recent
موضوعات

أسيوط عبر العصور القديمة


الموقع الجغرافى لمحافظة أسيوط 


تقع أسيوط جنوب القاهرة بحوالى 375 كيلو متر ، تحدها من الشمال محافظة المنيا ، 
ومن الجنوب محافظة سوهاج ، أما ناحية الغرب فتوجد الصحراء الغربية ، ومن الشرق الصحراء الشرقية ، وتتكون من عشرة مراكز من الشمال إلى الجنوب ، ومن الشرق إلى الغرب وهى : ديروط ، القوصية ، منفلوط ، أبنوب الفتح ، ساحل سليم ، أبوتيج ، البدارى ، صدفا ، الغنايم  . 

وقد اكتسبت أسيوط أهميتها فى مصر القديمة ، لما لها من موقع متوسط بين أقاليم الصعيد ، و لكونها مركزاً للقوافل المتجهة إلى واحات الصحراء الغربية ، ثم إلى السودان ، حيث كانت على رأس درب الأربعين ، وهى الآن ثالثة المدن المصرية ، بعد القاهرة والإسكندرية .

أولاً العصر المصرى القديم


لقد قامت أسيوط بدورها السياسى قبيل بداية العصور التاريخية ، وفى عصر الثورة الاجتماعية الأولى ، و لكنها فى الحالين كانت حليفة لمدن أقوى منها ، مثل "  نخن  " 
( البصيلية )  "  وثنى  " ( أبيدوس ) قبل بداية الأسرات ، ثم إهناسيا فى عصر الانتقال الأول ، حيث شاركت  فى الحرب الأهلية ضد طيبة .


وأصبح أميرها  " خيتى الثانى"  على أيام  "  مرى كارع  " بمثابة القائد الحربى لمملكة إهناسيا فى الفترة من (2280 – 2053 ق . م ) ، ثم ظلت لأسيوط مكانتها كعاصمة للإقليم الثالث عشر ، طوال العصور الفرعونية ، فضلاً عن أيام البطالمة  والرومان ، حيث احتلت مركزاً فريداً .


 فقد كانت تمثّل البوابة  الشمالية لإقليم مصر العليا ، ومديرية تابعة لذلك الإقليم ، وخلال ذلك العصر أسهمت أسيوط فى ازدهار كثير من الصناعات ،  ورواج كثير من التجارات ، واستخراج الأحجار ، فضلاً عن مركزها الجمركى الذى عبرت منه البضائع من الشمال إلى الجنوب . 

وفى ظل النظام المركزى المتشدد الذى تعاظمت أحواله أيام الرومان ، سيطرت الحكومة المركزية على الصعيد الذى نشط فيه المتمردون والثوار ، وحازت أسيوط على خمسة أقاليم كاملة ، تبدأ بالاقليم العاشر من أقاليم مصر العليا ، فى الجنوب ، حتى الإقليم الرابع عشر شمالاً. 

وقد عُرفت قديماً باسم ساوت ( sawt ) و هو اسم عاصمة الإقليم و تعنى المحروسة  أو المحمية ، على اسم المفعول والحارسة ، أوالحامية على اسم الفاعل ، ونقلتها الأشورية بالمنطوق ( si- yaa – tu) .


وكانت مدينة أسيوط عاصمة المقاطعة الثالثة عشرة و المركز الرئيس لعبادة أوب واوات أو( أبوات ) المرشد للموتى ، أو إله الموتى ، حيث كان شديد الصلة بالإله أنوبيس ، 
وكان أوب وواوات يُمَثّل بشكل الذئب ويُرمز له بابن أوى  .
 وقد ذكرت قوائم مديريات مصر العليا فى العصر الفرعونى ، أنّ الحدود الإدارية لمديرية أسيوط كانت تمتد من جنوب القوصية  ( atef  –  pehu)  حتى  كاو الكبير
 (tu – ph) .

ثانياً العصر اليونانى و الرومانى


يتضح من قوائم العصر اليونانى و الرومانى أنّ الحدود الإدارية لأسيوط امتدت  من جنوب هرموبوليس "  الأشمونين  "  إلى شمال أفروديتوبوليس " إدفا " ، وقد أطلق عليها اليونان اسم ليكو  ، ووردت lecoy) ، lykoy ،  lykw) ، وليكوبوليس ((lycopolis   ، وسمّاها الأقباط سيوت ( ( siout  .


