recent
موضوعات

العشاء الأخير فى الفنون المسيحية


العشاء الأخير:


إنّ طقس العشاء الأخير هو طقس التناول  فى الكنيسة ، وهو تمثيل  رمزى عبارة عن تناول كسرة من الخبز ترمز  إلى  جسد المسيح ، وجرعة من النبيذ ترمز إلى دمه ، وهو الاتصال الضرورى للخلاص ، وكانت المسيحية تؤمن أنّ الإنسان فاسد بالفطرة ، وأنّ العشاء الأخير هو فقط الذى يُمَكّنه من المشاركة فى استحقاق افتداء المسيح . 


كذلك أطلق عليه العشاء السرى ، لأنّ المقصود هو سر التناول و هو من أسرار الكنيسة، حيث أعطى المسيح  لكل  واحد من تلاميذه  خبزة واحدة و كأساً واحدة من عصير العنب الأحمرغير المسكر ، وهى الحكمة  الأساسية فى موضوع التحول ، و ذلك بحلول النعمة الألهية على الخبز و الخمر، فيتحولان إلى جسد المسيح ، و إلى دمه ، بوصفه شجرة الحياة ، و ترجع أهمية العشاء الأخير ، أو الربانى  ، كما ورد بالإنجيل إلى أنّه يمنح الإنسان حق الحياة الأبدية .

وقد أشار الإنجيل إلى موضوع العشاء الأخير ، و لم يرد لفظ العشاء إلّا فى إنجيل يوحنا " فحين كان العشاء " ،  " قام عن العشاء " ، وسُمى بالأخير لأنه أخر عشاء تناوله المسيح مع تلاميذه ، فقد كان رؤساء الكهنة  والكتبة  من اليهود يطلبون المسيح ، وقرب عيد الفطير " الفصح "مضى  يهوذا الأسخريوطى ، وهو من الاثنى عشر تلميذًا ، وتكلم معهم ومع قواد الجند ليدبر كيف يقوم بتسليم المسيح إليهم مقابل ثلاثين من الفضة. 

وقد رتَّب بعض الفنانين الرسل حسب إنجيل ( مت 10:  2 – 4 ) ، ( لو 6  : 12 – 16) ، ( أ ع  1 : 12) ، حيث يُصَّورالقديس بطرس دائماً قرب السيد المسيح على اليمين ، و يوحنا الحبيب على يساره ، و يقف أندراوس إلى اليمين من بطرس ، ثم يعقوب بن زبدى ، وفيلبس  ، وبرثلماوس ، ويقف توما عن يسار يوحنا الحبيب ،  بن حلفى ، وتداوس ،  وحل متياس محل يهوذا الإسخريوطى  ، ثم  متى .

وبالرغم من ندرة ما وصلنا فى تصوير هذا الموضوع ، فقد تناوله الفنانون خلال فترات متعاقبة ، حيث كان المسيح يُرسم فى مركز الحلقة فى منتصف قمة المائدة وسط التلاميذ ، ويجلس المسيح فى مركز الصورة فى قمة الدائرة فى الصورة الغربية من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر .

ويظهر هذا الوضع فى بعض الكنائس البيزنطية من القرن الثالث أوالرابع عشر كما رسمها الفنان الإيطالى  ليوناردو دافنشى  سنة (1495 – 1498 م) ، وأحياناً يجلس على اليسار، كما فى صورة سريانية من القرن الثانى عشر محفوظة بالمتحف البريطانى تحت " رقم 7169 "  .

وفى الصور الشرقية كما فى مخطوطة أرمينية سنة (1038 م) ، وفى بعض كنائس كبادوكية ، وكنيسة سان مارك بالبندقية فى القرن الثالث عشر ، وتظهر المائدة على شكل دائرة كاملة حسب نموذج لاتينى قديم من القرن السادس أو السابع ، ورسم الفنان الغربى منذ القرن العاشر حتى الثانى عشر المائدة على هيئة مستطيلة .

وتوجد ورقة من مخطوطة ترجع إلى القرن الثانى عشر تمثل العشاء الأخير، حيث يُعطى المسيح لتلاميذه من الخبز المقدس ، و هى تحمل كتابات قبطية وكتابات عربية بخط رفيع ، ويجلس المسيح خلف مائدة مستطيلة يضع يده فوق رأس تلميذه بطرس يقدم له الكأس ، وهى محفوظة بالمكتبة الأهلية بباريس برقم (copte 13f " 77 r.) .

كما يوجد نقش يمثّل العشاء الأخير على قطعة من خشب الأبنوس محفوظة بكنيسة أبوسرجة ، ترجع إلى القرن العاشر الميلادى  ، ويوجد بالدير الأحمر " دير القديس بيشوى " بالجزء الشرقى داخل نصف القبة بالجزء العلوى تمثّل العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلاميذه الأثنى عشر و ملاكين حول المسيح . 

وتوجد أيقونة تمثل العشاء السرى بكنيسة أبى سيفين فى مصر القديمة من المجموعة السفلية التى تعلو حجاب الهيكل ، طولها 53,3 سم ، وعرضها 31,2 سم ، بها كتابة عربية من أعلى ، تقرأ  " العشاء السرى  "  ، حيث يجلس المسيح فى منتصف المائدة يمسك بيده اليمنى كأساً ، وقد كُتب اسمه أعلى الهالة " المسيح " ، ويحيط به تلاميذه ستة عن اليمين وستة عن اليسار ، وفوق المائدة خمس قطع من الخبز وطبق دائرى ، وهى ترجع إلى القرن 18 م . 

ومن المعروف أنّه فى كل الصور القديمة كان السيد المسيح  يصور على شمال المنضدة نصف الدائرية ، و فى وسط المائدة رمز السيد المسيح و السمكة بدلاً من الخبز و الكأس ، أمّا الصورة السائدة الآن فى الكنيسة القبطية  الأرثوذكسية فلا تضع الأوعية الكثيرة على المائدة ، لأنّها بهذا الشكل لا تمثّل العشاء الأخير ، بل تصور الفصح ،  و لهذا فهى تصور وعاء الكأس الخاص بالخمر و صينية تمثّل وعاء الخبز . 

وتوجد أيقونة بكرسى الكأس فى كنيسة بنى محمد - مركز أبنوب - محافظة أسيوط ،وهى من عمل الفنان " أسطاسى الرومى " ، حيث سار الفنان على التقاليد السابقة نفسها فى تناول موضوع العشاء الأخير ، فالمسيح يتوسط المائدة التى أخذت الشكل المستطيل فوقها كأس و قطعتان من الخبز . 

وأضاف الفنان للصورة أريكة بالجانب الأيمن ، وأخرى بالجانب الأيسر، يجلس على  كل منها اثنان من التلاميذ ، وهى طريقة لم تكن معهودة من قبل ، فى تصوير هذا الموضوع ، كما رسم يوحنا الحبيب أحد تلاميذ المسيح  بطريقة توحى بمدى قربه من المسيح وحبه له .

حيث يضع رأسه فوق كتف المسيح ، " فالتفت بطرس ، ونظر التلميذ الذى كان يسوع يحبه يتبعه ، وهو أيضاَ الذى اتكأ على صدره وقت العشاء " ، وهذا يؤكد مدى الثقافة الدينية والمعرفة الواسعة التى يتمتع بها الفنانون حيث نقلوا الكلمات الواردة بالأناجيل إلى  صور مرئية  لتعليم  المسيحيين . 


وتتشابه مع هذه الأيقونة تماماً من حيث الأشكال وملامح الوجوه والملابس وطريقة ارتدائها أيقونة كرسى الكأس المحفوظة بكنيسة السيدة العذراء العدوية على كرنيش النيل بالمعادى ، وتحمل أيضاً توقيع الفنان  "  أسطاسى الرومى  " .
author-img
نشأت للمعلومات التاريخية والأثرية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent