلفية امام قط وهى محفوظة بالمتحف القبطى .
  بالإضافة إلى الكثير من الأيقونات الخشبية الرائعة المحفوظة ببعض المتاحف العالمية ومنها متحف اللوفر بباريس مثل ايقونة  السيد المسيح يضع يده على كتف القديس  مينا  ، وأيقونة القديس آبرام  .
كذلك الكثير من الأفاريز وتيجان الأعمدة التي تمثل مدى ما وصل إليه فن النحت القبطى من تقدم وروعة واتقان  ،مثل بوابة كاملة تتكون من عمودين يزخرفهما أشكال زجزاجية  ، ويتوجهما تيجان كورانثية يرتكز عليهما عتب خشبى  يعلوه عقد نصف دائرى مزخرف بأشكال نباتية وهندسية غاية فى الروعة والجمال والدقة ،وهى محفوظة فى متحف اللوفر بباريس .                                   

المراجع :

- إصدار دير السيدة العذراء بالمحرق : جبل قسقام ، الطبعة الثانية ، 1995 
- رءوف حبيب : تاريخ الرهبنة والديرية في مصر وآثارهما الإنسانية على العالم ، مكتبة المحبة .
- رمزى (محمد) : القاموس الجغرافى للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة (1945)، القسم الثانى، البلاد الحالية، الجزء الرابع، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1994       
- عزيز سوريال عطية : تاريخ المسيحية الشرقية ، المجلس الأعلى للثقافة ، 2005     
 
- عماد عادل ابراهيم : مناطق التجمعات الرهبانية بمحافظة أسيوط ، رسالة دكتوراه  ، جامعة أسيوط ،2015  

- عزت زكى حامد قادوس : الآثار القبطية والبيزنطية ، الطبعة الثانية ، مطبعة الحضرى ، الإسكندرية ، 2002

- نشأت حسن محمد جابر : أيقونات كنائس وأديرة محافظة أسيوط فى القرنين 18 ، 19، جامعة أسيوط ، 2016 

المراجع الأجنبية :


- Amelineau , E., monuments  pour server a l`histoire de l`egypte chretienne , paris and Leroux ,1888- 1895,  p 759 
- Badawy, A., Coptic art and Archaeology : the art of the Christian Egyptians from the late antique to middle ages .MIT press
- Benazeth,  Dominique.,Bulletin de la societe  D` acheologie copte, Tome XLIII, le caire, 2 - Benazeth, Dominique.,  Baouit: une eglise copte au louver, collection solo 18. paris,2002   
 - - Boutros, Ramiz., Baouit Mission  du louver  TFAO, Bulletin  de  L`institut  Francais D`Archeologie Orientale, Tome 105 Extrait, Le Cairo, 2005, p.  14 
- Chassinat (Emile) : Fouilles `a Bauit 11 ,  Notes mises en ordre ,argmentees et editees par Dominique Benazeth et Cedric Meurice, MIFAO134 ,2019..
- Cledat (Jean): le monastere et la necropole de baouit ,notes mises en oeuvre et editees D. benazeth et M. H Rutschowscaya, MIF A O 111,Le Cairo,1999
- Maspero(J): Fouilles executes a baouit ,in MIFAOLIX ,1932
- Mikhail,Magad  S.A.,  Moussa, Mark., Christianity and monasticism  in wadi al natrun : essays from the 2002 international symposium of saint mark foundation and the saint shenouda the archimandrite Coptic society , American university in cairo press
  - - Melville , Gert , muller , Anne ., female" vita religiosa Between late antiquity and the high middle ages : structures , developments and spatial contexts . LITverlag munster, 2012
- Sara jonne Clackson., coptic document relating to the monasteriesof apollo at bawit and titkooh,PH,D .institute of archaeology university college, London ,2004
- Otto menardes ., Christian egypt coptic art  and monument through tow millennia , 2002
- Torp, H., Murs d`encinte des monasteries coptes primitifs et couvents- forteresses, melangesd`archeologie et d`histoire, 1964
google-playkhamsatmostaqltradent