حيث تحدثت عنها الوثائق القبطية ، وورد ذكرها فى السنكسار ، نتيجة العداء الذى حدث بين ميليتيوس (meletius) مطران أسيوط ، وباباوات الإسكندرية وأُخذ منها الاسم العربى سيوط .و ينسب إلى أسقف أسيوط النزاع الميليتى ، الذى نشأ حول طريقة معاملة الراغبين  فى العودة إلى المسيحية ، بعد أن ارتدوا عنها لأسباب مختلفة فى فترة الاضطهاد الأكبر .

وأراد ميليتيوس أن يجعل من نفسه أسقفاً أعلى لمصر ، وأن ينقل إلى أسيوط ما كان للإسكندرية  من حق فى تعيين الأساقفة ، فغضب البابا بطرس فى  ذلك  الوقت ، وكان فى السجن وقرر عزله من منصبه ، غير أنّ الأسقف الأسيوطى لم يُذعن لقرار العزل ، وملأ طيبة و المناطق المجاورة بالاضطراب والقلاقل ، ولم يكتفِ برسامة القسوس ، بل صار يُسيم أساقفة ، وكان من نتيجة ذلك أنّ ثلاثين من هؤلاء الأساقفة صرحوا باستقلالهم عن كرسى الإسكندرية .

ثالثاً العصر الإسلامى


اهتم بها الكثير من الرحالة و المؤرخين فى العصرالإسلامى ، حيث ذكر الكندى فى كتابه ولاة مصر أنّ الدنيا لمّا صُورَّت إلى الخليفة هارون الرشيدى ، لم يُعجب 
ويَستحسن  إلا كورة أسيوط ، التى كان يزرع بها الكتان ، والقمح و أنواع كثيرة من الغلال ، وزارها ناصر خسرو فى طريق عودته من مصر عن طريق مكة ، فقال وقد بلغنا مدينة تسمى  أسيوط يُزرع فيها الأفيون ، وينسجون عمائم من صوف الخراف لا مثيل لها فى العالم  .

كما وصفها الإدريسى بأنها مدينة كبيرة ، عامرة ، جامعة لكل المحاسن ، كثيرة البساتين تقع على الضفة الغربية للنيل ، و ذكرها ابن مماتى أنها من أعمال الأسيوطية ، و كانت أسيوط من متنزهات أبوالجيش خمارويه بن أحمد بن طولون  ، ووصف أسواقها ابن بطوطة بأنها كانت بديعة ، أما القزوينى فقد حصر عدد كنائسها بسبع و خمسين كنيسة ، خاصة بالنصارى  فى  ذلك الوقت و هو القرن السابع الهجرى . 

ووردت فى صبح الأعشى أنّ مقر ولاية الأسيوطية هى مدينة اُسْيوط ، بضم الألف
 وسكون السين ، وإثبات الألف فيها هو الجارى على ألسنة العامة بالديار المصرية ، 
والثابت  فى الدواوين حذفها و موقعها فى الإقليم الثانى ، من الأقاليم المصرية السبعة ، 
وطولها إحدى وخمسون درجة ، وخمس وأربعون دقيقة ، وعرضها اثنتان وعشرون درجة وعشر دقائق ،  وهى مدينة حسنة فى البر الغربى من النيل على مرحلة من منفلوط ، بها مساجد ، ومدارس ، وأسواق ، وقياسر ، وحمامات ، وفى القرن التاسع الهجرى كانت سكناً لنائب الوجه القبلى ، وبها قاضٍ مستقل .  

ومدينة أسيوط قاعدة قسم من أيام الفراعنة ، ثم قاعدة كورة ، ثم قاعدة عمل ، ثم قاعدة ولاية فى العهد العثمانى ، وفى سنة (1133 هـ ) ، (1721 م ) أجرى محمد باشا النشانجى والى مصر تعديلاً فى تقسيم أقاليم الوجه القبلى، بنقل قاعدة ولاية أسيوط من مدينة أسيوط إلى جرجا ، واُلْحقت قرى القسم الشمالى من ولاية أسيوط إلى ولاية المنفلوطية ، وقرى  القسم الجنوبى  بما فيها مدينة أسيوط إلى ولاية جرجا . 


وفى سنة (1220 هـ) حين تولى محمد على باشا حكم مصر ، لم تكن أسيوط ضمن الولايات التى يتكون منها القطر المصري ، فى عهد الدولة العثمانية ، وأُطلق عليها خلال هذه الفترة اسم كاشفية  ، بل كانت مراكزها الحالية موزعة على الولايات الأخرى ، فكان منها مركزا ملوى وديروط تابعين لولاية الأشمونين ، ومراكز منفلوط ، وأسيوط ، وأبنوب ، تابعة لولاية المنفلوطية ، وكان مركز أبوتيج و البدارى تابعين إلى ولاية جرجا  .


وفى سنة (1241 هـ) ، ( 1826 م ) صدر أمر عال بإنشاء مأمورية أسيوط و جعلت مدينة أسيوط قاعدة لها ، وفى سنة (1249هـ) ، (  1833 م ) سُميت المأمورية بمديرية أسيوط  ، وقد أشار على باشا مبارك فى حديثه عن أسيوط إلى وجود أعداد كثيرة من الأقباط ، والإفرنج ، والأروام ، وقسيسون ، وقناصل ، لهم فيها معابد ، وكنيسة للنصارى اللاتين ، حيث مارس الأروام التجارة فى البغال والحمير ، أما الأقباط فكان منهم التاجر ، والصبّاغ ، والبنّاء ، والنقاش ، والنجار . 


وفى عهد إسماعيل باشا دخل مراسلون أجانب من البروتستانت كان أشهرهم  يوحنا هوج الإسكتلندى الذى ذهب إلى أسيوط  سنة ( 1865 م ) ، واتخذها مركزاً لعمله ، وكان يود أن ينشر عقيدته البروتستانتية فى داخل الكنيسة القبطية ، حيث بنيت فى ذلك الوقت كلية أسيوط الأمريكية ، واُستخدمت لنشر المذهب البروتستانتى . 

 

ولمّا صدر الأمر العالى فى رجب سنة (1241هـ) بإلغاء الولايات ، وتقسيم القطر المصرى إلى أربع وعشرين مأمورية ، جُعلت أسيوط مأمورية قائمة بذاتها ، ثم قُسّمت إلى ثلاثة أقسام ، قسم نصف أول ويضم أسيوط  وأبنوب ، وقسم نصف ثانى  ويضم بلاد مركز أبوتيج ، وقسم شرق ويشمل بلاد مركز البدارى ، وفى سنة (1247هـ) صدر أمر عال بضم مأموريات أسيوط و منفلوط  و الأشمونين ، بعضها لبعض ، لتصبح مأمورية واحدة باسم مأمورية أسيوط .


وفى سنة (1826 م ) اُنشىء مركز ديروط باسم  قسم  ديروط ، و جعل مقره بلدة ديروط ، و يشمل عدة بلاد من بلاد النصف الجنوبى من ولاية الأشمونين ، التى قُسّمت بين مديريتى أسيوط و المنيا ، و بناءً على منشور الداخلية الصادر فى 3 ديسمبر سنة (1889 م ) سُمىَ مركز ديروط اعتباراً من أول يناير سنة (1890 م ) حتى اليوم .


 واُنشىء مركز منفلوط سنة (1831 م ) باسم قسم منفلوط ، و مقره بلدة منفلوط ، 
ويشمل عدة بلاد تتكون منها ولاية المنفلوطية ، وبناءً على منشور الداخلية فى 3 ديسمبر سنة (1899 م ) ، سمى مركز منفلوط اعتباراً من أول يناير سنة (1890 م ) ، أما مركز أبنوب فقد اُنشىء سنة (1851م) باسم قسم أبنوب ، و جعل مقره بلدة أبنوب الحمام ، 
ويشمل البلاد الواقعة شرق النيل من مديرية عموم قبلى التى كان ضمنها أقسام مديرية أسيوط ، ومن أول يناير سنة (1890م) سمى مركز أبنوب .
author-img
نشأت للمعلومات التاريخية والأثرية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent