recent
موضوعات

الزخارف النباتية و رمزيتها فى الفنون المسيحية



الزخارف النباتية فى الفنون المسيحية :


تُعد الزخرفة النباتية من المقومات الأساسية فى العناصر الزخرفية منذ أقدم العصور ، فقد عرف المصريون القدامى والأشوريون فكرة اقتباس هذه العناصر من الطبيعة لتزيين المسطحات المراد تنميقها ،واستخدمت فيها أوراق العنب،وأغصان الزيتون، والأزهار وبعض الثمار ، حيث نجد الفنان القبطى قد جرد بعضها من أشكالها الواقعية .


وجعل من بعضها عبارة عن فروع ،ووريقات ثلاثية ،أوخماسية محورة وزهور، ووريدات منتشرة بالصورة ،كما تأثرتصوير بعض النباتات بالبيئة المحلية،حيث استخدمت بعض الرسوم النباتية المستوحاة من البيئة المحلية ، واقتبس الفنان القبطى الكثير من النباتات أو الزهور ، من الكتاب المقدس ،إلى جانب جعل نبات معين أو زهرة بعينها إشارة ضمنية لشخصية مقدسة أوفضيلة ما.  
 

الزهور المتعددة البتلات : 


عبارة عن زهور رباعية الشكل وهى فى الأصل زخرفة مصرية قديمة ، استمرت خلال العصرين الإغريقى والبيزنطى ، وانتقلت منهما إلى الفن القبطى والإسلامى ، وكذلك الزهور ذات البتلات الخماسية ، والسداسية والثمانية ، وهذه الزهور والزخارف النباتية عبارة عن أوراق عنب خماسية محورة .


يتكون منها تاج العذراء والمسيح ، ووريدات دائرية صفراء اللون ، ووردة ثمانية على هيئة نجمة فوق الكتف وأعلى الرأس ، وورقة نباتية ثلاثية متكررة فى عباءة العذراء ، تشبه ورقة  البرسيم .



واستخدم الفنان زخرفة عبارة عن وردة ثمانى البتلات باللون الأصفر،يتوسطها شكل برعم صغير، تشبه نبات الشمس المعروف باسم دوار الشمس، كما استخدم الفنان " نقولا تاودورى الأورشليمى " أسلوباً زخرفياً جديداً . 

عبارة عن ورقة نباتية مفصصة ، لها ذيل ، بداخلها شكل بيضاوى ، باللون الأخضر ، تكرر فى زخرفة رداء العذراء وجلدة الإنجيل ، ووردة على هيئة طغراء المسيح  ، ومراوح نخيلية محورة ،  ومراوح نخيلية على هيئة القلب . 
ويختلف مؤرخو الفن حول أصول هذا النوع من زخرفة المرواح النخيلية ، فمنهم من يرى أنّها آشورية الأصل ثم اقتبسها الفنانون الفرس واستخدموها ، وذلك اعتماداً على التشابه بين العناصر المجنحة المعروفة التى وجدت بكثرة على تيجان حكام فارس ، ومنهم من يرى أنّها بيزنطية .
 
وتُعد المراوح النخيلية من أكثر عناصر الزخرفة الإسلامية انتشاراّ وتنوعاً ، والشائع فى استخدامها أن تتخذ شكل ورقة نباتية مقسمة إلى قسمين ، تربطهما ساق نباتية .
 

العنب والأكانتس:



يُعد العنب من الرموز المستخدمة كثيراً فى الفن القبطى بداية من القرن الخامس الميلادى ، فهو يرمز إلى الخمر المستخدم فى طقس التناول أثناء القداس ، واستخدم ورقة الأكانتس التى ترمز فى الفن المسيحى إلى السماء . 

وإذا أضيف إليها شكل الصليب فهى ترمز إلى العواصف والأعاصير التى تجتاح  العالم ، من المعروف أنّ ورقة الأكانتس " شوكة اليهود " ترجع إلى أصول قديمة ، حيث عرفها الفن الهلنستى منذ القرن الأول الميلادى ، ثم ورثها الفن الرومانى .


ولكنها ظهرت فيه بصورة أكثر وضوحاً ، كما واصل الفن البيزنطى استخدام تلك الورقة ،ولكنها اتسمت بسمات تختلف بعض الشىء عن نظيرتها فى العصر الرومانى ، فتعددت صورها وتنوعت أشكالها ،وأصبحت من أهم العناصر النباتية التى اعتمدت عليها الزخرفة الإسلامية . 
 

وقد استخدم الفنانون الرومان الكثير من الزخارف الإغريقية ، مثل الثمار، والفاكهة ، كالرمان ، والصنوبر وسنابل القمح ، وأوراق العنب وعناقيدها ، ولعب الأكانتس دوراً رئيسياً مهماً بين تلك العناصر، إذ انتشر استعماله بشكل واسع ، وتدخل فى أغلب الزخارف.


وتميز الطراز اليونانى المستحدث باستخدام ورقة الأكانتس كعنصر رئيس فى الزخرفة ،حيث نفذت فى تيجان الأعمدة الكورنثية بأطوار متعددة ، فكانت ترسم مفردة ،أومع عناصر أخرى ، سواء كانت فى حالة تفتح قريبة من الطبيعة أو بعيدة عنها ،كما رسمت فصوصها على هيئة أصابع رفيعة تشبه ورقة النخيل 



 زهرة الزنبق ( lily ) (  fleur de lis ) :


رمز النقاء والطهارة ، وهى زهرة ارتبطت بالسيدة العذراء الملكة ، وتشير إلى العذرية ، لذلك كانت تُرسم بجوار قديسات شابات استشهدن  أو كرّسن حياتهن للعبادة ، وقد اتخذها بعض سلاطين العثمانيين شعاراً لهم ، وتسمى فى اللغة التركية زهرة اللالا ، ولها أشكال مختلفة ، شاع منها شكلان فى الفن القبطى . 
  
الأول مستدير منتفخ بلون أحمر ، والثانى زهرة صغيرة متفتحة بثلاث بتلات ، وقد ظهرت بعض الفروع باللون الأخضر تنتهى بزهور الزنبق فى يد الملاك غبريال فهى ترمز إلى طهارة العذراء ،ودائماً ما تظهر وتلتصق بصور العذراء مريم والقديسات العذراوات ، ونرى هذه الزهرة فى صور البشارة تضمها زهرية  أو تبدو فى يد الملاك غبريال ممسكاً بها وبهذا كانت صفة من الصفات المميزة  له .


شجر السرو :



ورد اسمها فى الكتاب المقدس " أضع فى البادية السرو والسنديان والشربين معاً " ( أشعياء  41 : 19 ) ، وعُرفت فى الفن الساسانى بشجرة الحياة ، نظراً لدوام خضرتها طوال العام ، وهى الشجرة المقدسة  للإله أوزوريس . 

ويُرمز بها فى التراث المسيحى إلى الموت ، لأنّ من بين أوراقه أوراق سوداء ، إذا قُطعت تنبت مرة أخرى من جذورها ، اتخذها المسيحيون فى مصروخارجها رمزاً للحزن وزينة للقبور، تُستخدم أغصانه أكاليل للموتى ، ويُشير مؤرخو الفنون العثمانية إلى أنّ طولها يُذكّر الأتراك بصعود الروح إلى  بارئها. 


وكثر استعمالها فى الزخارف التركية ، وتعرف بالتركية باسم selvi ، وهى من الأشجار التى تزرع فى الجبانات حتى تُغطّى رائحتها النفاذة على الروائح الضارة المنبعثة من جثث الموتى ، لها مقام خاص عند الأتراك ، فهى رمز الخلود ،وذلك لدوام خضرة أوراقها فى كل فصول السنة .  

وهى بذلك تُعّبر عن الحياة المتجددة الخالدة ، كان الفنان يُراعى دائماً أن يرسمها  فى وضع رأسى ، ورسمها الفنانون فى العصر العثمانى على جدران المساجد وداخل محاريبها ، وعلى السجاجيد والأوانى ،ويربط البعض بين الارتفاع الشاهق لهذه الشجرة وشكلها الذى يُشبه المئذنة مما يُعطيها طابعاً دينياً لارتباطها بالآذان والصلاة ، كذلك يربط بعض العلماء بين هذه الشجرة وبين التطلع إلى المجهول، من حيث ارتفاعها، فهى رمز للكشف عن المجهول.


وقد استخدمها الصوفية فى أشعارهم بمعانى رمزية تشير إلى الصوفى الزاهد الذى يشبه البلبل ، وهو ينشد ، ويرتل ، ويناجى ربه ،وهو فى هذه المناجاة يقف على شجرة السرو ، ومن المحتمل أن يكون اختيار شجرة السرو لارتفاعها الكبير الذى يعتقد الصوفى أنّه يرفعه من عالم المادة، ويقربه إلى ربه ، وهذه الشجرة هى التى تصعد به .


زهرة اللوتس:


ذات الموروث المصرى القديم ، احتلت مساحة كبيرة فى الفن القبطى ، كما أنّها احتلت المكانة نفسها فى الفن الرومانى ، كوحدة معمارية فى بعض المعابد المصرية ، وهى مظهر دائم وثابت لعقيدة هرموبوليس ، وسواء زهرة اللوتس الزرقاء ، أوالبيضاء ، أو اللازوردية ، أوالفضية فإنّ وضع الزهرة حتى الأنف الإلهى فى أثناء الخدمة الإلهية  داخل المعبد  يُعد رمزًا للحياة الشمسية .


كما نجد رأس إنسان يبزغ من زهرة لوتس على بحيرة ماء ، وتقول أنا زهرة اللوتس النقية التى بزغت من إله الضوء ، حارسة أنفاس رع ، حارسة أنف حتحور ،إننى أتقدم واُسرع وراء حورس إننى الكائنة النقية التى أتت من الحقل السماوى ، وكان المعبود " نفرتيم" أكثر ارتباطاً بنبات اللوتس ،فظهر على شكل آدمى يحمل فوق رأسه تاجاً من زهرة اللوتس المتفتحة، تعلوها ريشتان .


وكان الفنان المصرى القديم متأثراً بالفكر الأسطورى والدافع الدينى منذ نشأته ، حتى إنه جاء معبراً فى كل مراحل تطوره عمّا استوحاه من الطبيعة الكونية ، وكل ما حوله من مظاهر البيئة ، فالأساطير المعبرة عن خلق الكون فى ارتباطها بنبات اللوتس تذكر أنّها نبتت من الماء الأزلى ، ويخرج منها معبود الشمس عندما تتفتح زهرتها فى بداية اليوم ، وهو طفل كى  يضىء ظلام  الكون  .


كما ظهرت أعلى رأس الملك توت عنخ أمون ، وفى الرسوم التصويرية ، وانتقلت إلى الحضارات الأخرى فى أشكال مختلفة ،وإلى جانب استخدامها كعنصرزخرفى ، استخدمت كعنصر تشكيلى .

حيث شُكّلت على هيئتها العديد من تيجان الأعمدة ، وقد ظهرت لزهرة اللوتس نماذج عديدة فى زخارف قصر خربة المفجر وزخارف قصر الحير ، ومن المشرق الإسلامى انتقلت كعنصر زخرفى نباتى إلى المغرب والأندلس ، واستخدم الفنان زهرة اللوتس المحورة فى تاج العذراء والمسيح للإشارة إلى الولادة الإلهية وطبيعة المسيح .
 

زهرة البرسيم وأشجار وسعف النخيل :



ظهرت زهرة البرسيم كزخرفة نباتية فى أطراف العباءة الخارجية للسيدة العذراء والمريمات، وهى ترمز إلى الثالوث المقدس ( الآب والابن والروح القدس ) ، وُجدت أشجار النخيل  دائما فى مصر ، منذ أقدم العصور وحتى الآن ، وهى تنمو تلقائياً فى المناطق الصحراوية  .  

وقد ظهرت أشجار النخيل فى الفن المصرى القديم ، حيث رسم الفنان ست أشجار من النخيل ،فى مقبرة( Rekhmara ) "رخميرع "التى تعود إلى الأسرة الثامنة عشر،وتُعد أشجار النخيل من الأشجار المعروفة عند المصرى القديم منذ عصور ما قبل التاريخ .

وكان النخيل يأتى فى مصر القديمة بديلاً عن اللوتس أحياناً عند الوجه القبلى ، كما كان يرمز للشباب الدائم  وطول العمر لنضارته طوال العام ، ولذلك كان يأتى فى منظر عيد السد ، فكان الملك يصور ممسكاً بجذع شجرة النخيل أحياناً ، كما كانت المعبودة الشجرة تمثل وهى تخرج من شجرة النخيل ، وكان يُقدم سعف النخيل كقربان فى بلاد النوبة ، لأنهم رأوه رمزاً لهم  .

وكان يصور نائب الملك حاكم كوش فى المقابر المصرية يُقَدم له أهل النوبة أحياناً سعف النخيل ، ولقد ارتبط عنصر النخلة منذ البداية بالمعتقدات الدينية والبيئة ، فقد ظهر فى بلاد الرافدين منذ القدم ، حيث ترك فنانو الفترة السومرية ، والبابلية ، والأشورية أنماطاً كثيرة .  

منها عنصر النخلة وسعفها ، فتظهر أحياناً بشكلها الطبيعى، وبشكل تجريدى زخرفى ،وكانت عند اليونان ترمز للنصر والتفاؤل ، ولذا كان سعف النخيل يُستخدم لتكوين المعانى نفسها ومن البديهى أن تكون النخلة من الأشجار الشائعة فى الرسوم النباتية ، وذلك لكونها شجرة مباركة .

 فقد ورد اسمها فى عدة سور فى القرآن الكريم وكانت أغصان النخيل تُحمل فى المواكب الاحتفالية للانتصارات ، فهى ترمز للنصر العسكرى والنصرعموماً،وظهرت فى صوردخول المسيح إلى أورشليم .  

كما ظهرت فى رسوم القديسين والقديسات فى دير أبوللو بباويط  ، وهم يمسكون بأيديهم سعف النخيل الذى يرمز إلى الاستشهاد والأبدية بعد الموت ، وكان فرع السعف رمزاً كلاسيكياً قديماً ، وعلامة تدل على النصرة ، وبالنسبة لجماعة المؤمنين الأوائل كان رمزاً للتضحية بالنفس والاستشهاد الذى تجلى فى الموت فى الساحة ، أو على الخشبة ، ومن ثم فهو رمز للحياة الأبدية .


كما عُثر على بعض قطع من الفخار بحفائر دير وادى سرجة بأسيوط ، عليها رسوم لسعف النخيل ، وهى محفوظة بالمتحف البريطانى فى لندن ، وكثر استخدام شجرة النخيل فى الزخارف التركية ، فقد كان لها عند الترك معنى دينى خاص . 

إذ إنّهم يرونها من أشجار الجنة وهى رمز الكفاف ، فإنّ العربى ساكن الصحراء يستطيع أن يعيش على ثمارها وحدها دون غيرها ،ولذلك توجد رسومها فى الأماكن المقدسة ، مثل المحاريب ، والمساجد ، والمقابر ، وسجاجيد الصلاة  .


البرتقال :

يُعّد شجر البرتقال رمز للطهارة ، والسخاء ، ولذلك نشاهده دائما في الصور المرسومة للعذراء مريم ،وتستعمل احيانا شجرة البرتقال بدلا من شجرة التفاح ، وشجرة التين في المناظر المسيحية التي تدل على سقوط الانسان في الخطيئة.  

فاذا رأيناها في مناظر الجنه دلت على سقوط الانسان في الخطيئة وزهرة البرتقال البيضاء تستعمل للدلاله على الطهارة ،ولهذا السبب استعمل أزهار البرتقال في زينة العروس ليلة زفافها .

التفاح :

كلمة تفاح في اللاتينية تستعمل أيضا بمعنى الخطيئة ، وتقول أُسطورة سقوط أدم أن شجرة معرفة الخير والشر التي كانت في جنة عدن التى من ثمرتها المحرمة أكل ادم وحواء هي شجرة التفاح .  

كما يرمز التفاح أيضا الى المسيح وهو أدم الجديد الذي دفن بنفسه خطيئة  أدم و خلصنا منها و لهذا السبب اذا رأينا في الصورة أدم يحمل في يده تفاح فهذا معناه الخطيئة ولكن إن كانت في يد المسيح فهي ترمز الى ثمرة الخلاص .

author-img
نشأت للمعلومات التاريخية والأثرية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent