أصل اللغة القبطية :
هى
شكل جديد من الكتابة المصرية القديمة ، وبعد دخول اليونانيين مصر استخدم المصريون الحروف اليونانية فى كتابة
النصوص المصرية ، وتبين أنّ اليونانية تفتقد بعض الصوتيات القديمة ، فاستخدموا
سبعة حروف من الديموطيقية ، لذلك فإنّ اللغة القبطية هى المرحلة الأخيرة من اللغة المصرية القديمة ، مكتوبة بحروف يونانية تضم سبعة حروف
ديموطيقية .
ومنذ سنة (451م) كان الأقباط قد قطعوا علاقتهم بالكنيسة اليونانية ، وأخذ طابعهم المتميز ، وتفكيرهم الخاص يظهر
فى آدابهم منذ ذلك العصر ، وأصبحت السيادة للغة القبطية منذ أواخر العصر البيزنطى
حتى صدر الإسلام ، فقد كانت هى لغة الكنيسة ، والدولة ، والشعب جميعاً .
وزاد فى
تدعيم مركزها فى القرن السابع الميلادى أنّ العرب بعد دخولهم مصر استغنوا عن
كثيرين من الروم فى أعمال الدواوين ، و ولّوا بدلاً منهم عمالاً من القبط . حتى
أصدر الوالى عبد الله بن عبد الملك سنة (706 م) أمراً باستخدام اللغة العربية فى كل شئون الدولة بدلاً من اللغة القبطية .
وقد ظهر الكثير من الوثائق المدونة باللغتين
العربية والقبطية جنبا إلى جنب، وظل الحال عدة قرون ، ومع ذلك ظلت اللغة القبطية
مستخدمة كلغة الحديث ، وفى الطقوس الكنسية حتى القرن الثالث عشر ، عندما ظهر علماء
محليون قاموا بوضع أجرومية باللغة العربية
للسان القبطى ، كما ظهرت معاجم عربية وقبطية للمساعدة على الحفاظ على هذه اللغة
القديمة .
وبمرور الوقت أخذ اللسان القبطى
فى الانزواء إلى صعيد مصر ، ويلاحظ أنّه
حتى القرن الثالث عشر الميلادى كان الكثير من القبط يجهلون اللغة العربية ، ولكى يسهل عليهم نطقها
كان يدونونها بحروف قبطية .
ويبدو هذا الواقع من مذكرة الفنان ثيئودورس
بالدير الأبيض سنة (1124م) ، والنقوش المتبقية فى أسوان سنة (1173 م) ، وكلمات
الفنان مرقوريوس بالدير الأحمر سنة (1301 م) ، والنقوش على جدران دير القديس سمعان
سنة (1318 م) ، فى حين نجد أنّ الكتابة المخطوطة فى دير كوم أمبو هى قبطى - عربى
بتاريخ (1337 م) ، وهناك إهداء قبطى - عربى فى دير الأنبا بولا سنة (1713 م) .
ويقول
المقريزى إنّ أغلب أديرة الصعيد فى القرن الخامس عشر كانت على معرفة بالقبطى
الصعيدى ، وهو أصل اللغة القبطية ، وبعدها اللغة القبطية البحيرية ، ونساء الصعيد وأولادهم يتكلمون بالقبطية الصعيدية ، ويقول ماسبيرو إنّه
من المؤكد أنّ سكان صعيد مصر كانوا يتكلمون ، ويكتبون باللغة القبطية ، حتى السنين
الأولى من القرن السادس عشر.
وفى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر انتهى الكلام
بالقبطية ، ولكنها بقيت لغة الكنيسة تستخدم فى الصلوات ، وقراءات الكتب المقدسة ،
ويعرفها بعض الأفراد من الأقباط فى الأديرة والمدن ، وكان من الطبيعى على أثر تحول
الأقباط إلى اللغة العربية أن ازدهرت الدراسات اللغوية، ونشطت حركة الترجمة من
التراث القبطى العريق إلى العربية ، ثم لم يلبث الأقباط أن وضعوا إنتاجهم الفكرى
والثقافى باللغة العربية ، وهكذا أدت حركة التعريب إلى مزيد من التفاعل الحضارى
بين الثقافة العربية والقبطية .