recent
موضوعات

الفن القوطى وزخارف الباروك والركوكو

 نشأة الفن القوطى : 

يُعد المرحلة الأخيرة من فنون العصور الوسطى ، حيث ظهر هذا الفن بداية من عام 1140م في باريس وانتشر خلال القرن الثالث عشر الميلادى في جميع أنحاء أُوربا ، واستمرت الفترة المبكرة من الفن القوطى حتى عام 1200م ، وازدهر في عام 1250 ثم بدأت فترة الانتهاء لهذا الفن  بعد عام 1250م ، وتُعد كاتدرائية نوتردام بطرازها المعمارى المتميز وزخارفها الرائعة وزجاجها الملون والمعشق وطرز زخرفة أحجارها المفرغة والمخرمة من روائع الفن القوطى ، وقد تميز هذا الفن بالخروج على القواعد الكلاسيكية اليونانية والرومانية ولم يكتفى فقط بالعمارة بل امتد إلى فنون أخرى مثل النحت والتصوير والزخرفة . 

وفى نهاية القرن الثانى عشر وبداية القرن الثالث عشر الميلادى ازهرت وترعرعت مراكز حضارية في أثينا والإسكندرية وروما وأنطاكية والقسطنطينية ، وفى نهاية القرن الثانى عشر الميلادى أخذ الملك فيليب أُوغسطس ملك فرنسا على عاتقه في تجهيز باريس لتكون عاصمة فرنسا فقام بتشييد أسوارها وصارت ذات أهمية كبيرة بعد تشييد كاتدرائية نوتردام البديعة وجامعة باريس ، وينسب البعض العمارة القوطية إلى القوط وهم من الشعوب الجرمانية التي استوطنت في بداية الأمر مصب نهر الفستولا ، ثم انتقل بعضهم إلى جنوبي شرق أوربا ، وقام البعض الأخر بغزو الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادى ، وبالرغم من نشأة هذا الطراز المعمارى في فرنسا إلا أنه قد أطلق عليه الطراز القوطى .

ويعتمد هذا الطراز المعمارى على استخدام العقود المدببة المستمدة من العمارة الساسانية والإسلامية ، واستخدام الأقبية المتقاطعة ، أما التصوير القوطى فهو من الفنون التي ازدهرت في القرن الثانى عشر الميلادى وامتدت إلى القرن السادس عشر الميلادى ملازمًا لإزدهار العمارة القوطية وباقى الفنون القوطية .

التصويروالنحت القوطى :

تميز فن التصوير القوطى عن الفن الرومانسكى باهتمامه بالإنسان ،والإرتباط بالطبيعة ،والثراء الفني في استخدام التفاصيل الخاصة به ،واستخدام الألوان الزاهية والزخارف الرائعة ،وقد استمد التصوير القوطى مصادره من تطوير فن زخرفة المخطوطات والدقة في تنفيذ الصور الكبيرة الحجم ، ومن النحت القوطى الذى تميز بمحاكاة الأشكال والمنحوتات الموجودة داخل الكنائس ، ومحاكاة الملابس التي برع المصور في ابرازها من خلال الحفر البارز والغائر، وقد تطور فن التصوير القوطى باختلاف الأماكن التي  تميزت به .

وفى القرن الخامس عشر الميلادى وهو فترة انتشار وازدهار هذا الفن لعبت فرنسا دورً مهمًا في انتشار هذا الفن إلى كل من ألمانيا وإيطاليا ، ويشمل التصوير القوطى في فرنسا أعمال الفنانين الخاصة بالمخطوطات مثل جان مالويل ، وجان فوكيه ، ومولان ، أما في إنجلترا فقد ظهر في أعمال المصورين المتأثرين بالمدرسة الفرنسية مثل لوحة ولتون ،  وفى الأراضى المنخفضة مثل أعمال " فان إيك ، وفان در فيدن ، وهوغو فان در غوس" ، وفى إيطاليا " لورنزيتى ، وسيمونى مارتينى ، وساسيتا ، وبيزانيلو ، وجنتيلى دا فابريانو " ، وفى أسبانيا " بدرو سيرا ، ولويس  دالماو " ، وفى البرتغال " نونيو غونثالفيت " ، وفى ألمانيا "ستيفن لوكنر ، وماتيا سغرونيفالد" ، وتميزالنحت القوطى بالعمق والإهتمام بالظل والنور وتأثيره على الأشكال . 

الطراز القوطى في مصر: 

انتقل هذا الطراز إلى مصر فى القرن التاسع عشر، بسبب سيادة هذا الطراز فى أوربا بشكل عام، وفى إنجلترا بشكل خاص ، ونتيجة لوقوع مصر تحت الاحتلال البريطانى سنة 1882، انتقل إلى شتى المنشآت التى شيدت فى نهاية القرن التاسع عشر، وتميزت عناصره بكثرة استخدام العقود المدببة، التى تتقاطع فى بعض الأحيان، وبعض هذه العقود ذات جنازير متتابعة، يبرز بعضها عن بعض، وتشبه أعواد الخيرزان ، تحيط بحافة العقد، وكثرة استخدام الأعمدة المركبة، والمجمعة مع بعضها البعض، بشكل حزم نباتية . 

العناصر المعمارية في الطراز القوطي : 

تميز الطراز القوطي بالعقد المخموس ذو التاثير الكبير على شكل الأسقف ، وفتحات الشبابيك والأبواب ، كذلك فان تدرج بواطن هذه العقود المخموسة والأكتاف التي تحملها الذي ابتدأ في الطراز الرومانسكي الذي سبق الطراز القوطي حيث أخذ في التطور والتقدم فأصبحت الأكتاف ذات مساقط افقية مركبة بها أعمدة صغيرة منفصلة أو متصلة ذات تيجان . 

العقد في الطراز القوطي : العقد المدبب كان المظهر العام للطراز القوطي وقد بدأ استعمال العقد المدبب في اوروبا قبل أواخر القرن الحادى عشر باستعماله في الأقبية لمباني " جنوب فرنسا وقد بدأت العقود المدببة على شكل مخموس مرتفع، أو مخموس منخفض ،ثم انتظم شكلها فأصبح العقد المخموس متساوي الأضلاع ، وبدأ استعمال العقد المخموس ذو الأربعة مراكز في انجلترا بعد ذلك التاريخ و المعروف بالعقد التيودوري .

أما في فرنسا فاستخدم العقد ذو الثلاث مراكز ،وقد تميزت العمارة القوطية باستعمال العقد المدبب في الزخرفة ، وظهرت أنواع مختلفة من العقود الثلاثية ،وكذلك العقود الخماسية،وتختلف العقود القوطية عن العقود الرومانية القديمة التى كانت على مستوى واحد مع الحائط ، أما العقود القوطية فتتكون من عدة جنازير في مستويات مختلفة. 

الأقبية : كان استخدام الأقبية للتسقيف من معالم الطراز القوطى والرومانسكى ، وقد مر القبو بمراحل متعددة من التطور حتي وصل الي استخدام العقد المدبب أبرز معالم الطراز القوطي ، وقد بنيت بعض الأقبية في العصور الوسطى مع تغطيتها من الخارج بالقرميد وحمايتها بسقف خشبي من الخارج ، والعقد المدبب يُعّد من أهم معالم الطراز القوطي حيث استعمل لجميع أنواع الفتحات ، والأشكال الزخرفية ، وفى الاقبية .

الأعمدة القوطية : تميزت الأعمدة القوطية بأنها مستقيمة غير مسلوبة ، ذات خشخانات رأسية أو حلزونية أو منكسرة أو على أشكال معينات

العمارة القوطية في فرنسا :  

ظهر الطراز القوطى بين القرن الحادي عشر والرابع عشر وقد تأثر الطراز القوطي فيهما بجميع مظاهر الطراز القوطي في اوروبا عامة ،وكذلك تأثر بالعوامل الموجودة في فرنسا خاصة ،وقد مر الطراز القوطي في فرنسا بثلاث مراحل المرحلة الأولي وهى الطراز القوطي المبكر 1163-1250 م ،والمرحلة الثانية وهى الطراز القوطى المزدهر 1250- 1375م،والثالثة وهى الطراز القوطي الأخير 1375-1515 م ، وقد كانت فرنسا أول من وضع أُسس وقواعد هذا الطراز، وقد اهتم المهندس الفرنسي بتصميم واجهات الكنائس .

وظهرت معظم مساقطها الأفقية علي شكل حرف h" " ، ويبرز علي جانبيها برجان مرتفعان علي امتداد أكتافها العمودية تتوسطها المداخل العامة ثم النوافذ تعلوها شرفات ذات أعمدة رشيقة متشابكة أقواس أعتابها علي شكل عقود مدببة ، وقد برع المهندس الفرنسي في تنفيذ العقد وتشكيل تاج العمود المركب ،وكانت الزخارف متأثرة بالزخارف الرومانية الكلاسيكية المستمدة من الطبيعة والعناصر النباتية .

أمثلة للعمارة القوطية في فرنسا " كنيسة نوتردام في ديجون" : بنيت الكنيسة عام 1220 م وهي تاخذ الشكل الصليبي ، وذات عقود دائرية ومدببة لتزيين المداخل والواجهات ،حيث يظهر في المدخل ثلاثة عقود مدببة أكبرهم أوسطهم ،ويبلغ ارتفاع الكنيسة ثلاثة أدوار بالإضافة الي ارتفاع الأبراج الموجودة بها المغطاة بهرم مخروطي الشكل ، وتتميز بكثرة النوافذ المزخرفة بالزجاج الملون مع وجود نوافذ دائرية كبيرة لإضاءة الصحن والهيكل في الواجهة الشرقية .

التسقيف : استخدمت الأقبية في التسقيف حيث يُغطي الصحن قبو متقاطع ،ويتم التغطية من الخارج بسقف خشبي مائل مغطى بالقرميد ،كما سقفت الممرات بالاقبية وبالسقف المائل وظهرت الركائز الساندة الطائرة لتوزيع الأحمال بسبب الإرتفاع الكبير

كنيسة مادلين : توجد كنيسة مادلين في منطقة فيزلي وقد بنيت ما بين 1180-1200 م ومسقطها الأفقي على شكل صليبي و للكنيسة ممر بكل جانب من جوانب الصحن ، وللكنيسة هيكل واحد نصف دائري .

كنيسة باونتجني ابيي : ذات شكل صليبي في تخطيطها الافقي ،وبها هيكل رئيس يُقابل الصحن ولايوجد منور أو ابرج للانارة عند تقاطع الصليب ، ويكاد يكون وجود الأبراج في هذه الكنيسة معدوم وقد استخدمت العقود المدببة بهذه الكنيسة سواء في الأقبية والنوافذ والأبواب الخارجية . 

كنيسة روين : شُيدت ما بين 1200-1230 م وتميزت بكثرة زخارفها ، وخاصة الواجهات ، وتعدد الأبراج وارتفاعها ،حيث توجد ثلاثة أبراج علي الصحن تنتهي بشكل هرمي ، كما يوجد بها عدد من التماثيل والحليات والزخارف .  

العمارة القوطية في إيطاليا :  

يُعد دير القديس غاليانو الذي بناه رهبان فرنسيون عام 1224م، أول بناء اعتمد العمارة الإيطالية القوطية التي بلغت النضج في القرن الرابع عشر في أبنية مثل: كاتدرائيات سيينة وفلورنسة وأورفييتو وهي من الطراز القوطي الفرنسي المتموج الزخارف، وأما العمارة القوطية المدنية فتبدو جلية في القصور التي تمتاز بأبراجها ذوات الشرفات كما في سيينّة وفلورنسة (القصر القديم Palazzo Vecchio) وفي فيرونة وبولونية. 

وكانت إيطاليا أقل اهتمامًا بالفن القوطي الذي انتشر في الكثير من البلاد ، إذ لم تكن أنماطه الصريحة تتفق مع التقاليد الفنية لدى الشعب الإيطالي ،ومن أكثر الأعمال الإيطالية القوطية تميزًا كاتدرائية ديومو Duomo في ميلانو التي شيدها أول دوق لميلانو عام 1386م، وهي من أكبر الكنائس في أوروبا، ثم كاتدرائية القديسة ماريا دل فيوري Maria del Fiore في مدينة فلورنسة التي صممها المعماري أرنولفو دي كامبيو Arnolfo di Cambio ، وكاتدرائية سيينّة وهي من أشهر الكنائس القوطية في إيطالية ،ويرجع ازدهار النحت القوطي الإيطالي إلى أسرة بيزانو وهم نيقولا ،وجيوفاني ،وأندريا ، ونينو، وإلى جاكوبو ديللا كويرشيا وأندريا أوركانياA.Orcagna من مدينة فلورنسة.

العمارة القوطية في انجلترا :  

طور الإنجليز طرازًا قوطيًا محليًا متميزًا في كاتدرائية لنكولن أولاً، ثم في كاتدرائيات أُخرى مثل كاتدرائيات ويلز وسالزبري ،وظهر الطراز الإنجليزي المزين ، وهو المقابل للرايوننت ويتميز بتعرجاته في كاتدرائيات بورك وإكستر وويلز،واستمر هذا الطراز حتى القرن الرابع عشر الميلادي حيث سبق وتزامن مع طراز إنجليزي آخر، وهو ما يُعرف بالعمودي نسبة لطريقة الزخرفة التشجيرية العمودية المعقدة على الجدران والأسقف ، ويوجد مثال لهذا الطراز في كنيسة كلية الملك في كمبردج.

الباروك : 

من الطرز المعمارية والفنية التى وفدت إلى مصر فى القرن التاسع عشر، ومعنى كلمة باروك من الناحية اللغوية اللؤلؤة غير المنتظمة، وهذا المعنى يعكس الهدف الأصلى من هذا الأسلوب الفنى وهو الخروج عن التناسق والنظام والرزانة التى تميز بها الفن الكلاسيكى أى المشوه غير المنتظم، وقد انتشر فى معظم أوربا فى غضون الفترة من القرن السابع عشر حتى منتصف القرن الثامن عشر، وهو طراز يجمع بين الفن الكلاسيكى ، والقوطى ، والنهضى ، ويتميز بالثراء المعمارى والفنى والبهجة ، ويتميز بتكرار الشكل الزخرفى ، وازدحام العناصر الزخرفية والكرانيش ، والجمع بين التماثيل والزخارف والحليات فى تكوين متكامل وكثرة تشابك الزخارف، واستعمال وحدة المحارة بكثرة، وورقة الأكانتس المتشابكة، كما يتميز بالألوان البراقة من الذهب والفضة. 

الركوكو: 

من الطرز المهمة التى وفدت إلى مصر فى القرن التاسع عشر، وعرف فى مصر بصورتين الركوكو الأوربى، والركوكو العثمانى (الرومى)، وقد اشتق لفظ الركوكو من كلمة  Rocaille وهى تعنى أشكالاً محارية أو صدفية ، وهو يمثل المرحلة الأخيرة من التطور الذى بدأ فى عصر النهضة ، وأخر أسلوب فنى شامل عرفته أوربا، وانتشر فى فرنسا فى القرن 18م ، وقد انتقل إلى مصر كل من الطرازين الأوربى  والتركى فى القرن التاسع عشر.

author-img
نشأت للمعلومات التاريخية والأثرية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent